أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور سعود الشريم، أن عاصفة الحزم، نزال واجب، يُمليه الضمير الحي، فكانت لجاما للمتهورين المغرورين، وحماية للحرمين الشريفين من أن تطالهما أيدي الطامعين العابثين، فضلا عن كونها نُصرة للمظلومين المستضعفين في بلد الحكمة والإيمان. وقال إن بلاد الحرمين، حينما تُقدم على عاصفة الحزم؛ فإنما هي غضبة حليم، لم يُبْقِ له سفه السافهين "حلما"، وحكمة صبور لم يَدَع له تهديد الحاقدين في قوسه "منزعا". وقال فضيلته، في خطبة الجمعة، اليوم: "إن المجتمع الواعي، هو الذي لايفرق بين عدو الداخل وعدو الخارج، فحماية نفسه من إخلال أي العدوين به؛ يعد من أوجب الواجبات عليه قيادة وشعبا". وأوضح أن الحفاظ على الأمن؛ ضرورة لا ينازعها إلا حاسد أو كاره، وأن سلامة أي مجتمع من الحروب؛ لهي نعمة ينبغي شكر الله عليها؛ لأنها مِنَّة- الرءوف الرحيم-، لأجل ذلك كان من اعتقاد أهل السنة والجماعة تنصيب الإمام الذي يرعى حقوقهم ويحمي دينهم ويصد عنهم عدوهم". وأشار إلى أن الله- جل وعلا- أنعم على أمة الإسلام بهذا البيت العتيق الذي تهوي إليه أفئدة الناس رجالا وركبانا من كل فج عميق، وهو شامخ الأركان ثابت البنيان يطاول المكان والزمان غير أنه لم يسلم عبر التاريخ من أطماع الطامعين وحسد الحاسدين، إذ تمتد إليه أيادي العبث والتخريب بين الحين والآخر، إلى أن من الله على الأمة برعاية بلاد الحرمين الشريفين له ولمسجد رسوله- صلى الله عليه وسلم- وحمايتهما بكل أصناف الحماية. وبين أن بلاد الحرمين ليست بلادا طائفية، بل هي جزء من أمة مترامية الأطراف بين المشرق والمغرب ثم إنها بقيادتها تدرك ما حملها الله من واجب في حماية قبلة المسلمين ومهاجر النبي- صلى الله عليه وسلم-، وتدرك قوله- صلى الله عليه وسلم-: "لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا لله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا"ز وتبع: "وهي تدرك أيضا أن ثمة متربصين يمكرون بأمنها مكرا كبارا، يتولى كبرهم فيها مد طائفي، ويعينه عليه قوم آخرون، قد أوهموا أنفسهم إن بلاد الحرمين ليست للدفاع عن نفسها أهلا، ولا للشدائد فصلا، فانطلقت على إثر ذلكم عاصفة الحزم لتظهر غضبة الحليم وصبر الحكيم. ورأى فضيلته إن للحروب لصوصا، كما للأموال، فهم يسرقون الأمن والوحدة والانتصار ولا يرجون للأمة خيرا، يتصدر فيهم المرجف والمخذل، لافتا إلى أن ثمة من لايريد لعاصفة الحزم أن تؤتي ثمارها وان تضع أوزارها، إما حسدا بما حباه الله ذويها من توفيق وانتصار، أو أحقادا دفينة تتسلل من صدور ذوي النفاق في الداخل والخارج، قائلًا: "ذلكم بأن بلاد الحرمين مستهدفة في عقيدتها وأمنها ومقدساتها، وإن كانت الحروب شرا لابد منه- كما قيل-؛ فإنها لحماية الحرمين الشريفين خير لابد منه". واختتم بأن بلاد الحرمين ستظل - بإذن الله - حصنا منيعا أمام مطارق الحاسدين والمتربصين وصخرا صلدا يوهن قرون ذوي الأطماع والمآرب الدنيئة، ما يؤكد استحضار شكر الله على فضله وتوفيقه واجتماع الكلمة ونبذ الفرقة.