«أم الصابرين».. هذا هو اللقب الذى تستحقه عواطف السيد.. الأم التى رزقها الله بثلاثة أولاد من ذوى الاحتياجات الخاصة إلا أنها صبرت وتحملت وتمزق قلبها ألف مرة وهى ترى فلذات أكبادها يعانون إعاقات مختلفة ولم تفتر عزيمتها ولم تبد حتى شعور بالضيق مما ابتلاها به الله.. لكنها شكرته.. وتحملت حتى أصبحوا شباباً. مشوار طويل من المشقة المصحوبة بالرضا.. استحقت عنه أم الصابرين أن تحظى بتقدير كل من حولها فهى بحق أم مثالية عز أن يجود الزمان بمثلها. كانت تحاول مداراة دموعها وهى تمسك إحدى ذراعيها.. تكتم آلامها.. لا تريد البوح.. لكننى علمت أن ابنها الأوسط مدحت سوهال محمد البالغ من العمر 25 سنة قد انتابته حالة تصيبه كثيراً، وهى عبارة عن نوبات صرع مصحوبة بتشنجات يهاجم فيها من حوله حتى أمه.. رغم ذلك تحتضنه وتحاول تهدئته وتقول ابنى.. وابن قلبى ماقدرش اتخلى عنه ولم أفكر أن أودعه أى مركز لرعايته فهو مسئوليتى أمام الله ولن أتخلى عنه «طول ما أنا على وش الدنيا». تحكى الأم قصتها مع ثلاثة أبناء جميعهم من ذوى الإعاقات المختلفة فتقول بصمود وصبر وضعف إنسانى تخفيه وراء ابتسامة «باكية» تزوجت عام 1984 ورزقنى الله بابنى الأول إلا أننى فوجئ بأنه معاق سمعياً ولا يستطيع الكلام وما أصعب أن تشعر بأن ابنك الأول الذى عشت عمرى أحلم بأن أسمع صوته وأسمعه صوتى لا يستطيع أن يقول لى كأى طفل ماما وتحملت وصبرت وكلفنى ذلك حجتى لكنى حمدت الله حتى رزقنى الله بابنتى الثانية منال والحمد لم تكن بها أى إعاقة وهى الآن طالبة بكلية تجارة عين شمس وفى عام 89 رزقنى الله بابنى الثالث مدحت وكان هو المشقة الأكبر فى حياتى حيث ولد يعانى من مشكلات فى القلب بالإضافة إلى الصرع وضمور فى المخ، وبدأت معه رحلة العلاج الطويلة وأجرى له الدكتور مجدى يعقوب جراحة كبرى فى القلب وبعد سنوات ابتلاه الله بجلطة جديدة، حاولت أن ألحقه بمدرسة للتربية الخاصة أو مدرسة للصم والبكم إلا أن طلبى قوبل بالرفض لأنه متعدد الإعاقات، وفى عام 1990 رزقنى الله بالطفل الرابع مصطفى وكان أيضاً من الصم والبكم. ورغم معاناتى مع أولادى إلا أننى كنت أصر على تعليمهم حتى طفلى الرابع حصل على دبلوم صنايع قسم تركيبات ميكانيكا. تزرف الأم المسكينة دمعة وهى تقول الحمد لله إننى أقف صامدة وعلمت أولادى وابنى الأكبر حصل على بكالوريوس التجارة رغم إعاقته لكن مشكلتى الأكبر الآن فى مدحت الذى يعانى منذ طفولته ولا أعلم السبب فيما أصابه من صغره، المشكلة أنه يصاب بحالة صعب التعامل معها بسبب نوبات الصرع، وأخاف عليه من ضعف قلبه فتتحول حياتى إلى جحيم ولا أستطيع التنقل به وأنا لم أدخر وسعاً فى السعى لعلاجه منذ طفولته حتى إننى سافرت به إلى لندن عن طريق مستشفى أبوالريش لكنى مازالت حالته شديدة الصعوبة ومؤخراً وجدت جسده يتورم وذهبت به إلى معهد ناصر فنصحونى أن أذهب إلى طبيب القلب، مشكلتى الآن ابنى حتى فى التنقلات اللازمة لعلاجى كانت تساعدنى سيارة نصف نقل كما كانت تعيننا على العيش حيث إن زوجى رجل ارزقى ومعاشه لا يتعدى 420 جنيهاً، إلا أن السيارة سرقت منذ عام 2013 وحررت محضراً بذلك فى أبوالنمرس، ورغم أن ابنى له قرار علاج على نفقة الدولة إلا أننى أشترى أدوية على حسابى ب700 جنيه مهدئات فضلاً عما أصابه من دوالى فى ساقه تتسبب فى نزيف دائم له. لقد حصلت على لقب الأم المثالية عن محافظة القليوبية.. وأشكر الجميع على تقديرى لكننى أعيش فى عذاب بسبب عدم قدرتى على التحرك بابنى مدحت فى حالته هذه وكنت قد تقدمت للحصول على سيارة معاقين، فقالوا لى «ماينفعش» لابد أن تكون الإعاقة فى اليد أو الساق، اتصلت بمسئولين فى الحكومة وأحدهم قاللى «احبسيه فى البيت» طلبات كثيرة وشكاوى تقدمت بها للجهات المسئولة ولم يسمعنى أحد..كل ما أطلبه سيارة للمعاقين تساعدنى فى التحرك بابنى بدلاً من بهدلتنا فى الشوارع والمواصلات فهل يرحمنى المسئولون مما أعانيه لقد رضيت بقدرى ويتحمل ثلاثة أولاد منهم من تهاجمه نوبات الصرع أكثر من خمس مرات فى اليوم ويتطلب علاجه الذهاب للأطباء والمستشفيات بشكل يومى.. أحياناً أقع على الأرض وأبكى.. لقد رضيت بقدرى عسى أن يجازينى الله خيراً فى آخرتى.. لكننى أطلب الرحمة من السادة المسئولين وتوفير سيارة معاقين ترحمنى من العذاب.