سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية ل "الوفد": الاتحاد الأوروبى أقحم نفسه فى شئون مصر ذات السيادة والسلطان
المحكمة المصرية لم تنتهك الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان
منذ صدور قرار المحكمة الجنائية المصرية بتحويل أوراق أعضاء جماعة الإخوان الموصومة بالإرهاب حسب قرار مجلس الوزراء المصري الي فضيلة مفتي الديار المصري ليبدي رأيه «الاستشاري» حول اتساق مبادئ الشريعة الإسلامية الخاصة بالقصاص مع حكم الإعدام الصادر بحق المتهمين بمن فيهم محمد مرسي الرئيس المعزول من قبل شعب ثار عليه. ومنذ هذه اللحظة لم تتوقف بعض الدول والمنظمات ومنها الاتحاد الأوروبي في انتقاد القضاء المصري بادعاءات وافتراءات وأكاذيب بوصفه هذه الأحكام أنها سياسية مع أنها أحكام قضائية بأنه صدرت من النيابة العامة صاحبة الاختصاص الأصيل في هذا الشأن. وعليه أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي العام وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية عدم انتهاك المحكمة المصرية للاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان لأن أعضاء جماعة الإخوان المتهمين لم توجه اليهم أي اتهامات سياسية بل اتهامات جنائية، ووصف «سلامة» في حواره ل«الوفد» الاتحاد الأوروبي بأنه أقحم نفسه في شأن داخلي لمصر وهي الدولة ذات السيادة لأن التشريعات الوطنية هي شأن داخلي للدولة، وأن ممارسة الاختصاص الجنائي للدولة هو المظهر الأهم لتأكيد سيادة الدولة علي كامل أراضيها.. وفي ذات الوقت أن الدول التي تهاجم مصر ورئيسها لا تراعي الواجب الدولي في الاحترام المتبادل للشخصية القانونية للدولة ذات السيادة حسب المادة الثانية في الفقرة السابعة لميثاق الأممالمتحدة.. وإلي تفاصيل الحوار. كيف تري موقف الاتحاد الأوروبي تجاه عقوبة الإعدام المنصوص عليها في التشريعات المصرية؟ - ناصب الاتحاد الأوروبي ودول ومنظمات أجنبية أخري العداء للشعب المصري وذلك لاتهامه المشرع المصري بسن تشريعات قاسية علي حد زعمهم وافتراءاتهم وذلك بالإشارة الي عقوبة الإعدام المنصوص عليها في تشريعات أكثر من مائة دولة عضو في منظمة الأممالمتحدة لأن المشرع المصري هو الذي ناب عن الشعب المصري وسن هذه القوانين والتشريعات الوطنية لتلبية حاجة مجتمعية وطنية مشتركة للجماعة المصرية، وبذلك فقد أقحم الاتحاد الأوروبي وهذه الدول والمنظمات الأجنبية أنفسهم في شأن داخلي محض لدولة ذات سيادة وسلطان وهي جمهورية مصر العربية خارقين بذلك أقدم الأعراف والمبادئ والقواعد الدولية منذ إبرام معاهدة «ويست فاليا» عام 1648، وهي الأعراف الراسخة المؤسسة لمبدأ سيادة الدول. لكن بعض الدول مثل مصر لها الحق في إصدار قضائها أحكامه المستقلة؟ -نعم.. لأن القضاء في أي دولة ذات سيادة هو مرفق عام تنظمه وتحدد ولايته واختصاصه الدولة ذات السيادة دون أي ضغوط أو إملاءات أو تدخلات من دول أو منظمات أجنبية وتضمن في دستورها وتشريعاتها المحلية المختلفة فالمساواة بين الدول كبيرها وصغيرها يفضي الي حظر سائر الدول من التدخل في الشئون الداخلية المحضة للدولة ذات السيادة باستثناء حالة مصرية واحدة وهي حالة «إنكار العدالة». وهل هذه الحالة تنطبق علي القضاء المصري؟ - بالطبع لا.. لأنها تنطبق علي الحالة التي يحرم فيها الأجنبي المقيم في الدولة ذات السيادة من حصوله علي العدالة والإنصاف من قبل الهيئات والمحاكم القضائية في هذه الدولة، وهي الحالة التي تخرج تماما عن الحالة المصرية الحالية. ومصر دولة مستقلة وذات سيادة حسب ميثاق الأممالمتحدة؟ - نعم.. والمادة الثانية الفقرة السابعة لميثاق الأممالمتحدة تقر حق مصر في استقلالها الداخلي وبسط كامل نفوذها علي إقليمها، وبالطبع فإن سيادة واستقلال وسلطان الدولة يعني أول ما يعني حق الدولة الأصيل في ممارسة وظائفها ومنها القضاء، دون التدخل الخارجي من دول، أو كيانات أجنبية عن هذه الدولة، وفي هذا الصدد فإن السيادة الإقليمية لجمهورية مصر العربية في هذا الصدد هي سيادة كاملة في محتواها دون نقصان أو افتئات وحصرية في ممارساتها دون منازعة من الأغيار. إذن سلطة القضاء المصري تستمد نفوذها من صل احيات الدولة علي إقليمها إنفاذا للدستور والمواثيق الدولية؟ - بالفعل.. لأن جمهورية مصر العربية تبسط ولايتها واختصاصاتها علي إقليمها المعين والمعلوم لكافة الدول والمنظمات الدولية والعالمية، وعلي رأسها منظمة الأممالمتحدة وتؤمن مصر ممارسة صلاحيتها علي إقليمها من خلال مؤسسة القضاء ووسائل الأجر أو القهر التي تمارسها الدولة إنفاذا للدستور المصري والتشريعات والقوانين المصرية، أيضا من أجل تحقيق هدف رئيسي ثاني وهو فرض الأمن وإنفاذ القانون وحفظ السلم الأهلي وتحقيق السلامة والطمأنينة للجماعة المصرية، وقمع الاضطرابات وأعمال العنف المسلح والتخريب وترويع المواطنين الأبرياء العزل، فضلا عن إنفاذ القانون سواء عن طريق قوات الشرطة أو الأمن والقوات المسلحة. هل عقوبة الإعدام تتعارض مع القانون الدولي؟ - لابد أن نعرف أن اختصاص جمهورية مصر العربية الدولة السيدة بالتشريع هو اختصاص مطلق، حيث تصدر الدولة التشريعات المناسبة والضرورية لتنظيم شئونها والمحافظة علي كيانها وسيادتها، لذلك فتضمين أو عدم تضمين عقوبة الإعدام في النظام التشريعي المصري هو شأن سيادي داخلي مصري أصيل ومحض وحصري، طالما أن ذلك التشريع لم يتعارض مع القانون الدولي، وعليه فإن كافة المتهمين من أعضاء جماعة الإخوان الموصومة بالإرهاب وبقرار سيادي من مجلس الوزراء في مصر عام 2013، ومن بين هؤلاء المتهمين الرئيس المعزول شعبيا والمتهم محمد مرسي لم توجه لهم أي اتهامات سياسية بل اتهامات جنائية من قبل النيابة العامة المختصة، فضلا عن القرارات والأحكام القضائية الجنائية، وبهذا فلم تنتهك المحاكم المصرية أي اتفاقيات دولية تتعلق بحقوق الإنسان. ولكنهم يدعون بأن حبس «مرسي» تعسف لحقوق الإنسان؟ - بالرغم من الاتهامات والفريات الأجنبية العديدة المتربصة دوما بمصر وتحديدا بمناسبة صدور القرارات القضائية الأخيرة يوم السبت الموافق 16 مايو 2015، إلا أنها لم تستطع أن تشير الي أي ضمانة من ضمانات المحاكمة العادلة قد تم هدرها من قبل محكمة الجنايات التي أرسلت أوراق القضية الي فضيلة مفتي الديار المصرية للاستئناس أو لاستطلاع رأى فضيلته بشأن اتساق مبادئ الشريعة الإسلامية المتعلقة بالقصاص مع حكم الإعدام الذي صدر بحق المتهمين، ويشار في ذات الصدد أن الصفة الرسمية لأي متهم من المتهمين ومنهم رئيس الجمهورية المعزول لا تحصنه أمام المحاكم الجنائية بموجب الدستور المصري وسائر الدساتير الأجنبية. إذن عقوبة الإعدام هي شأن داخلي للدولة ذات السيادة؟ - نعم.. لأنه ليس من ميثاق دولي يحظر علي الدولة ذات السيادة أن تضمن عقوبة الإعدام ضمن تشريعاتها الوطنية، فالتشريعات الوطنية شأن داخلي لا تدركه أو تتفهمه إلا الدولة ذات السلطان فالمشرع حين ينص علي عقوبة الإعدام عند ارتكاب جرائم جنائية معينة فإنما هو يتفيأ الحفاظ علي أسمي القيم وصيانة أهم كيان وهو الدولة ذاتها، فضلا عن أنه يتصدي لأي محاولات ترمي الي تقويض سلطة الدولة، وإفقاد ثقة المواطنين بهذه السلطة، ولا تخرج الجرائم الإرهابية في مصر أو في أي دولة أخري تطبق عقوبة الإعدام عن هذا الإطار. ماذا يعني الاختصاص الجنائى للدولة؟ - الاختصاص الجنائي للدولة ذات السيادة وممارستها له يعد المظهر الأهم لسيادة الدولة علي إقليمها حيث إن الجرائم الإرهابية تخل بالنظام العام في الدولة، ومن هنا فالاختصاص الجنائى الإقليمي لمصر تستأثر به دون تدخل أو إقحام للنفس من أي دولة أو كيان أجنبي آخر، ولقد سمحت مصر ولا تزال للسفراء والقناصل للدول الأجنبية بحضور المحاكمات الوطنية للمتهمين الأجانب في مصر، ومنهم علي سبيل التدليل والتمثيل المتهم «محمد سلطان» في القضية المعروفة شعبيا ب«خلية ماريوت» مع أن جمهورية مصر العربية من جانبها لم تتدخل علي وجه الإطلاق في شأن أجنبي داخلي لدولة ذات سيادة حتي في تلك الدول التي تكيل الي مصر سهام القدح، وعبارات القذف للدولة المصرية وإلي رئيسها عبدالفتاح السيسي، دون مراعاة لواجب دولي وهو الاحترام المتبادل للشخصية القانونية للدولة ذات السيادة. ماذا يقصد بأن مصر تقوم بعقوبات جماعية؟ - إن اتهام مصر بتوقيع عقوبات جماعية علي أعضاء جماعة الإخوان لا يعدو إلا أن يكون جهلا فاضحا وتطاولا كالحا لأن عبارة «عقوبات جماعية» تزايد مغرض وفرية واضحة، فالعقوبات الجماعية والتدابير الجماعية التي تفرضها أطراف النزاع المسلح أو دولة الاحتلال علي المدنيين الأبرياء العزل علي خط محط بالكرامة الإنسانية عن أفعال لم يفعلوها، وهنا هل ينازع جاهل بأن سياق الملاحقات والمحاكمات الجنائية لقيادات جماعة الإخوان في مصر هو سياق الاحتلال أو سياق النزاع المسلح؟! إذن، هذه أحكام جنائية محضة؟ - نعم.. لكن المثير للاستهجان أن القضاء المصري لم يصدر يوم السبت الموافق 16 مايو 2015، أحكام قضائية باتة مبرمة حازت قوة الأم المقضي به بفرض عقوبة الإعدام بحق المتهمين باقتحام المنشآت العمومية في البلاد - السجون - وقتل العديد من الأفراد، واقترنت هذه الجرائم بجرائم جنائية أخري حددتها حيثية الأحكام التي ضمنت تسبيب هذه الأحكام، ولقد قامت كافة المحاكم الجنائية في البلاد سواء في قضايا متعلقة بجماعة الإخوان أو بغيرها من القضايا النائية بتسبيب الحكم بكل متهم ساهم مساهمة جنائية إيجابية من ارتكاب الجريمة الجنائية وإن كانت مشتركة بين العديد من المتهمين وهذا يعد إحدي ضمانات المحاكمة العادلة التي يضمنها القضاء المصري. هل يتم الاعتراض علي محاكمات النازي؟ - لا.. ولقد قامت المحكمة العسكرية الدولية في «نورمبرج» عام 1945، بمقاضاة العديد من المتهمين من كبار القادة النازيين بل كان يصدر الحكم الواحد في قضية واحدة لكثير من المتهمين، بل وقضت أيضا بإعدام هؤلاء المتهمين بذات القضية ولم يشر أحد الي أنها عقوبات جماعية. هل هذه الأحكام تكررت في التاريخ الإنساني الأوروبي؟ - نعم.. وبالرغم من مرور 7 عقود علي هذه الأحكام القضائية في ألمانيا إلا إننا لم نقرأ أو نسمع أحدا ينتقد هذه الأحكام بوصفها «عقوبات جماعية»، وبعد محاكمات كبار قادة النازيين في عام 1945 قامت محاكم الحلفاء أيضا في ألمانيا عام 1947، بإعدام أكثر من عشرة من كبار أطباء النازي «هتلر»، الذين كانوا قد قاموا بإجراء التجارب الطبية البيولوچية علي العديد من الأسري والضحايا المدنيين الأبرياء العزل في أوروبا، وقضي العديد من الضحايا نحبهم نتيجة لإجراء هذه التجارب عليهم، فهل انتقد الاتحاد الأوروبي حتي هذه اللحظة الآنية هذه المحاكمات والعقوبات بزعم أنها عقوبات جماعية. رغم انتقاد الأتراك في مذابح الأرمن فإن هذا الانتقاد لم يوجه الي الأحكام القضائية؟ - أيضا توجد أحكام الإعدام التي صدرت بحق العديد من كبار القادة العثمانيين في المحاكم العسكرية الخاصة في اسطنبول عام 1919، التي أدانت قادة كبار المجرمين العثمانيين نتيجة ارتكابهم لجرائم الحرب الخطيرة وجرائم في حق الإنسانية ضد شعب الأرمن من المدنيين الأبرياء العزل أثناء ترحيلهم ترحيلا قسريا في ظروف معيشية صعبة ومستحيل التعايش معها، فهل عدت هذه الأحكام أيضا عقوبات جماعية؟! هل يوجد التزامات تفرض علي القضاة؟ - لا.. من الطبيعي أن القاضي في مصر كسائر القضاة في دول العالم ليس عليه حد أقصي من المتهمين الجناة، وأيضا لا يوجد حد أدني من الضحايا المجني عليهم ولكن القاضي عليه التزام قانوني واحد يعد بمثابة الأغلال التي لا يستطيع الفكاك منها، وهو: «القاعدة القانونية التي يطبقها في الجريمة محل ولايته».