على نافذة حديدية تعلقت أحلام وأمنيات الآلاف من ذوى الاحتياجات الخاصة الذين توافدوا فى الأيام الأولى من بدء تلقى طلبات التوظيف على مديريات التنظيم والإدارة بكافة محافظات الجمهورية، طوابير طويلة وأحلام تتزاحم على نوافذ التقديم من جميع المؤهلات العليا، أعمار متفاوتة، ومستويات تعليمية مختلفة، شباب وشابات، رجال ونساء الجميع هنا تعلقت أحلامه وأمنياته بقبول طلبه ضمن ال5 آلاف وظيفة التى سيتم توفيرها لهم طبقاً لتصريحات الحكومة على مستوى الجمهورية. قالت أسماء محمد من أمام مديرية التنظيم الإدارة بصلاح سالم فى القاهرة.. آمالنا كلها أن تُقبل أوراقنا ونجد الوظيفة الحكومية المناسبة ورغم أننى فاقدة للبصر فقداستطعت أن أتم تعليمى الجامعى وأحصل على ليسانس الآداب قسم اجتماع، جامعة عين شمس، وعمرى 24 سنة الآن وقمت بملء الاستمارة وتحملت الزحام وطلبوا منى تحديث الرقم التأمينى ففعلت وكلى أمل أن أحصل على وظيفة تناسب مؤهلى. سألت أسماء: هل تتوقعين وظيفة محددة؟ - بصراحة سأقبل أى وظيفة حتى لو لم أكن أرغب فيها يكفى أنها حكومية، وقالوا لى اسألى بعد العيد، وإن شاء الله خير. أما أحمد محمد من المنصورة، فقال: عمرى «34 سنة» وأعانى شلل أطفال وأستطيع أن أؤكد أن الشغل الخاص لأى معاق «بهدلة» وجربت فى أكثر من مكان لذلك عندما أعلنوا عن وظائف الحكومة فرحت جداً وقدمت وسأقبل بأى وظيفة، المهم أن أشعر بالأمان وأستطيع أن أكون أسرة وأنا مطمئن، وقال: أنور السيد «27 سنة» من محافظة الشرقية، الوظيفة الحكومية بالنسبة لنا أمل كبير لو تحقق تكون الحكومة حققت لنا أكثر من هدف فأكثر ما يشغل بال ذوى الإعاقة هو تأمين مستقبلهم وأنا كفيف وبصعوبة أجد عملاً أكسب منه رزقى رغم أننى حاصل على مؤهل عال.. وكل ما أدعوه أن تكون هذه الوظائف حقيقية حتى لا نزداد إحباطاً ويأساً. أسفل الشجرة المتواجدة داخل ساحة مبنى التنظيم والإدارة بالإسماعيلية جلست «ماجدة» على الأرض لترتاح من عناء الوقوف فى الطابور وهى تحمل فى يدها ملفاً به أوراقها وقالت: «أنا عندى شلل أطفال وعمرى «34 سنة» ومتزوجة وعند 3 أولاد فى المدارس وجيت النهارده أقدم ورقى لما سمعت إن فيه وظائف لذوى الاحتياجات الخاصة، أنا نفسى فى أي شغلانة أقدر بها أساعد جوزى اللى بيشتغل يوم ويوم أنا مش معايا شهادة ومش باعرف اقرأ وأكتب بس نفسى أشتغل.. وصمتت قليلاً ثم عادت تقول مش ده حقى ولا ايه؟ انتم شايفين إيه؟ وقالت جيهان متولى «38 سنة» من القصاصين: أنا نفسى ربنا يكرمنى وألاقى وظيفة فى أى حتة عشان أساعد جوزى وأعرف أربى عيالى كويس، أنا عندى إعاقة فى أيدى بسبب حرق اتعرضت له من فترة ومعايا شهادة الإعاقة ونفسى أتعين فى أى مكان عايزة أعرف أعلم عيالى كويس وأربيهم وأقدر أجهز بناتى لأن جوزى أرزقى راجل كبير ومريض. هذه ليست المرة الأولى، أكثر من 7 مرات تقدمت بأوراقى والنتيجة واحدة هكذا جاء كلمات عمرو جمعة حاصل على دبلوم زراعة أثناء وقوفه فى طابور التقديم، وتابع: حصلت على شهادتى عام 2004 ومنذ ذلك الوقت وأنا أتقدم بأوراقى فى كل إعلان وحتى الآن لم أحصل على وظيفة ضمن نسبة ال5٪ رغم إعاقتى الواضحة وإصابتى فى رجلى، وأضاف: مع كل مرة أتقدم فيها بأوراقى أشعر بأن الحلم بات يتحقق لأحصل على وظيفة ولكن سرعان ما تتبدد الأحلام. وقال إبراهيم خلف الله «23 سنة»، دبلوم تجارة من مدينة التل الكبير: لدى إعاقة فى اليد اليمنى وحاصل على شهادة ال5٪ واليوم جئت إلى هنا لأتقدم بالوظيفة وهذه ليست المرة الأولى التى أتقدم بها للحصول على فرصة عمل فقد تقدمت مسبقاً فى مكتب العمل بالتل الكبير وفى مجلس المدينة والقوى العاملة ومستشفى جامعة قناة السويس ولكن لم أحصل على وظيفة حتى الآن. ووافقه الرأى أحمد نصر الدين «24 سنة» دبلوم زراعة من التل الكبير الذى أكد أنه تقدم قبل ذلك فى 7 أماكن وجهات حكومية ولكن الطلبات لم تقبل، وأضاف: أظن أن هذه المرة مثل ما قبلها فالوظائف المتاحة 5000 فرصة عمل على مستوى الجمهورية فى حين أن المتقدمين بالوظائف فى الإسماعيلية فقط تجاوز هذا العدد مع أول يومين فى التقديم وهو ما يشير إلى أن فرص الحصول على وظيفة تكاد تكون محدودة للغاية، وأخشى أن أتعلق بأمل كاذب. وقالت رشا محمد حسن، حاصلة على ليسانس آداب، إنه على الرغم من حصولها على شهادة الليسانس إلا أنها لم تعمل حتى الآن، ولم تحصل على وظيفة ضمن نسبة ال5٪ المحددة لذوى الإعاقة بالمصالح الحكومية، ولفتت إلى أنها تقدمت للعمل طوال العامين الماضيين وبكل المصالح الحكومية، وعندما قابلت المحافظ قال إنه لا يوجد وظائف غير بمصانع الاستثمار، وتابعت: للأسف يتم استغلال ذوى الإعاقة من قبل المرشحين قبل كل انتخابات ويقدمون الوعود بتوفير فرص عمل لهم، فمع كل انتخابات كل حزب وكل جماعة يأتون إلينا وتنهال علينا الوعود وبعد الانتخابات ما تخلص «سلامو عليكو». وفى سياق متصل، أصدرت النقابة العامة المستقلة لذوى الاحتياجات الخاصة بالإسماعيلية بياناً أدانت فيه ما وصفته بالتعنت وسوء معاملة وتجاهل موظفى التنظيم والإدارة لذوى الاحتياجات الخاصة أثناء قيامهم بالتقدم لطلب وظائف بناء على إعلان يفيد بإتاحة 5000 وظيفة لذوى الاحتياجات الخاصة. وجاء بالبيان الذى حصلت «الوفد» على نسخة منه أن عدداً من ذوى الاحتياجات الخاصة وذويهم قاموا بالتقدم لجهاز التنظيم والإدارة بالإسماعيلية بطلب للوظائف المعلن عنها إلا أنهم فوجئؤا بتعنت واضح من موظفى الجهاز تمثلت فى غلق الأبواب الحديدية أمامهم وتجاهلهم متجمهرين فى طابور بالساعات دون استجابة، وأضاف البيان: عندما تم فتح الأبواب بعد مفاوضات تمت إهانة بعض الأهالى والتعامل معهم بطريقة غير آدمية، كما رفض الموظفون إعطاء إيصال أو (كعب) أو أى ما يفيد تسلم الأوراق وتسجيل المتقدمين بالوظائف. ووصفت النقابة ما تعرض له ذوو الاحتياجات الخاصة بأنه تعنت وإهدار كرامة للمعاقين وذويهم وجاء بالبيان: إننا نؤكد رفضنا لأي فعل من شأنه المساس بكرامة المواطنين المصريين فى وقت ظننا أنه قد تختلف فيه المعايير وتحرص الدولة ونظامها ومؤسساتها العاملون بأجهزتها على كرامة المواطن وآدميته.. ولكن من الواضح أننا واهمون.