تسأل القارئة ( ع . س) قائلة : زوجي شديد العصبية والنكد في رمضان بحجة الصيام وأن المزاح يفقد الرجل هيبته ووقاره، فهل هذا من الإسلام ؟ تجيب عليها – بمجلة لها - الدكتورعبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية، قائلة : من المؤسف أن بعض الملتزمين يعتقدون أن الدين يحرّم على الإنسان الضحك والمزاح باعتبارهما ضد الجدية، لهذا لابد أن يكون الملتزم عبوس الوجه وخشن الكلام بل وفظاً في معاملته مع الناس ومع زوجته وأولاده، ويحاولون تبرير ذلك بحديث الرسول، صلى الله عليه وسلم: «لا تكثر من الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب». ونجدهم يزيدون فيدخلون الغم على أنفسهم وأهلهم والمحيطين بهم، ويعتبرون ذلك طاعة يثابون عليها لأنهم طبقوا قوله تعالى على لسان قوم قارون: «لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين» آية 76 سورة القصص. ونسي هؤلاء أن الضحك من خصائص الإنسان ونعمة من نعم الله إذا كان باعتدال، ولهذا قيل: «الإنسان حيوان ناطق وضاحك»، وبالتالي يتوافق مع الفطرة، والمسلم الحق شخصية متفائلة ضاحكة. ولم يثبت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه كان عبوساً أو فظاً رغم همومه الكثيرة، بل كان يمزح ويضاحك أصحابه وزوجاته ولا يقول إلا حقًا. وقد وصفه أصحابه بأنه كان من أفكه الناس، وفي بيته كان صلى الله عليه وسلم يمازح زوجاته ويداعبهن ويستمع إلى أقاصيصهن. وجاء في كتب السيرة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يتسابق مع عائشة رضي الله عنها فسبقته مرة وسبقها مرة فقال لها "هذه بتلك". كما روي أنه حمل الحسن والحسين وهما طفلان على ظهره، وجعلهما يستمتعان باللعب، وعندما دخل عليه أحد الصحابة ورأى ذلك قال: نعم المركب ركبتما، فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم: "ونعم الفارسان هما". ولم يختلف حال الرسول ،صلى الله عليه وسلم، مع عامة الناس فروي أنه، صلى الله عليه وسلم، كان يمزح مع امرأة عجوز تقول له: ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال لها: يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز، فحزنت العجوز وبكت، فضحك الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأوضح لها أنها حين تدخل الجنة لن تدخلها عجوزًا بل شابة حسناء، وقرأ قول الله تعالى في نساء الجنة: "إنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا. عُرُبًا أَتْرَابًا" الآيات 35- 37 سورة الواقعة. وجاء في كتب السيرة "أن امرأة تدعى أم أيمن جاءت إليه، صلى الله عليه وسلم، وقالت: إن زوجي يدعوك قال: "ومن هو؟ أهو الذي بعينه بياض؟، قالت: والله ما بعينه بياض. فقال: بلى إن بعينه بياضاً. فقالت: لا والله. فقال صلى الله عليه وسلم: ما من أحد إلا بعينه بياض". وقد قصد الرسول، صلى الله عليه وسلم، البياض المحيط بحدقة العين. ومن هذا يتضح أنه، صلى الله عليه وسلم، كان يحب إشاعة السرور والبهجة في حياة الناس، وخصوصًا في المناسبات مثل الأعياد ورمضان .