ناقش مختصون وباحثون أردنيون وعرب "سر جاذبية داعش- الدعاية والتجنيد"، ضمن مؤتمر عقد في العاصمة الأردنيةعمان، نظمته مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية (غير حكومية تأسست عام 1925 وتعنى بقيم الديمقراطية). وخلصت عشرات أوراق العمل إلى أن سر جذب تنظيم داعش للمقاتلين العرب والأجانب، يعود لمجموعة من العوامل، تستند بالدرجة الأولى إلى أزمة الشرعية التي تعاني منها بعض الأنظمة العربية، واستغلال الشحن الطائفي، وانقلاب بعض القوى على ثورات الربيع العربي، وعودة الحكم الشمولي في بعض البلدان العربية، وانتشار الحروب الطائفية في المنطقة، واضطهاد أهل السنة في العراقوسوريا، والتدخل الإيراني في المنطقة والتحكم بالقرارات السيادية لبعض البلدان العربية، ما أوجد في داعش ملاذاً لعدد من الشباب العربي، بحسب مراسل الأناضول الذي تابع مجريات المؤتمر. وفي أولى الجلسات قال الباحث الأردني المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، محمد أبو رمان "إن هناك ظاهرة مرتبطة بتنظيم داعش تتمثل بقدرته على تجنيد أعداد كبيرة من الشباب العربي وحتى من دول أوروبا، وهي قدرة عجزت عن تملكها تنظيمات إسلامية مختلفة ومنها تنظيم القاعدة". وأضاف "إن بعض الدول الوطنية العربية فشلت في تقديم الشرعية السياسية، مثلما فشلت في توفير الحاجات المعنوية والمادية لشعوبها، كما أن الدول الاستبدادية دفعت شبابها إلى العمل المسلح تحت الأرض، تحديداً في سورياوالعراق، ما شكل منابت خصبة لتنامي التوجه نحو داعش". وبيّن أبو رمان أن التنظيم "يتقن بناء الرسالة الإعلامية، والتعامل مع وسائل الاتصال الحديثة، فضلا عن مساهمة الثورات المضادة للربيع العربي في نموه". فيما قال الباحث الأردني المختص أيضاً بالجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية إنه بالنظر إلى انضمام أكثر من 20 الف مقاتل عربي وأجنبي لتنظيم داعش، تبرز الحاجة إلى فهم سر الجاذبية للتنظيم. ولخص أبو هنية أسباب انجذاب الشباب إلى داعش، في "فشل سياسات الدولة الوطنية العربية اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وظهور الهوية الطائفية في سورياوالعراق، وإتقان داعش للدعاية الإعلامية، ومقدرة التنظيم على تأسيس نظام من الحكم شبيه ب (دولة الخلافة)"، لرؤية الشباب واعتقادهم أن التنظيم بوصفه "السنّي" يمكن أن يحارب التمدد الإيراني في المنطقة. واقترح أبو رمان وأبو هنية وكلاهما تشاركا في تأليف كتاب "تنظيم الدولة الإسلامية" أن يتم تقديم نموذج في المنطقة العربية كبديل لداعش يمكنه جذب الشباب إليه. وفي الجلسة الثانية رأى الباحث العراقي عثمان المختار أن وصول داعش لحالة التمدد وانضمام بعض أبناء منطقته الفلوجة (غربي العراق) إلى التظيم، يأتي كردة فعل، إذ يشهد العراق قتلاً وتشريداً منذ الاحتلال الأمريكي له عام 2003، علاوة على اضطهاد المكوّن السنّي، حيث تم إقصاؤهم من الوظائف، وصودرت أموال الكثيرين منهم. على حد قوله. وفي الجلسة الأخيرة رأى الباحث والأكاديمي المصري عمرو حمزواي (رئيس حزب مصر الحرية) إن الدولة الوطنية العربية ككيان محايد فشلت منذ الحرب العالمية الثانية (1945)، ولم تلتزم بمعايير الحياد، فلم تنظر للناس بعيداً عن ديانتهم أو حزبيتهم أو انتماءاتهم. وحذر حمزاوي من قدوم أزمة جديدة إلى المنطقة العربية ممثلة بمحاولة بعض الحكومات العربية توظيف الخطاب الديني التنويري كاستراتيجية بديلة في مواجهة داعش وأخواتها، مؤكداً أن التنوير الديني الذي يمكن أن يواجه داعش يجب أن يخرج من رحم المجتمع وليس السلطة. وشارك في أعمال المؤتمر باحثون وأكاديميون من: مصر، تونس، لبنان، العراق، السعودية، ايطاليا، ألمانيا، بالإضافة للدولة المضيفة الأردن. ويشن تحالف غربي – عربي، بقيادة الولاياتالمتحدة، غارات جوية على مواقع ل "داعش"، الذي يسيطر على مساحات واسعة في العراقوسوريا، وأعلن في يونيو الماضي قيام ما أسماها "دولة الخلافة". وتظهر بين الحين والآخر مقاطع صوتية ومرئية منسوبة للتنظيم، تظهر حيازته لتقنيات إعلامية وسينمائية ضخمة، ويستخدمها في تصوير مشاهد قتله وذبحه للأسرى، وكان بينها قيامه بإعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة في 3 شباط الماضي