أكثر من 60 طناً من المخلفات الطبية الخطرة الناتجة من مستشفيات المحافظة ومراكزها الطبية والعيادات الخاصة شهرياً لا تجد مدفناً أو محرقة للتخلص الآمن منها بعد وقف العمل في محرقة بلانة الرئيسية بمركز نصر النوبة بعد موجة من الاحتجاجات لأهالى القرية نتيجة تضررهم من الأدخنة السامة الناتجة من حرق تلك المخلفات الخطرة.. تجمهر الأهالى داخل المدفن وأوقفوا العمل بالمحرقة ومنعوا سيارات نقل المخلفات من الدخول وطالبوا بإغلاق المدفن ونقل المحرقة. بداية هذه الأزمة تعود إلى عام 1997 حين وافق الدكتور يوسف والى نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة في حينها علي تخصيص 60 فداناً لإنشاء مدفن للمخلفات الطبية خارج زمام قرية بلانة علي أرض مملوكة للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية واعترض أهالى بلانة في حينها وشكل المجلس المحلي لمحافظة أسوان لجنة للمعاينة بتاريخ 25/12/2002 وأوصت اللجنة بأن تقوم الوحدة المحلية لمدينة ومركز كوم أمبو وأيضاً مدينة دراو بعمل الدراسة اللازمة لاختيار مواقع داخل زمام مدينتهم لإقامة مدفن لكل منهما مع مراعاة المواصفات الفنية والبيئية، إلا أنه لم يتم تنفيذ توصيات المجلس المحلى. وفى 14/5/2007 طلب محافظ أسوان -آنذاك- من وزير الزراعة تخصيص 130 فداناً خارج زمام قروى بلانة لإقامة مدفن للمخلفات الصلبة يخدم مدن كوم أمبو ونصر النوبة ودراو وفي 23/5/2007 أصدر محافظ أسوان القرار رقم 151 لسنة 2007 بالموافقة على تخصيص المساحة المذكورة ورغم تخصيص هذا المكان إلا أنه لم يتم التنفيذ في المكان الجديد وتم العمل بالمكان القديم! يقول الدكتور محمود على حسين، رئيس الفرع الإقليمى بجهاز شئون البيئة بجنوب الصعيد، إن هذه القضية في غاية الخطورة لأنها تتعلق بنفايات طبية خطرة يتم التخلص منها بطرق غير آمنة وقد أنذرنا وأخطرنا بضرورة تحديد أماكن للمدافن الطبية بعيدة عن المناطق السكنية وتجمعاتها البشرية والمشكلة قديمة منذ عام 1997 ولكن لم يتم التعامل معها بالأهمية الواجبة لمثل هذه القضية. ويضيف د. محمود على حسين بأنه لم يتم إخطار الفرع الإقليمى بجنوب الصعيد الممثل لجهاز شئون البيئة بأى أعمال خاصة بالمدفن ولم نواف بتقارير أو مستندات أو أوراق خاصة بالمدفن أو حتي الموافقات التي حصل عليها نهائياً. والغريب أن الوحدات المحلية لم تهتم بهذه المشكلة بدليل أن مجلس مدينة كوم أمبو وهو مسئول عن المدفن إدارياً وكما أن المدفن به حرقاً مكشوفاً لجميع المخلفات ومنها المخلفات الطبية الخطرة وقد تم إخطار الوزارة بذلك وتبين وجود تعاقدات من مركز كوم أمبو مع العيادات والمستشفيات لنقل المخلفات الطبية الخطرة نقلاً غير آمن وتخلصنا غير آمن، فضلاً عن إهدار 4 ملايين و500 ألف جنيه في تطوير المدفن الصحي بقرية بلانة والذي قام الأهلى بوقف العمل فيه لتضررهم من الأدخنة السامة الناتجة من إحراق المخلفات الطبية الخطرة. ويشير د. محمود على حسين إلى وجود 5 محارق طبية بمحافظة أسوان تعمل بطاقة 360 كيلو/ساعة وهي محرقة بمستشفي الصدر تقع داخل كتلة سكنية ومحرقة أخري بمستشفى الحميات تقع داخل كتلة سكنية ومنطقة أثرية وسياحية و2 محرقة بمستشفي التكامل بالسد العالى شرق وتقع أيضاً داخل منطقة سكنية ومحرقة بمستشفي التكامل بالسد العالى شرق وتقع أيضاً داخل منطقة سكنية ومحرقة بمنطقة الحاجز بمدينة إدفو بخلاف محرقة بلانة وكل هذه المحارق تمثل خطراً علي صحة المواطنين واقترحنا ضرورة إنشاء مجمع محارق بمنطقة العلاقى لنقل المحارق التي تقع داخل الكتل السكنية وهما محرقتا الحميات والتكامل وبالفعل أصدر محافظ أسوان قراراً بتخصيص 2000 متر لعمل مجمع للمحارق العلاقى و900 متر لبلانة و900 متر لإدفو وأوصى بعدم القيام بأى أعمال أو إنشاءات إلا بعد أخذ الموافقات اللازمة، إلا أنه تم البدء بعد المعاينات التي شارك فيها فرع جهاز شئون البيئة وتم تخصيص الأرض والاعتماد المالى، إلا أننا فوجئنا بعمل المجمع بمنطقة بلانة بدلاً من العلاقى وعلى ضوء ذلك قمنا بعمل معاينة لمدفن بلانة إلا أننا فوجئنا بإنشاء مجمع المحارق المخالف للاشتراطات البيئية واتضح أن وجود موافقة من مديرة البيئة بالمحافظة لإلقاء مخلفات طبية بالمدفن بالمخالفة للقوانين واتضح أن مجلس مدينة كوم أمبو يقوم بالتعاقد مع العيادات والمستشفيات لنقل المخلفات الطبية الخطرة ويقوم بنقلها بطريقة غير آمنة وإلقاءها بالمدفن وحرقها حرقاً مكشوفاً. ويضيف د. محمود على حسين مؤكداً أن فرع جهاز شئون البيئة قد أوصى بنقل مدفن بلانة من مكانه الحالى إلي جنوب شرق القرية مع تطبيق الاشتراطات البيئية اللازمة للمدفن وأخذ موافقة البيئة والتأكد من مطابقتها للمواصفات والاشتراطات البيئية مع عدم إلقاء المخلفات الطبية الخطرة وعدم حرقها حرقاً مكشوفاً وطالب فرع جهاز شئون البيئة بنقل المحارق الخاصة بمدينة أسوان إلى المكان المخصص لها بمنطقة العلاقى وإنشاء محارق خاصة في الظهير الصحراوى الخاص بكل مركز. ويقول الدكتور محمود على حسين إن الجهاز حرر العديد من محاضر المخالفات لمديرى مستشفيات إدفو وأسوان والصدر ودراو ومركز أسوان للعيون: لقد تفجرت مشكلة النفايات الطبية الخطرة من قرية بلانة التي عانت من سوء تصرف بعض المسئولين عن الصحة والذين لم يجدوا حلاً للتخلص من هذه النفايات الخطرة سوى إلقائها في مدفن غير مؤهل للتخلص الآمن من نفايات طبية خطرة تؤثر بالفعل على صحة وحياة المواطنين الذين انتفضوا خوفاً على حياتهم من انتشار أوبئة وأمراض لم تعرفها القرية من قبل وتتمثل خطورة محارق النفايات الطبية فيما تخلفه من غازات سامة تسبب أمراضاً أقلها السرطان في الرئة والكبد والغدد الليمفاوية بل تصيب الغازات السامة الأجنة في بطون أمهاتهم طبقا لتقارير الوكالة الدولية لأبحاث السرطان. ويعترف الدكتور ممدوح الوشاحي وكيل وزارة الصحة بأسوان بأزمة المدافن الطبية ولكنه يقول إنها في طريقها للحل وقال وافق محافظ أسوان علي تخصيص مساحة من الأرض لإقامة مجمع محارق ومدفن صحي بمنطقة العلاقي وجهاز شئون البيئة عاين المكان ووافق عليه وبالنسبة للمخلفات الطبية بمستشفيات أسوان فهى تقدر بحوالى 50 طناً يجرى نقلها وحرقها بمحارق محافظتى الأقصر وقنا ولا تمثل أى خطورة على المواطن الأسوانى وسيتم التخلص منها بطريقة آمنة». ويقول الكيميائى عمرو عبدالرحمن عفيفى، رئيس جمعية البيئة وتنمية المجتمع بأسوان إن هذه المشكلة تمثل خطراً حقيقياً علي صحة مواطنى أسوان، فلا توجد رقابة حقيقية على عملية التخلص من النفايات الطبية الخطرة، فهناك عدة مراكز طبية وعيادات خاصة يتم إجراء عمليات جراحية بداخلها وبالطبع ينتج عنها مخلفات طبية ولكن لا يوجد آلية آمنة للتخلص من هذه المخلفات فكثير من العيادات والمراكز الخاصة تلقي مخلفاتها في صناديق القمامة الموجودة بشوارع المدينة دون أى وازع من ضمير وهو الأمر الذي قد يؤدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة، فضلاً عن تعرض عمال النظافة لخطر الإصابة بالأمراض الخطرة، لذا لابد من توقيع عقوبات رادعة علي هذه العيادات والمراكز الخاصة وإلزامها بضرورة التعاقد مع مديرية الشئون الصحية للتخلص من نفاياتها عن طريق سيارات نقل المخلفات الطبية التابعة لها وأيضاً لابد من التحرك السريع والعاجل لتنفيذ مجمع المحارق بمنطقة وادى العلاقى مع الالتزام بالاشتراطات البيئية بشكل واضح وصريح. فمن غير المعقول أن يستمر مسلسل الإهمال لينال من صحتنا وصحة أبنائنا لسبب تافه هو اللامبالاة المتفشية بين بعض المسئولين الذين لا يقدرون خطورة مواقفهم السلبية تجاه قضية تهم كل الناس وتهم صحتهم وصحة أبنائهم.