التسامح أحد المبادئ الإنسانية التي حثت عليها جميع الأديان السماوية، فلا يقتصر دور التسامح على منح الشعور بالرضا والراحة فحسب، بل له تأثير إيجابي على صحة الإنسان وتعزيز الجهاز المناعي لديه، إذ أفادت الدراسات أن القلق والانفعالات العصبية يزيدان من خطر الإصابة بمختلف الأمراض. وتقول الدكتورة عبير أحمد ناصف، ماجستير علوم نفسية وسلوكية: "التسامح ليست كلمة سهلة على الإطلاق ولكنها من أصعب الأمور التي يستطيع الإنسان أن يفعلها، فالتسامح في معناه البسيط هو العفو عند المقدرة وعدم رد الإساءة بالإساءة وتقبل اعتذارهم"، لافتة إلى أن التسامح قد يقلل من المشكلات التي ربما تحدث بسبب ما يقصده البعض وما يفهمه الآخرون، لذلك دائما حاول التماس الأعذار للآخرين، أو بمعنى أدق: أحسن الظن، فربما يحملون في نفوسهم ما لا تعلمون ولا يستطيعون البوح به. وتتابع، أن الشخص المتسامح هو ذاك الشخص الذي لديه قدرة عالية على ابتلاع أخطاء الآخرين ومسامحتهم، ولكن ليس معنى ذلك أن نتنازل عن حقوقنا أو نسامح فيها، بالعكس تماما، فحاول التمسك بحقوقك مع الاحتفاظ بمبدأ التسامح وخاصة الحقوق التى ترتبط بالآخرين كأولادك مثلا ولا تفرط فيها لأنك ستتساءل عنها يوم الحساب ولكن من الناحية الأخرى لا مانع من بعض التنازلات التي تستوجبها علينا ظروف الحياة من أجل أن تستمر الحياة بدون مشكلات شرط أن تكون هذه الأمور تخصك وحدك ولا تخص الآخرين". وتشير إلى أن الدين الإسلامي وجميع الأديان السماوية تحث جميعها على التسامح، وليس ذلك عن فراغ ولكن لما له من أهمية كبير في حياتنا ونفوسنا، فقد أكدت الأبحاث والدراسات أن هناك علاقة وطيدة بين التسامح وصحة الإنسان وتضيف :"فقدان القدرة على التسامح يعتبر ظاهرة مرضية تؤثر سلبا على صحة الإنسان، فالتوتر العصبي الناتج عن عدم التسامح والتفكير في أمور سلبية يضر بالجهاز الهضمي، والأوعية الدموية، ونظام المناعة في الجسم، ويزيد الإصابة بالصداع وآلام المفاصل والدوار والإحساس بالتعب والإجهاد والإرهاق، وفقدان التوازن، فضلا عن الآلام المختلفة في جميع أنحاء الجسم". وتستطرد قائلة: "التفكير الدائم في المواقف المؤلمة والأحزان تجعل المشاعر السلبية تسيطر على الإنسان طيلة الوقت، وبالتالي تتحول حياته إلى حياة كئيبة مليئة بذكريات الخيبة والندم، لهذا يستوجب علينا محاولة التخلص من كل ما هو سلبى بحياتنا وخاصة إذا كان لا يزال في مرحلة الأفكار قبل أن يتحول إلى مشاعر سلبية ثم إلى سلوك سلبي". وتؤكد قائلة: "عندما تحرر عقلك من هذه الأفكار السلبية تبدأ الأفكار الإيجابية بالظهور في حياتك وتنعكس على كل شيء فيها فتتحول إلى واقع يجذب لحياتك كل ما هو جميل ومفيد، فتبدأ تستشعر بنعم الله عليك وتشعر بقيمتها". وتتابع :" قد يصعب علينا التسامح في بعض الأمور وخاصة تلك الأمور التي تترك آثار للإحساس بالظلم، وما زالت هذه الأحاسيس تؤثر عليهم، وبالتالي يرفضون فكرة التسامح من الأساس وتكون أشبه بالمستحيلة، وربما بالفعل يكون هناك بعض الأشخاص الذين لا يستحقون التسامح"، لافتة إلى أن هذه النوعية لا تستحق مجرد التفكير بما صدر منها، ولكن عليك أن تتخلص من تلك المشاعر المرتبطة بالأذى الذي لحق بك منهم، فعليك أن ترى مفهموما جديدا للتسامح وهو أن ترفع ملف القضية من الأرض إلى السماء، وحينها سوف تشعر بالطمأنينة والراحة.