بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    الحكومة: وزير التموين يعلن أسعار الخبز السياحي السبت    سعر الذهب اليوم فى السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 20 إبريل 2024    300 جنيها .. مفاجأة حول أسعار أنابيب الغاز والبنزين في مصر    عميد تجارة الإسكندرية: السيطرة على سعر الصرف يزيد من فرص الاستثمار    عاجل وفاة شخص على الأقل وإصابة آخرين عقب انفجار داخل قاعدة "كالسو" جنوبي العاصمة بغداد    سمير راغب: إسرائيل لا تمتلك الإمكانيات لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية (فيديو)    ارتفاع عدد الشهداء جراء استهداف منزل في حي تل السلطان إلى 8 بينهم 5 أطفال    التعادل يحسم مواجهة بيلباو وغرناطة في الليجا    «أتمنى الزمالك يحارب للتعاقد معه».. ميدو يُرشح لاعبًا مفاجأة ل القلعة البيضاء من الأهلي    دوري أدنوك للمحترفين.. 6 مباريات مرتقبة في الجولة 20    استون فيلا يفقد مارتينيز أمام اولمبياكوس في دوري المؤتمر الأوروبي    مدرب مازيمبي: عندما يصل الأهلي لهذه المرحلة يصبح فريقا هائلا    يوفنتوس يواصل فقد النقاط بالتعادل مع كالياري.. ولاتسيو يفوز على جنوى    ملف يلا كورة.. عقل كولر.. قائمة الزمالك لمواجهة دريمز.. وتألق مرموش    جنازة مهيبة للطفل ضحية جاره.. ذبحه داخل شقة في شبرا الخيمة    حريق هائل بمخزن كاوتش بقرية السنباط بالفيوم    وزارة الداخلية تكرم عددا من الضباط بمحافظة أسوان    تهنئة شم النسيم 2023: احتفالات وتقاليد    دينا الشربيني تكشف عن أصعب مشاهدها بفيلم «شقو» (فيديو)    نبيل الحلفاوي متأثرًا بوفاة صديقه الفنان صلاح السعدني: «اليوم ودعت جزءًا كبيرًا وجميلًا وعزيزًا من عمري»    سمية الخشاب: استحق جائزة أفضل ممثلة في مسلسلات رمضان    بليغ حمدي الدراما.. إياد نصار يكشف سر لقب الجمهور له بعد «صلة رحم»    أبرزهم عمرو دياب وإيهاب توفيق.. نجوم الفن فى زفاف نجل محمد فؤاد (صور)    خالد منتصر: معظم الإرهابيين مؤهلات عليا    آمال ماهر تتألق في حفلها بالتجمع الخامس.. صور    أدعية الرزق: مفتاح للسعادة والاستقرار - فوائد وأثرها الإيجابي في الحياة    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    دخول مفاجئ للصيف .. إنذار جوى بشأن الطقس اليوم وبيان درجات الحرارة (تفاصيل)    عمرو أديب يطالب يكشف أسباب بيع طائرات «مصر للطيران» (فيديو)    عاجل - فصائل عراقية تعلن استهداف قاعدة عوبدا الجوية التابعة لجيش الاحتلال بالمسيرات    إعلام عراقي: أنباء تفيد بأن انفجار بابل وقع في قاعدة كالسو    خبير ل«الضفة الأخرى»: الغرب يستخدم الإخوان كورقة للضغط على الأنظمة العربية المستقرة    تعليق مثير من ليفاندوفسكي قبل مواجهة «الكلاسيكو» ضد ريال مدريد    وزير الرياضة يتفقد المدينة الشبابية بالغردقة    قطر تعرب عن أسفها لفشل مجلس الأمن في اعتماد قبول العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    باحث ل«الضفة الأخرى»: جماعة الإخوان الإرهابية تتعامل برؤية باطنية وسرية    داليا عبد الرحيم: الإخوان أسست حركات لإرهاب الشعب منذ ثورة 30 يونيو.. خبير: عنف الجماعة لم يكن مجرد فعل على الثورة.. وباحث: كان تعاملهم برؤية باطنية وسرية    سر الثقة والاستقرار: كيف تؤثر أدعية الرزق في حياتنا اليومية؟    أدعية الرزق: دروس من التواصل مع الله لنجاح وسعادة في الحياة    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    مرض ضغط الدم: أسبابه وطرق علاجه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    داليا عبد الرحيم: الإخوان أسست حركات لإرهاب الشعب منذ ثورة 30 يونيو    ارتفاع سعر السكر اليوم الجمعة 19 أبريل في مصر    تقليل الاستثمار الحكومي وضم القطاع غير الرسمي للاقتصاد.. أهم ملامح الموازنة الجديدة    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد الصحابة بشرم الشيخ    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم ب المنيا    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    الحماية المدنية تسيطر على حريق في «مقابر زفتى» ب الغربية    وزير الصحة يتفقد المركز الإفريقي لصحة المرأة ويوجه بتنفيذ تغييرات حفاظًا على التصميم الأثري للمبنى    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    شكوى من انقطاع المياه لمدة 3 أيام بقرية «خوالد أبوشوشة» بقنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء حسام سويلم: انتهت العاصفة وبقي الحزم
نشر في الوفد يوم 24 - 05 - 2015

- أبرز النتائج الاستراتيجية لعاصفة الحزم أنها أسقطت الأوهام الحوثية والإيرانية بأن العرب جثة هامدة لا تتحرك إلا عند رد الفعل، وأنهم غير قادرين
علي المبادرة بالفعل، بل ووضعت حداً لأوهام إيران بأن بإمكانها الاعتماد علي عملائها الحوثيين في بسط الهيمنة الإيرانية علي اليمن واستكمال بناء الهلال الشيعي، وبما يمكن إيران من تهديد السعودية عبر حدودها الجنوبية مع اليمن، فضلا عن إحباط حلم إيران ببسط هيمنتها علي البحر الأحمر، والذي لا تعتبره طهران بحراً عربياً، ناهيك عن المخطط الإيراني للسيطرة علي مضيق باب المندب كما تتحكم في مضيق هرمز، ولاستكمال تحكمها في طرق الملاحة العالمية. كل هذه الأهداف الإيرانية أفشلتها عاصفة الحزم ومنعت إيران وحلفاءها من تحقيقها، وجعلت حكام طهران يفكرون كثيراً قبل إطلاق تصريحات واتخاذ إجراءات يمكن أن تستفز الدول العربية، خاصة مع إدراك إيران أن استعادة الوعي العربي المتمثل في عاصفة الحزم، وانتزاع العرب المبادرة من الإيرانيين في اليمن، يمكن أن يتكرر في بلدان أخري نجحت إيران في بسط هيمنتها عليها في لبنان وسوريا والعراق، بعد أن أدركت شعوب هذه البلدان خطورة بسط الهيمنة الإيرانية عليها، وضياع هويتها العربية إذا ما سقطت في مخطط إحياء الإمبراطورية الفارسية.
- كما أن نجاح عاصفة الحزم في تدمير الأسلحة الثقيلة - خاصة الصواريخ الباليستية، والمدفعية وراجمات الصواريخ، أدي إلي إزالة التهديد الحوثي عن جنوب السعودية، والقائم منذ عام 2009، وكان قائد الحرس الجمهوري الموالي لعلي صالح قد هدد باستخدام الصواريخ سكود ضد المدن والمنشآت العسكرية السعودية. هذا فضلا عن تدمير 90٪ من مستودعات الأسلحة والذخائر ومركبات القتال التي استولي عليها الحوثيون من الجيش اليمني وبجانب تدمير مراكز القيادة والسيطرة، مما أفقدهم إلي حد بعيد القدرة علي مواصلة القتال بعد توقف عاصفة الحزم (مؤقتا)، كما حد أيضا من قدرتهم علي الحركة بين المحافظات، خاصة بعد أن نجحت عاصفة الحزم في قطع طرق إمداد الحوثيين بين محافظتي إب وتعز، واستهداف جسر (نقيل سمارة) في محافظة إب بوسط البلاد، والذي يربط المحافظين، وحيث كان الدعم اللوجيستي للحوثيين يصل من صنعاء إلي تعز وعدن هذا فضلا عن قطاع الإمدادات عن الحوثيين في عدن بقصف الجسور بين تعز وعدن بالإضافة إلي الكمائن التي قامت بها المقاومة الشعبية مع مسلحي القبائل الذين دعمتهم عاصفة الحزم بإلقاء الأسلحة لهم جواً، مما أدي إلي تراجع عمليات الحوثيين في عدن ومحيطها. كما ان استهداف الطائرات للطرق التي تربط صنعاء بمحافظتي عمران وصعدة أدي أيضا إلي تخفيف عمليات نقل الأسلحة وتخزينها التي كان يقوم بها الحوثيون بين صنعاء وصعدة المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي، والتي تقوم بها قوات علي صالح لنقل الأسلحة والذخائر بين محافظات البيضاء وشبوة وأبين، ويتجه بعضها إلي عدن والتي يستميت الحوثيون وقوات علي صالح من أجل السيطرة عليها، وحيث أصبحت هذه القوات مقطعة الأوصال في المناطق المتواجدة بها، فلم يعد لديها سوي محافظتين خطهما مفتوح بشكل مباشر، هما تعز والحديدة، وغير ذلك فالطرق مقطوعة أو مستهدفة بين تعز وإب، وتعز وعدن وبين البيضاء وشبوه باتجاه عدن وصنعاء وصعدة وعمران، في أقصي شمال البلاد، في الوقت الذي تمنع فيه المقاومة الشعبية الشرسة في محافظة الضالع الجنوبية ميليشيات الحوثي وقوات علي صالح من العبور باتجاه عدن من اتجاه وسط البلاد. أما السيطرة علي طرق الإمداد البحرية، فإن قرار مجلس الأمن 2216 يعطي الحق في فرض حصار دولي بحري علي الموانئ اليمنية بطول الساحل اليمني (1900 كجم) لمنع الإيرانيين من تزويد الحوثيين بالأسلحة وتقليم أظافرهم، وهو ما عبّر عنه الرئيس الأمريكي أوباما بتحذيره الإيرانيين من تقديم أي دعم للحوثيين، وأن البحرية الأمريكية ستفتش السفن المشتبه بها.
- وقد أظهرت وقائع العمليات العسكرية أن الحوثيين وصالح كانوا يخططون لخوض هذه الحرب ويستعدون لها منذ فترة طويلة وبكل الوسائل، وهو ما بينته عمليات تخزين الأسلحة والذخائر والمؤن بكميات ضخمة.. وليس فقط في المستودعات الجبلية وتحت الأرض، ولكن أيضا في المناطق السكنية والتجارية والمساجد والمزارع، الأمر الذي يؤكد ان استراتيجية الحوثيين تستهدف إخضاع كل المناطق اليمنية بالقوة المسلحة، إلا أن استهداف هذه المخازن بواسطة طائرات عاصفة الحزم أدي إلي تدمير نسبة لا تقل عن 80٪، منها، ولولا تدخل عاصفة الحزم علي النحو الذي تم، لكانوا أحكموا قبضتهم علي جنوب اليمن وابتلعوه، كما فعلوا في صنعاء والمحافظات الشمالية والغربية وبعض المحافظات في وسط البلاد، ولأمكنهم بعد ذلك أن يضعوا العالم كله أمام الأمر الواقع. ولكن قصف الطائرات للطرق الرئيسية جعل الحوثيين وحلفاءهم يلجأون إلي طرق غير مطروقة تستخدم في عمليات التهريب للمواد المحظورة بواسطة العصابات للتنقل بين المحافظات، لذلك فإن مزيدا من الضربات الجوية - وحتي بعد توقف عاصمة الحزم مؤقتا - قد أدي إلي عزل المجاميع الحوثية في أماكن محددة، ويمكن بعد ذلك التعامل معهم بواسطة وسائل أخري كثيرة قد يكون بينها العمليات البرية عند اللزوم.
رابعا: إشراك المجتمع الدولي في المشكلة اليمنية:
- وإذا كانت عاصفة قد نجحت في إزالة خطر حقيقي عن الحدود السعودية والخليجية، وكسرت شوكة إيران في اليمن، وأرسلت رسالة صارمة لإيران واتباعها بأن السعودية قادرة علي الرد وحفظ أمنها، وليس استجداء المجتمع الدولي أو غيره للتدخل والدفاع عنها. فإنها قد رسمت من خلال عاصفة الحزم خطا أحمر لإيران في اليمن، أكبر من الخط الأحمر الذي رسمته السعودية لإيران في البحرين، وقد تم تقنين ذلك دوليا من خلال قرار مجلس الأمن 2216 وتحت البند السابع، وهو ما يعني أن المجتمع الدولي يراقب وفق مهلة محددة، وما لم تلتزم الأطراف اليمنية ومن خلفها بعدم التسلح، والكف عن العنف، فإن هناك قوة دولية ستتشكل للرد والردع - وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة - وليس القوات السعودية وحدها أو التحالف العربي الحالي، وهذا نصر سياسي يوازي النصر العسكري. كما تعني حق السعودية في التعامل مع الحوثيين في حالة ما شكلوا خطراً، ومنع وصول أي إمدادات لهم ولو بالقوة، وهو ما لا يعتبر اعتداء سعوديا، بل تطبيقا لقرار مجلس الأمن المشار إليه، بل وفتح الباب أمام دعم المقاومة اليمنية الموالية للحكومة الشرعية لإعادة تحرير المناطق التي احتلها الحوثيون وهيمنت عليها قوات علي صالح.
خامساً: أحداث تفكك داخل جبهة الحوثيين وعلي صالح:
- ومن النتائج الإيجابية لعاصفة الحزم إنضمام سبعة ألوية في الجيش اليمني - خاصة في حضرموت، إلي الوحدات العسكرية المؤيدة لشرعية الرئيس منصور هادي، مما أدي إلي مقتل المئات من الحوثيين كما دُمّر عدد كبير من آلياتهم، هذا إلي جانب حدوث إنشقاق داخل جماعة الحوثي، وبروز صراع عقائدي داخل هذه الجماعة، حيث اتهم محمد عبدالعظيم الحوثي - أحد رموز الزيدية - من يسمون أنفسهم مجاهدين بأنهم ملحدون ومنافقون ومحاربون لله ورسوله. ومن توابع انتهاء عاصفة الحزم تشكيل مجلس عسكري من المقاومة في عدن تمكن من حشد عناصر مقاتلة بما أدي إلي سيطرتهم علي 70٪ من المدينة والاستيلاء علي أسلحة ومركبات قتالية من الحوثيين، لا سيما بعد أن قام التحالف العربي بتنفيذ عمليات إسقاط وإنزال أسلحة ومعدات للمقاومة الشعبية هناك، هذا مع اشتعال معركة مأرب لأهمية حقول النفط فيها، وأيضا تعز، حيث قام طيران التحالف العربي بقصف موقع اللواء 35 بعد أن سيطر عليه الحوثيون، كما رصد في هذا السياق صدور أوامر من جماعة الإخوان التي يمثلها (حزب الإصلاح) إلي 40٫000 مقاتل تابعين لهم بعدم مواجهة الحوثيين، وكانوا في طريقهم إلي صعدة، بل وقررت الدخول في المواجهة المسلحة ضد الحوثيين. أما فيما يتعلق بمستقبل علي صالح، فقد تخلي عنه حزبه (المؤتمر الشعبي العام) الذي يترأسه، وأعلن الحزب في بيان مفاجئ له يوم 3 مايو 2015، إلتزامه بشرعية الرئيس اليمني منصور هادي، ورفض الانفلات عليها، داعيا الحوثيين إلي الانسحاب من المناطق التي سيطروا عليها بالقوة وتسليم سلاحها، فضلا عن التزام الحزب بقرار مجلس الأمن 2216، كما فتحت الحكومة اليمنية الشرعية ملف ارتباطه بتنظيم القاعدة وحيث يسعي حاليا لاستغلال هذه العلاقة لتحقيق أهدافه، وأكدت ان لا حوار في المستقبل معه، وأنه خارج أي تسوية سياسية في البلاد، هذا رغم دعوته لإجراء محادثات سلام، وحث الحوثيين علي الانضمام لها، وهو ما رفضه الحوثيين مما أدي إلي تصاعد التوترات بينهم وبين صالح، هذا فضلا عن رفض التحالف العربي السماح لصالح بمغادرة اليمن إلا بقرار من قيادة التحالف وموافقة دولية بالنظر للعقوبات الدولية المفروضة عليه وعلي ابنه، وهو ما قد يجبر «صالح» علي إعلان تخليه عن الحوثيين.
سادساً: القاعدة تحاول استغلال الفراغ العسكرى:
ولم يتأخر تنظيم القاعدة الإرهابى في استغلال وقف عملية عاصفة الحزم ليطرح نفسه كبديل، خصوصاً بعد انسحاب طاقم السفارة الأمريكية الذي كان يشرف علي توجيه ضربات طائرات بدون طيار أمريكية ضد مراكز القاعدة فى اليمن، وهو في الوقت نفسه يسعى إلى إقامة إمارة إسلامية في محافظة حضرموت شبيهة بالإمارة الإسلامية التي أقامتها داعش في العراق وسوريا، وتعتبر محافظة حضرموت أكبر أقاليم اليمن حيث تبلغ مساحتها 36٪ من مساحة البلاد، وكانت القاعدة قد بدأت تحركها بالسيطرة أولاً على مدينة المكلا في إطار سياستها بالسيطرة علي كل مكان تتركه القوات الحكومية.
وعلى جانب الحوثيين نجدهم يحاولون مواصلة الحرب لتحسين موقفهم في الحوار القادم، بدأوا ذلك بالاستيلاء على اللواء 35 في تعز مما دفع طائرات التحالف إلي قصف هذا الموقع وتدميره. ويوجد تفسيران لذلك.. أحدهما أن الحوثيين بعد إيقاف عمليات عاصفة الحزم توقعوا أن يخف ضغط القوات الجوية عليهم، فقرروا الاستمرار في تمددهم بإيعاز من إيران ولإيهام أتباعهم بأنهم يحققون انتصارات علي الأرض. أما التفسير الآخر وهو الأهم أن استيلاءهم علي مزيد من الأرض ممكن أن يؤدي إلى تحسين موقفهم في المفاوضات القادمة وكسب نقاط علي الأرض قبل أي تسوية سياسية محتملة. وربما أراد الحوثيون إطالة أمد الأزمة لتتحول إلي السيناريو السورى، ويكون حلها مرتهنا بدوائر ثلاث: محلية وإقليمية ودولية، وهم في ذلك يكررون أخطاءهم لأن إدارة الأزمة اليمنية وتسويتها كانت وستظل خليجية إقليمية في المقام الأول. هذا إلي جانب عامل ضعف خطير برز نتيجة الضربات الجوية التي وجهتها طائرات التحالف إلي الحوثيين مما جعل قواتهم مبعثرين في جزر منفصلة ومنعزلة دون قيادة وسيطرة مركزية، وأصبحت مجاميعهم في مختلف المحافظات تتصرف دون العودة إلي قياداتها، وافتقاد الانضباط في سلوكياتهم، ولم يعد لديها مراكز اتصال بالمفهوم العسكرى. وقد تلاحظ أن الحوثيين يشعرون بأنهم في صراع مع الزمن لتعزيز نفوذهم السياسي والعسكرى في اليمن، وهو ما انعكس في اجتماعات «اللجنة الثورية العليا» لهم مع أعضاء اللجنة العليا للانتخابات العامة للتشريع بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية لتثبيت شرعيتهم ولوضع المجتمع الدولي أمام الأمر الواقع.

ثامناً: بروز توجه انفصالى في جنوب اليمن:
وقد أدى تدافع الأحداث في اليمن إلي بروز توجيه انفصالى لدي زعماء الجنوب اليمنى الذين أنشأوا ما يسمى ب«الحراك الجنوبى». ومن المعروف أن عملية الاتحاد بين شمال وجنوب اليمن كان وليد ظروف عديدة أبرزها تفكك الاتحاد السوفيتي السابق وسقوط الشيوعية الاشتراكى، والتي كان يعتنقها قادة الجنوب في التسعينيات الذين ضعف موقفهم آنذاك، مما أدى إلي إسراع علي صالح بفرض الوحدة علي الجنوب. ولأنه خلال سنوات حكمه لم يكن يعطى محافظات الجنوب وأهلها حقهم في الحكم والتنمية ثار أهل الجنوب وبرز ما يسمى بالحراك الجنوبى المطالب بانفصال الجنوب.. خاصة في الظروف الصعبة الحالية التي يمر بها اليمن، إلا أن الاستجابة لهذا المطلب يعد كارثة علي اليمن وعلي منطقة الخليج، لا يمكن أن يسمح قادة الخليج وغيرهم من القادة العرب بوقوعها، لذلك يحرصون علي التعامل مع اليمن علي أساس يمن واحد وليس يمنيين، خاصة مع طلب حكومة الرئيس منصور هادى انضمام اليمن إلي مجلس التعاون الخليجى، وهو مطلب سيكون بالقطع محل اهتمام قادة المجلس في اجتماعاتهم، شريطة التعامل مع يمن واحد موحد.

تاسعاً: انعدام الثقة في الموقف الأمريكى:
وفيما يتعلق بالموقف الأمريكى، فقد رفضت دول التحالف العربي طلب إدارة أوباما بالتوسط بينها وبين إيران من أجل التوصل لاتفاق ينهى الأزمة في اليمن، كما رفضت قيادة عملية (عاصفة الحزم) طلب أمريكى بوقف الضربات الجوية بشكل نهائى ومطلق حتي بعد توقف (عاصفة الحزم) وبدء عملية (إعادة الأمل). وأصبح واضحاً للإدارة الأمريكية أن دول الخليج ومصر فقدوا الثقة تماماً في الولايات المتحدة، رغم تعهدها بالمشاركة في عمليات الحصار البحرى علي اليمن وتحريك قطع من أسطولها الخامس من بحر العرب إلي خليج عدن، حيث يصب ذلك في المصالح الأمريكية لتأمين الملاحة في مضيق باب المندب، أكثر من المصالح العربية، وحيث سادت عقيدة لدي الدول العربية بأن واشنطن تعمل لصالح إيران وإنجاح مفاوضات مجموعة 5+1 مع إيران الخاصة ببرنامجها النووي، وتشتري الوقت إنقاذ الحوثيين من الهزيمة الكاملة، مما جعل التحالف يهدد باستهداف أي سفينة إيرانية تقترب من اليمن. لذلك ليس من المتوقع أن ينجح الاجتماع الذي دعا له أوباما قادة دول الخليج في كامب ديڤيد في إزالة الهواجس والشكوك العربية من السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، وإزالة مخاوفهم من اتفاق يتوقع إبرامه في يونية القادم مع إيران حول البرنامج النووي، حيث تتوافر قناعة لدي الدول العربية عامة، والخليجية خاصة بأن أمريكا منحت الإيرانيين تعهدات يحققون بها نفوذهم وأطماعهم الإقليمية علي حساب دول الخليج العربية مقابل مكاسب وبنود سرية تصب في النهاية لصالح أمريكا، وإلا لماذا شاركت واشنطن حلفاءها الأوروبيون في مباحثات إيران النووية واستبعدت كل دول الجوار المعنية.

عاشرا: ارتباك الموقف الإيراني:
مما لا شك فيه أن قرار القيادة السعودية بشن عملية عاصفة الحزم ولوقف انحدار اليمن نحو الهاوية، بعد أن أخذ الحوثيون يبتلعون المدن والمحافظات الإيرانية الواحدة تلو الأخري، لا شك أن ذلك قد فاجأ الملالي حكام إيران، وأحدث ارتباكا شديدا في خططهم التوسعية بعد أن استولي عملاؤهم الحوثيون علي العاصمة صنعاء، وصارت إيران قاب قوسين أو أدني من تحقيق حلمها بإقامة الإمبراطورية الفارسية وسيطرتها علي أربع عواصم عربية، وقد زاد من ارتباك الملالي الإيرانيين سرعة تنفيذ عشر دول عربية شد قواتهم الجوية والبحرية والبرية، وتمكنهم من تحقيق السيادة الجوية فوق مسرح العمليات اليمني خلال 15 دقيقة، إضافة الي تأمين الحدود السعودية الجنوبية، وكذلك الموانئ اليمنية عبر السفن السعودية والمصرية، وتنفيذ حوالي 4000 طلعة جوية منعت إيران من توصيل أي مساعدات عسكرية لحلفائها الحوثيين في اليمن، مما يعكس إصرارا عربيا علي تحقيق أهداف عاصف الحزم، خاصة بعد أن حصل العرب علي دعم المجتمع الدولي بإصدار مجلس الأمن قراره 2216، الذي دعم الرؤية العربية وفشل إيران في الضغط علي روسيا لاستخدام حق الڤيتو هذا القرار.
هذا الي جانب فشل المخطط الإيراني في جر السعودية الي حرب استنزاف بكل الطرق الممكنة وحيث بالغت في استفزازها بمحاولة إشعال منطقة الحدود الجنوبية للسعودية بعمليات قصف صاروخي ومدفعي وتسلل إرهابيين عبر الحدود لم تحدث سوي خسائر ضئيلة جدا بعد أن نجحت طائرات التحالف في تدمير قواذف الصواريخ سكود ومخزون صواريخها وكذا بطاريات المدفعية، وفي منع جميع عمليات التسلل بفضل يقظة قوات حرس الحدود والحرس الوطني السعودي المتواجد في منطقة الحدود، وقد حاولت إيران عدة مرات استفزاز بحرية التحالف في منطقة باب المندب وخليج عدن بإرسال قطع بحرية إيرانية لتوصيل إمدادات للحوثيين، ولكن جميعها فشلت في اختراق الحصار البحري المفروض في المياه الإقليمية اليمنية، الي جانب فشل محاولة إيران اقتحام مطار صنعاء وإنزال طائرة نقل تحمل مساعدات للحوثيين، حيث قامت طائرات التحالف بقصف مدرج المطار مما اضطر الطائرة الإيرانية للعودة أدراجها بعد فشل مهمتها، ومن المعتقد أن إيران توصلت الي قناعة بأن ليس بإمكانها مواصلة تحدي التحالف العربي في اليمن، لا عسكريا ولا سياسيا، لا سيما بعد أن أكسبت قرارات الملك سلمان الأخيرة والخاصة بتعيينات شبابية جديدة في مفاصل الحكم بالسعودية، أكسبت السياسة السعودية ديناميكية عالية، مع صلابة وتشدد في عدم التفريط بمقومات الأمن القومي العربي عامة والخليجي خاصة، ووعي كامل لدي الدول العربية بخطورة الأهداف والمخططات الإيرانية، وأنها لن تخدع في تضليلات إيران بنواياها السلمية.
وبعد فشل المبادرة الإيرانية التي أطلقها وزير الخارجية جواد ظريف لحل الأزمة اليمنية لكونها تعبر عن دعم وكلائها الحوثيين، ولأنها تهدف الي وقف النار وإبقاء السلاح بأيديهم لذلك استمرت عاصفة الحزم ولكن بشكل آخر نوعي يتجاوب مع احتمال تطور العمليات الجوية والبرية علي الأرض، يتوقع الإيرانيون استمرار عاصفة الحزم سنة كاملة، علي اعتبار أنهم قرروا تزويد الحوثيين باحتياجاتهم من النفط لمدة سنة، كما قرروا تخصيص أربعة بلايين دولار يقتطعونها من عائدات الأموال المجمدة، وذلك من أجل توسيع ميناء الحديدة علي البحر الأحمر مقابل فتح مجالات الاستثمار لشركات الطاقة والكهرباء والنقل الإيرانية، إلا أن استمرار فرض الحصار البحري والجوي للتحالف العربي عرقل كل هذه الأنشطة، وأسقط كل الحسابات الإيرانية، وإن كان مرشد الثورة علي خامنئي لايزال مستمرا في إعطاء تعليماته لوزارة الدفاع بضرورة رفع درجة التأهل ومستوي الجاهزية شملت الجيش والحرس الثوري والأجهزة الأمنية.
ولقد حاول الإعلام الإيراني ومعه إعلام حزب الله الذي عكسته الخطابات المضطربة لأمينه حسن نصر الله أن يحدث وقيعة بين دول التحالف العربي، خاصة بين مصر والسعودية، ولكنه فشل فشلا ذريعا في ذلك، كما فشل أيضا في اختراق الشعوب الخليجية في مجملها العام وتغيير بوصلة هذه الشعوب بعيدا عن شمال قياداتها، بسبب طبيعة العلاقة المعقدة التي تربط الأسر الحاكمة في هذه المنطقة بشعوبها، والتوازنات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والخليجية التي يصعب علي من هو خارج المنطقة تفكيكها وتحليلها وفهمها، وهو ما يفرض في المقابل علي أجهزة الإعلام الخليجية والمصرية أن تكشف حقيقة الأهداف الإيرانية في بسط الهيمنة الفارسية علي الشعوب العربية من واقع أقوال وممارسات ملالي النظام الإيراني، وعملائه في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وتناقضها مع دعاوي التضليل والخداع الإيراني حول سلمية الثورة الإيرانية وحرصها علي مصالح الشعوب العربية، وهو ما تمثل في رفض العواصم الأوروبية للمبادرة الإيرانية، حيث تعامل معها العالم بسخرية لأنها كانت تهدف الي وقف النار وإبقاء السلاح في أيدي الحوثيين، وإلي الحيلولة دون هزيمتهم بما يعيد الأمور دائما الي الفوضي التي يثيرونها منذ زمن.
رؤية تحليلية
من المتوقع أن تستمر العمليات العسكرية في اليمن لفترة قد تمتد الي عام 2016، فرغم انتهاء «عاصفة الحزم» وبدء عملية «إعادة الأمل» والهدنة التي تم الاتفاق عليها في 10 مايو الماضي، إلا أن ذلك لا يعني انقضاء الأعمال العسكرية، ولكن دخول المسار السياسي بالتوازي مع العسكري، لذلك فإن دور التحالف العربي لم ينته وسيستمر موجودا حتي استقرار العملية السياسية في اليمن، وعودة السلطة الشرعية الي مسارها، وإعادة بناء الجيش اليمني الوطني، والتي أصبحت نواته موجودة في المعسكرات التي أعلنت ولاءها للشرعية اليمنية، بالإضافة الي عناصر المقاومة الشعبية. وهناك مشروع تسوية سياسية مقترح تم إعداده بواسطة عمان والجزائر من المتوقع أن يرضخ له الحوثيون بموافقة إيران، ويتوافق بدرجة كبيرة مع قرار مجلس الأمن 2216، ويتركز بدرجة كبيرة علي مخرجات الحوار الوطني، واستمرار عملية «إعادة الأمل» التي تمزج بين العملين العسكري والسياسي، وبما يمنع الحوثيين من التمدد في المحافظات اليمنية، لا سيما بعد انتهاء دور علي عبدالله صالح في اليمن بعد فقد كل مؤيديه خاصة علي الصعيد الشعبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.