هناك مثل شعبي شهير يقول "قلبي على ولدي انفطر وقلب ولدي علي حجر" فيه يعكس الآباء صورة الحياة حين يموت الوالدين حبا وعطفا وحنوا على الأبناء صغارا وكبارا، ثم ما يلبث الأبناء أن ينشغلوا بعيدا غير مقدرين لمدى لهفة والديهم عليهم، أما ما نحن بصدد الحديث عنه فهو ما يناقض الطبيعة البشرية حين يواجه بعض الأبناء القسوة والجفوة وأحيانا الكره والغيرة من أقرب الناس إليهم، من والديهم، حينها يقع الأبناء في حيرة وتستحيل حياتهم جحيما..
لذلك نقدم في السطور التالية بعض الخطوات التي قد تساعد هؤلاء الأبناء في التعامل مع قسوة الآباء وجفوة الأمهات، ربما يستطيعون بحنانهم أن يطهروا آباءهم من القسوة، وينجحون بحبهم في محو المشاعر السلبية التي تسيطر على قلوبهم.. البر في جميع الأحوال بداية يجب أن نتفق على أننا كأبناء مأمورون ببر الوالدين حتى وإن كانا كافرين، لكن في المقابل فإن الله تعالى بالمؤمنين رءوف رحيم ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. - علينا أن نصبرعلى إيذاء الآباء فقد أمرنا رسولنا الكريم بكظم انفعالاتنا بشكل عام، لذا فمن باب أولى الصبر على إيذاء الآباء مهما بلغوا من شدة، لأن الشدة يعقبها ضعف، وفي النهاية سيغلب حنانهم قسوتهم. - يجب على الأبناء ألا يردوا السوء بمثله مع الآباء. فإذا كان الصبر فضيلة ينبغي أن يتحلى بها المرء في تعامله مع الناس، فالأولى أن يتحلى بها الأبناء مع آبائهم حتى ينالوا الأجر الكريم والثواب العظيم. طهر نفسك من المشاعر السلبية - أما إذا اشتد الإيذاء وبلغ حد الخطورة فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وعندها تنصحك وفاء أبو موسى ،المستشارة النفسية، بعدة نصائح: - ألا تجعل الحساسية النفسية المفرطة تسيطر على مشاعرك حين تواجه قسوة والديك، لأن تلك الحساسية تضعف جهاز المناعة النفسي المؤدي إلى قوة التحمل ومواجهة المشكلات الحياتية، وغالباً يتم التحكم في تلك المشاعر السلبية في كشفها أولاً والوقوف عليها ثم طردها من الذات بدافع الرغبة في حياة شخصية أفضل. - إحرص على النظام والتفوق وتطوير الذات، فالآباء يفضلون الأبناء الواثقين من أنفسهم.. وإذا وضعت لنفسك نظاما خاصا ينبع من ذاتك تضع فيه كافة القوانين التي تفضلها بما يحقق أهدافك المستقبلية ويطور منها، عندها يرى الوالدين قدرتك على تحمل المسؤولية، ويلفت نظرهم نظام إدارتك لحياتك فلا يصبوا جل أنظارهم على الأخطاء فقط، وبذلك تبدأ قسوتهم في الفناء تدريجياً. - مواجهة قسوة الوالدين بالحب والرحمة، لأن القسوة ليست من فطرتهما ولكنها مكتسبة نتيجة ظروف خاصة عاشها أحدهما أو كلاهما، وهم عادة ينتهجون ذلك الأسلوب بدافع حمايتك من قسوة الحياة، فهم يقسون عليك كي لا تقابلك الحياة بقسوتها خارج محيط الأسرة. - تدوين الأشياء التي يفضلها والديك وكذلك الأشياء التي لا يفضلونها، ومحاولة التقرب منهما فيما يحبون، فإن أحب أباك لعبة التنس حاول تعلمها بمهارة كي تبهره بمتعة مشاركتك له فيها، وإن أحبا النظام وإتباعه كن حريصاً ألا تثير الفوضى في المنزل أو في غرفتك الخاصة، واحرص على أن يروا ما يمتعهم، ففي رضاهم راحتك وسعادتك ونجاحك بتميز. - اختار الوقت المناسب لطلب ما تريد من والديك وما ترغب في أن يساعدوك فيه، ولا تحملهم فوق طاقتهم، وكن لهم الابن الصديق حتى وإن كانوا شديدي اللهجة معك أو قابلوا طلباتك بسخرية، دائما اتبع أسلوباً مهذباً مهما كانت درجة السوء من قبلهم. - المشاركة الإيجابية، فاعلم أن الوالدين ذوي الطبع الحاد يعشقان أن يتحدثا عن تجاربهما، فهم مفعمون بالطاقة السلبية والمشاعر الحادة وهم في حاجة بين الحين والآخر لطرحها وتطهير أنفسهم منها، لذلك يكون رائعا لو طلبت من والدك أن يخبرك عن تجربة أثرت في حياته، وقتها يدرك أنك تشاركه مشاعره وتحترم خبرته وتقدرها، وأنه ليس منبوذا لديك بسبب قسوته. - كن حريصا على نفسك وأسرتك وابتعد عن اللامبالاة واشعر بشعور أفراد أسرتك وشاركهم مناسباتهم كأعياد الميلاد وفاجئهم بكل جميل، وتأكد أن المشاعر السلبية تنتهي إن وضعت أفكاراً ايجابية في حياتك من أجل حياة ومستقبل أفضل. - إن ابتعد والديك عنك أقترب أنت منهم ولا تترك نفسك في عزلة عن والديك بسبب قسوتهم أو بسبب كونك لا تجد طريقاً للحوار أو التفاهم في ما يخص حياتك، لا تخطىء فتنعزل في غرفتك الخاصة أو تخرج من البيت وتعود متأخراً، احرص على أن تكون بجانب والديك في كل شيء فالقسوة أو العقوق ليست حقيقة تعني رفضك بل حقيقة تعني رغبة في أن تكون الأفضل. أفكار للتعامل ومن جانبها تقدم د.دعاء راجح ،المستشارة الاجتماعية، بعض الأفكار التي تساعد الأبناء في كيفية التعامل مع الآباء من هذا النوع القاسي: - محاولة تغيير الفكرة المأخوذة أصلا عن الأب، فبدلا من رؤيته كإنسان ظالم ننظر إليه كونه مريضا، وهو مرض الغضب وعدم الرضا، فعندما نراه مريضا ستنقلب مشاعر الغضب والكره إلى مشاعر الشفقة والحب، وسيدفعنا ذلك إلى الدعاء له. - إتباع سياسة التجنب، وعدم الاحتكاك المباشر بهما بقدر المستطاع، فكلما تجنبت الوالد أو الوالدة وتجنبت كذلك ما يثير غضبهما كلما كنت في الجانب الأفضل، فإن شر الناس منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه. - تحين الوقت المناسب والذي يكون فيه الأب هادئا وحاول التودد إليه بلمسات بسيطة تعرف أنه يحبها، على سبيل المثال كوبا من الشاي.. قبلة على جبينه.. قبلة على يده.. تحضير ملابسه قبل أن يطلبها، لعل الله يفتح قلبه. - محاولة التعرف أكثر على الأب أو الأم، هل ساءت طباعهما من بداية الزواج أم قبل الزواج، وهل هذه الطباع السيئة تكون مع الجميع أم داخل البيت فقط، مع الأولاد فقط أم أنها مع الأصدقاء والعائلة، فهذا يساعد على التعرف على شخصيتهما أكثر وبالتالي معرفة ما يثيرهما داخل البيت ومحاولة الابتعاد عنه. - وأخيرا اللجوء إلى الله عز وجل بالدعاء المأثور (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال). وكذلك كثرة الاستغفار: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب).
إقرأ المزيد: عقوق الآباء.. بلاغات من الأبناء خبراء:تشريع لمواجهة عقوق الآباء أجيال تُركت في العراء اعترافات أم عاقة أهملتهم صغارا فعصوني كبارا.. تجربة أب العنف الأبوي يهدد 37% من الأطفال