عادة ما يتم توجيه سهام النقد إلى المؤسسات الحكومية التي تعاني من آثار عقود من البيروقراطية واللامبالاة في التعامل مع المواطنين. ولكن يبدو أن فيروس الإهمال انتشر بصورة أكثر سوءاً في المؤسسات الخاصة التي أصبحت تتعامل مع العملاء بقدر لا يمكن تصوره من التجاهل والتعالي وعدم الاكتراث بالعقود الموقعة بين الطرفين، والتسويف على الطريقة الشهيرة "فوت علينا بكره".
وتعتبر مراكز صيانة السيارات من المؤسسات التي يتعامل معها المواطنون يومياً، ومن المفترض أن تكون تلك المراكز نموذجاً للكفاءة في تلبية مطالب العملاء، ولكن بعضها أصبح يسير من سيء إلى أسوأ.
أبرز مثال على ذلك هو توكيل "المجموعة البافارية للسيارات" الخاص بمبيعات وصيانة سيارات "بريليانس" الصينية الصنع، والتي انتشرت في مصر خلال العقد الأخير بصورة كبيرة. فوفقاً للعقد الموقع بين العميل والمجموعة البافارية، فإن ضمان السيارة يكون 3 سنوات أو 60 ألف كيلو متر، أيهما أقرب. ولكن معاملات مراكز الصيانة مع العملاء لا تتماشى مطلقاً مع الاسم الكبير للمجموعة البافارية أو عدد العملاء الذين أبدوا ثقتهم الكاملة في التوكيل العالمي، ولجأوا لشراء سيارات "بريليانس".
هناك شكاوى متكررة من العملاء حول سوء المعاملة في مراكز الصيانة، الابتسامة تكون في بداية المشوار الشاق، ولكن سرعان ما يُصاب العميل بالغضب الجم نتيجة التسويف والخداع في الحديث عن قطع الغيار في فترة الضمان، وهو ما يتسبب في أزمات لا حصر لها.
يلجأ مسئولو المبيعات والعلاقات العامة في تلك المراكز إلى سياسة "النفس الطويل" مع العميل. تارة من خلال إبلاغه بأن قطعة الغيار المطلوبة غير متوافرة حالياً وأن الشركة تنتظر وصولها من الصين أو من مخازنها في العين السخنة.. وعندما يستسلم العميل لهذه المبرر فإنه لا يتلقى أي اتصال من خدمة العملاء يُفيد بتوافر قطعة الغيار لفترات تستمر شهوراً. وعندما يعود العميل للسؤال يتلقى نفس الإجابة بصورة مختلفة في محاولة للتسويف، ولكن عندما يفقد العميل أعصابه ويبدأ في الهجوم على مسئولي المركز فإن قطعة الغيار تظهر من حيث لا يدري أحد، وكأن سياسة "الصوت العالي" هي الرابحة في تلك الأحوال.
ويلجأ مسئولو المركز إلى "حيل" أخرى، مثل الحديث عن ضرورة الحصول على موافقة من المدير العام لتغيير قطعة الغيار المطلوبة، أو أن صيانة الكهرباء لا تدخل في التعاقد مع العميل بعد ال 40 ألف كيلو الأولى، وهو كلها أمور غير واردة في التعاقد.