ما أصعب أن يتساوي لدى البعض، الموت جوعا أو المكوث على حافة الموت بشريط قضبان قطارات السكة الحديد، ففي الحالتين الموت محقق، فتجاهل الدولة وعدم توفير فرص عمل، جعل أغلب الشباب يتسولون لقمة العيش، ويرتضون ويبحثون عن أي أعمال حتى لو كانت بين لحظة وأخرى تهدد حياتهم. حيث ينتشر الباعة الجائلون، على جميع مزلقانات السكة الحديد بمحافظة المنيا، فهم جناة في نظر الحكومة، ومجني عليهم في ظل ظروف قهرتهم وأرغمتهم على العيش، على القضبان تطاردهم اجهزة الدولة اينما كانوا، ونسيت انهم يبحثون عن لقمة العيش، دون توفير أماكن بديلة. ففي مدينة مغاغة أقصى شمال المنيا، وبجوار شريط السكة الحديد، يفترش الباعة بضائعهم، أشعة الشمس تحرق وتشوي وجوههم، يبدأ يومهم مع أذان الفجر، وينتهي في ساعات الليل الأخيرة، أعمارهم مختلفة منهم الأطفال والشباب والنساء وكبار السن. تقول علية محمد حسن، بائعة فاكهة، 50 عاما: أقيم بجوار بضاعتي كل يوم أنا وزوجي المريض، وأبنائي ال 5 بجوار شريط السكة الحديد، فزوجي يعاني من مرض مزمن جعله غير قادر على العمل، لم يحالفني الحظ في الحصول على شقة، ضمن شقق الأولى بالرعاية الاجتماعية التي تقدمها المحافظة، وأعاني من تعنت الأجهزة التنفيذية وكل يوم استغلال ومخالفات تصل الى ألف جنيه أسبوعياً والدولة لم توفر لنا المكان المناسب. وطالبت المحافظ بتوفير شقة قائلة: نفسي في شقة يا سيادة المحافظ، والله ما لاقية آكل ولا أشرب، ومحاضر المخالفات بتأخذ رزقنا كل يوم، ومن 5 صباحاً حتي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل في الشارع أواجه الموت في أي لحظة. وأضافت رحمة خلف، إحدى البائعات، قائلة: أكل العيش مر، واللي رمانا عليه أمر منه، ولكن المرافق لم ترحمنا، يومياً نعيش حالة من الكر والفر، وأكل العيش مر هو اللي رمانا على الخطر ده، ومضطرين نتحمله علشان أولادي ال 7 يعني هعيشهم منين، وطالبت محافظ المنيا بتوفير مكان آمن يعملون به، ومسكن يحميها وأبناءها. وتضيف حسنية محمد بمزلقان سمالوط: هنروح فين ونعمل إيه عارفين إننا بنتاجر بأرواحنا، ومن السهل أن تدهسنا عجلات القطار، ولكن الحياة صعبة وبتدهسنا كل لحظة، المصاريف والعيشة نار، ومفيش شغل، أنا أنفق على أولادي ال 4 في مراحل التعليم المختلفة بعد وفاة زوجي، ولم أجد سوى بيع الفواكه والخضراوات في كل مكان، لأنه مفيش مكان بديل ونطالب المحافظ بتوفير مكان بديل وآمن، نرتزق منه في أمن وأمان. واستطردت جمالات علي، بائعة بمطاي: هو فيه أكثر من أني وأنا قاعدة على فرش الخضار ببيع على المزلقان، إن القطار دهس وقطع ابني، وكان في السنة الأخيرة بكلية التربية، ونشر جسده الى اجزاء، منهم جزء وقع في فرش الخضار اللي فرشاه وببيعه، ولكن ده قدر الله، هنروح فين، هي دي حياتنا ولقمة عيشنا ربنا كتبها علينا تكون بهذا الشكل، ونفسنا ربنا يصلح الحال، ويتعمل لينا سوق خضار آمن بعيد عن خطر مزلقانات الموت.