مطران دشنا يترأس قداس عيد القيامة المجيد بكاتدرائية الشهيد العظيم مار جرجس    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية كيان مدني يقف خلف الدولة والقوات المسلحة    عيار 21 الآن وسعر الذهب اليوم بعد ارتفاعه الأحد 5 مايو 2024    ضياء رشوان: نتنياهو لن يجرؤ على مهاجمة رفح الفلسطينية    تساحي هنجبي: القوات الإسرائيلية كانت قريبة جدا من القضاء على زعيم حماس    بعد 28 عاما داخل الزمالك، ياسمين نوح تعلن اعتزالها بعد التتويج بلقب إفريقيا للكرة الطائرة    مواعيد مباريات اليوم الأحد 5- 5- 2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    طاقم تحكيم مباراة البنك الأهلي وإنبي في الدوري المصري    عاجل.. تأكد رحيل ثلاثي الأهلي في نهاية الموسم    خبير لوائح: لا توجد حالة رياضية مشابهة لقضية الشحات والشيبي    «أمطار تضرب هذه المناطق».. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم (احذروا التقلبات الجوية)    عبارات تهنئة بمناسبة عيد شم النسيم 2024    "حب جديد هيدق بابك".. بشرى سارة لمواليد برج الجوزاء اليوم (توقعات الصعيد المهني والمادي)    جيانكارلو اسبوزيتو بطل Breaking Bad ينضم لعالم Marvel    شقيق ياسمين صبري يتعرض للإغماء في أمريكا    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    مستشار الأمن القومي الإسرائيلي: كنا قريبين من القضاء على السنوار واجتياح رفح قريب جدا    البابا تواضروس الثاني يصلي قداس عيد القيامة في الكاتدرائية بالعباسية    انخفاض جديد في أسعار الأجهزة الكهربائية وهذا سر ارتفاع سعر التكييفات (فيديو)    لغز روشتة الأطباء أبرزها، شعبة الأدوية تكشف أسباب نقص الأدوية رغم انتهاء أزمة الدولار    بسبب الاستحمام.. غرق طفل في مياه ترعة بالقليوبية    رئيس جامعة دمنهور يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكاتدرائية السيدة العذراء    احتدام المنافسة بانتخابات البرلمان الأوروبي.. الاشتراكيون في مواجهة تحالف المحافظين مع اليمين المتطرف    مدير أمن أسيوط يتفقد الخدمات الأمنية استعداداً لعيد القيامة وشم النسيم    مختار مختار: محمود متولي لاعب رائع وسيضيف للأهلي الكثير    بمشاركة مصطفى محمد.. نانت يتعادل مع بريست في الدوري الفرنسي    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    بسبب ماس كهربائي.. المعمل الجنائي يعاين حريق مخزن قطع غيار بالعجوزة    الزراعة تعلن تجديد اعتماد المعمل المرجعي للرقابة على الإنتاج الداجني    بعد الوحدة.. كم هاتريك أحرزه رونالدو في الدوري السعودي حتى الآن؟    "إسكان النواب" تكشف أسباب عدم تطبيق التصالح في مخالفات البناء    نميرة نجم: حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها غير موجود لأنها دولة احتلال    سعاد صالح: لم أندم على فتوى خرجت مني.. وانتقادات السوشيال ميديا لا تهمني    صيام شم النسيم في عام 2024: بين التزام الدين وتقاطع الأعياد الدينية    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن البحث على مقبرة نفرتيتي    إصابة 10 أشخاص فى أسيوط إثر انقلاب سيارة "تمناية"    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    بمناسبة عيد القيامة.. رئيس قضايا الدولة يشارك في احتفال الكاتدرائية المرقسية    عوض تاج الدين: تأجير المستشفيات الحكومية يدرس بعناية والأولوية لخدمة المواطن    لطلاب الثانوية العامة 2024.. خطوات للوصول لأعلى مستويات التركيز أثناء المذاكرة    ب 150 ألف مقدم.. تفاصيل شقق الإسكان المتميز قبل طرحها بأيام- (صور)    رئيس الغرفة التجارية بالجيزة: شركات عدة خفضت أسعار الأجهزة الكهربائية بنسب تصل إلى 30%    أهالي الجنود لجيش الاحتلال: اقتحام رفح يعني فخ الموت.. لم نعد نثق بكم    قتيلان وجرحى في هجمات روسية على 3 مناطق أوكرانية    أوكرانيا تعلن إسقاط طائرة روسية من طراز "سوخوي - 25" فوق دونيتسك    مهران يكشف أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في التأمين    محافظ بني سويف يشهد مراسم قداس عيد القيامة المجيد بمطرانية ببا    فستان حورية البحر.. نجوى كرم تثير الجدل بأحدث إطلالة| شاهد    قداس بدولة الهند احتفالا بعيد القيامة    التحالف الوطني يكرم ذوي الهمم العاملين بالقطاعين العام والخاص بالأقصر    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    دعمتم مناقشة هذا الأمر | رمضان عبد المعز يوجه الشكر ل المتحدة    نجل «موظف ماسبيرو» يكشف حقيقة «محاولة والده التخلص من حياته» بإلقاء نفسه من أعلى المبنى    تحذير من الأرصاد بشأن الطقس اليوم: عودة الأمطار وانخفاض مفاجئ فى درجات الحرارة    المنيا تستعد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    "زلزال".. تعليق صادم من تامر أمين على صورة حسام موافي وأبو العينين (فيديو وصور)    من القطب الشمالي إلى أوروبا .. اتساع النطاق البري لإنفلونزا الطيور عالميًا    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر ل"الوفد":
د. سعد الدين: الخطاب الدينى هبط إلى الصفر جماعات الظلام والضلال تريد تحويل الدين إلى مهنة

جاءت دعوة الرئيس «عبدالفتاح السيسى» بتجديد الخطاب الدينى أشبه بالحجر الذى ألقى فى بحيرة راكدة فثارت حولها الدوائر لتشمل معظم فئات المجتمع، التى عانت من فكر الجماعات الإرهابية التى تتخفى فى رداء الدين. وعملت على تسطيح الخطاب الدينى وتصديره بأنه هو الدين وما يخالفه يخرج عن الأصول كأنهم أوصياء على دين الله وعلى عقول البشر.
الدكتور «سعد الدين الهلالى»، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أكد فى حواره ل«الوفد» أن دين الله للبشر جميعاً وليس لمؤسسة ما أو لرجال العلم أو لأى مخلوق أو جماعات دينية تعمل على تسطيح الخطاب الدينى بغرض تحويله إلى مهنة ينسج أصولها قيادات هذه الجماعات، مؤكداً أن الخطاب الوصائى يزرع الكراهية ويزيد الفتن ويشعلها.. واصفًا جماعة الإخوان والسلفيين وأنصار السنة والجمعية الشرعية بأنهم أصحاب أجندات خاصة يلبسونها لباس الدين.. ولفت «الهلالى» إلى أن لوائح الجماعات الدينية ورسائل «حسن البنا» هى أكبر فضيحة لحقت بالخطاب الدينى لأنه أصبح يعبث بالعقول باسم الدين.
إلى أى مدى لاقت دعوة الرئيس الاستجابة بتجديد الخطاب الدينى؟
- ما سمعناه فى الإعلام أن الأزهر شكل لجاناً لتطوير المناهج التعليمية لتواكب العصر، وأن وزارة الأوقاف طالبت بما يعرف بالخطبة الموحدة وهذا أقصى ما سمعناه من استجابة.
وهل هذا يكفى؟
- يكفى من وجهة نظر القائمين به طالما يرون ذلك، ولكنى أرى أن الخطاب الدينى فى مصر والدول العربية نزل تحت خط الصفر درجات شديدة، ويحتاج أولاً أن نرتقى به إلى نقطة الصفر حتي تصلح هذه الوسائل التى قدمت تصلح بعد أن نكون وقفنا على أرض صحيحة لتجديد الخطاب الدينى الذى أفسدته جماعة الإخوان والسلفيون وأنصار السنة، والجمعية الشرعية فى قسم الدعوة لأن الجمعية الشرعية لها قسم خدمى جليل لا يصح أن نغض الطرف عنه في خدمة اليتامى والمساكين وأصحاب الحوائج.. أما جانب الدعوة فما شأن الجمعية الشرعية بها، وهل يحتاج المصريون خطاباً دينياً من الجمعية الشرعية التى لا نعرف مناهجها ولا أغراضها، ولا وضعها العلمى، وأتحدي أى إنسان في مصر أن يقول لنا ما هي المناهج للجمعية الشرعية ولجماعة الإخوان والسلفيين وأنصار السنة، وبأى طريقة يقدمون مناهجهم.
ولماذا وصل الخطاب الدينى إلى تحت الصفر؟
- لأن العقل الباطن للمواطن المصرى أصبح يفهم الدين خطأ وربما يكون دارساً جيداً أمثال المتخصصين من الأزهريين، ولا أشكك لحظة في علمهم السليم، لكن هؤلاء أيضاً عقلهم الباطن مدموغ بالخطاب الدينى الذي يروجه الإخوان والسلفيون وأعضاء الجمعية الشرعية.
كيف يؤثر هذا الخطاب فى العلماء والمثقفين؟
- سأضرب مثالاً بالمثقفين، لو سألنا أياً منهم السؤال التالى ستكون الإجابة صفر(!!) وهو هل الشريعة الإسلامية مطبقة فى مصر؟ سيقول الشريعة مطبقة لكن الحدود غير مطبقة، وهذا لعدم ثقافته بالحدود في الفقه الإسلامى.. والخطاب الدينى أوهمنا أن القانون المصرى به عوار في عدم تطبيق الحدود والإجابة مبنية علي خطاب ديني في المساجد والإعلام بأن مصر لا تطبق الحدود ويجب تطبيقها، ولكن لو قرأنا في الفقه الإسلامي سنجد أن الحدود كالعبادات مثل الصلاة والصوم، فهل يحق أن نصدر قانوناً يلزم الناس بالصلاة والصوم؟ والإجابة لا.. ولكن ما قيل مع أنه صحيح، إلا أنه رأى فقهى ويوجد رأى فقهى آخر وهو أن 60٪ من العلماء قالوا: إن الحدود لا يصح أن نلزم بها الغير ولا يجوز تطبيقها في حال الشبهات، ونحن نعيش في حالة الشبهات. إذن نحن مطبقون الشريعة، ولكن هل يستطيع أحد أن يقنع الشعب المصرى بهذا؟!.. لأن الرأي الأول سار وانتشر وأدخلوه في العقل الباطن للمصريين.
العبث بالعقول
إذن الخطاب الديني الخطأ يعبث بالعقول؟
- نعم.. لأن الخطاب الدينى الخطأ يعطى رأياً واحداً على أنه من المسلمات وغيره من الآراء خطأ، والخطاب الديني الصحيح لابد أن يظهر للمسلم الرأى والرأى الآخر ولا يعطيه رأياً واحداً فقط كما يحدث مع موضوع الخلافة، فالكل يؤمن بوجود خلافة إسلامية في عهد الرسول، ثم بعد وفاته جاء «أبو بكر» وأنشأ خلافة إسلامية نتباهى بها ونتمني أن نطبقها، وإحساس المسلمين سيكون جميلاً لو أعدناها، وهذا من أثر الخطاب الدينى الذي يعتمد على الحديث الذي قال: إن الخلافة من بعدى 40 سنة، ولو بحثنا فيه سنجد أن سيدنا «على بن أبى طالب» تولى الخلافة عام (36) هجرية، وقتل بعد (4) سنوات أى سنة (40) هجرية، أى بعد وفاة النبي بثلاثين سنة.. إذن مثل هذه الألفاظ تعبث بعقول الناس وكأنها من المسلمات بسبب الخطاب الدينى الخطأ.
ومتى نبدأ بلوغ الصفر فى الخطاب الدينى؟
- عندما نجعل كل مسلم لديه علم بكل الآراء الفقهية والاحتمالات مثل الإمام الشافعى عندما قال: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيى غيرى خطأ يحتمل الصواب، وحينها سيبلغ الخطاب الديني مستوي الصفر ثم نبدأ بتجديد الخطاب الديني بتطوير المناهج والخطبة الموحدة.
وما الخطاب الديني المطلوب لينسجم مع روح العصر ومتطلباته؟
- لو التزمنا بمنهج الخطاب الديني الصحيح لن نحتاج إلى ما يسمى بدعوة تطوير الخطاب الدينى لأنه سيكون خطاباً متطوراً من تلقاء نفسه.
وما هو هذا المنهج؟
- هو المنهج العلمى.. مثلاً إذا تحدث الإمام الأكبر أو «سعد الهلالى» أو أى من علماء الأزهر فى أى أمر فقهى من علوم الشريعة فما هى درجة صحته حتي يسلم له المسلم بالأمر طالما أنه من علماء الأزهر دون أن يبحث في تخصص المتحدث، وهذه هي أكبر خطيئة.. مثلاً أنا أستاذ في الفقه المقارن، والدكتور «فريد واصل» أستاذ في الفقه الشافعى، والدكتور «على جمعة» أستاذ في أصول الفقه، والدكتور «أحمد عمر هاشم» أستاذ حديث، والدكتور «أحمد الطيب» أستاذ عقيدة وفلسفة، والدكتور «عبدالله النجار» أستاذ قانون مدنى، والدكتور «محمد مهنى» أستاذ قانون دولى.. وهذه أسماء مختلفة بوظائف مختلفة. إذن نحن في الأزهر متخصصون، ولو طلبنا من هؤلاء خطاباً دينياً سليماً فلنجعل كل أستاذ يتحدث في مجاله ولو تحدث في مجال آخر سيكون كلامه ثقافة وليس علماً منهجياً ومعلوماته قد تؤدى إلى خطأ وإرباك، ولكن المعلومة من المتخصص ستكون بآرائها وعمقها وفقهها ومنهجها وبأوجهها.
ربما يعتبر البعض هذا تضييقاً من الأزهر على كل من يتحدث عن الإسلام وكأن الدين أصبح حرفة أو مهنة.
- لا.. بل الخوف أن يتحول الدين إلي مهنة، عندما يتم تسطيحه وجماعة الإخوان والسلفيون يريدون هذا.. وسيدنا «عيسى» عليه السلام حذرنا من هذا عندما قال: إن الله يحب العبد يتخذ المهنة ليستغنى بها عن الناس، ولا يحب العبد يتخذ الدين مهنة».. وهم يريدون أن يحولوا الدين إلي مهنة، وأنا أريد أن أجعل الدين علماً، لأنى أطالب بأن يصبح الخطاب الدينى علماً وهذا هو الصحيح، وهم يريدون تسطيح الخطاب الديني ليصبح مهنة ويروجون لها، وبالطبع هذه المهنة سيضعها وينسجها قيادات الإخوان والسلفيون وسيتحدثون عن الخلافة وتطبيق الحدود وربا البنوك، لكن لو الخطاب تحول إلى علم سيظهر الرأى الذي يقول إن البنوك حلال لأنها تعتبر ريعاً وتنمي الأموال، لكن عندما نفرض وصاية جماعة أو فصيل سيكون الدين مهنة وليس علماً.
مراعاة التخصص
طالما أن الأزهر يقوم على العلم والتخصص.. فلماذا يرفض الآراء الأخرى ولا يناقشها؟
- نعم الأزهر قائم على العلم والتخصص والدليل ما يقوم به أبناؤنا من الباحثين في درجة الدكتوراه بالطبع لديهم أمل في أن يقدموا جديداً ولا يكررون القديم، وهنا العلم يتطوير، وعندما ندعى إلى مؤتمر أو حلقات نقاشية، الكل يحاول أن يقدم الجديد في أبحاثه وهذا تطوير، إذن الأزهر يراعى التخصص والاهتمام به وهنا الخطاب الديني يصبح علمياً ومنهجياً وهذا بطبيعته متطور لكن لو تم تسطيح الخطاب الديني وترك للإخوان والسلفيين والممارس العام من خريج الأزهر غير المتخصص سيتم تحويله إلي مهنة وهذا ما نرفضه.
المؤسسة الدينية طارئة على الإسلام.. فهل يحتاج المجتمع الإسلامى لمؤسسة دينية؟
- يقاطعنى بشدة معترضاً ويقول: يجب سحب هذا السؤال لأن الأزهر مؤسسة علمية وليس مؤسسة دينية، وهناك فرق بين المؤسسة العلمية والمؤسسة الدينية التي حاولت الجماعات الدينية المجىء بدين يريدون أن يعلموه للناس، لكن الأزهر مؤسسة علمية تدرس مواد علمية.
ولماذا الاعتراض والكل يعلم أن الإسلام ليس به رجل دين أو مؤسسة دينية.. فما دور المؤسسة العلمية ومواصفاتها؟
- دورها العلم والشرح والبيان.. والقرآن الكريم (6636) آية مثلاً لو المطلوب شرح آية «اهدنا الصراط المستقيم» هو الطريق القويم و«صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين» مع وجود حديث رواه بعض أصحاب السنن يقول: «غير المغضوب عليهم ولا الضالين» هم اليهود والنصارى ولو حققنا سنجد أن الحديث لا ينص علي أن كل اليهود والنصارى مغضوب عليهم وضالين.. إنما يقصد الذين خانوا وغدروا هم الذين غضب الله عليهم.. ولهذا يقول لنا يا مسلمين لا تغدروا حتي لا تكونوا مثل اليهود الذين غدروا وغضب الله عليهم ولا تنحرفوا حتي لا تصبحوا مثل الذين انحرفوا من النصارى وضلوا، والعلم يفسر هكذا، ولكنهم اختصروا الكل وجعلوا الأطفال عندما يقرأون سورة الفاتحة يكرهون جميع اليهود والنصارى من «الفاتحة» التي تبدأ ب«الحمد لله رب العالمين» وهذه الآية التي تفتح القلوب تجاه الناس بالتفسير الخاطئ تقبض القلوب تجاههم في نهاية السورة بسبب الخطاب الديني الوصائى، والمطلوب خطاب ديني علمى به كل الآراء والاتجاهات والمذاهب وهذا ما تقدمه مؤسسة الأزهر.
وماذا عن الجدل الثائر حول قضية عذاب القبر؟
- البعض قال: لا يوجد عذاب القبر لأن وجود عذاب القبر لن توجد عدالة لأن فيه ناس تموت حرقاً ويفني جسدها أو غرقاً وتأكلها الأسماك، وهؤلاء لا يدفنون، وناس تدفن ولهذا لم يعترفوا بوجود عذاب القبر.. والرأى الآخر يعترف به من خلال الحديث الذي يقول إنهم يعذبان، ويعذبان لا فى كبير ويرون بأن الذين حرقوا أو غرقوا سيجعل الله لهم قبراً في علمه ويحاسبهم أيضاً.. فهذا رأى وذاك رأى آخر، وعندما نعلنهم علي الناس نخمد الفتنة، لأن الخطاب الوصائى يزيد الفتنة ويشعلها ويؤدى للخصومة والكراهية بين الناس، ويترتب عليه وجود وظيفة اسمها رجل دين لأنه سيكون حامياً لهذه الانتقاءات والوصاية عليها.. أما الخطاب العلمى متنامى بطبعه ومهدئ للأجواء ودارئ للفتن.
الحائط السد
لكن هذه الجماعات تري أن فكرها وأيديولوجيتها هي الدين الحق؟
- نعم.. وتعليمات ورسائل «حسن البنا» لن تتغير طالما بقيت جماعة الإخوان ولو تغيرت هذه التعليمات هدموا أصلهم وتفككت الجماعة، وكذلك السلفيون وإرشاداتهم لن يغيروا منهجها ولو طوروا أنفسهم ستتحول إلي علم وهي لا تريد أن تكون علماً، ونفس الأمر ينطبق علي الجمعية الشرعية، وأنصار السنة، هؤلاء جميعاً أسسوا جماعتهم ووضعوا منهجهم منذ بداية نشأتهم ولم يغيروا منه كلمة واحدة.. فكيف يتم تطوير الخطاب الديني وهؤلاء يقفون عقبة أمام التجديد كالحائط السد، عاقدون العزم والنية للترويج لأفكارهم لأنهم يعتقدون أنها الدين الخالص الحق، وما عداه دين باطل.
إذن ما الحل في مواجهة أفكار هذه الجماعات؟
- لا يوجد حل إلا بتفكيك هذه الجماعات وألا يكون لهم علاقة بالدعوة، وأن تتحول إلي جماعات خيرية للإنفاق على ذوى الحوائج ومساعدة أصحاب الاحتياجات الخاصة ولتقديم الرفاهية للمواطن من خلال المساعدات الاجتماعية الإنسانية وما يتعلق بأمور العلم يجب أن يترك لمؤسسة الأزهر.
كيف والدولة تطالبهم بالابتعاد عن السياسة والاستمرار في أمور الدعوة فقط؟
- هذا المطلب أكبر خطيئة في حق أولادنا وأحفادنا عندما نعطي أمر العلم والدعوة لغير علماء الأزهر، وأنا لا أعترف برجل الدين، ولكني أعترف برجل العلم بالدين.
ربما يتهم الأزهر هنا باحتكار الدين، وأن الفكر الإسلامي سيصبح أسيراً لرجال الأزهر؟
- لا.. الأزهر لا يحتكر الدين، وهذا الاتهام يدل على أنهم يتعمدون ترويج الدين علي أساس أنهم رجال دين طالما هذا تفكيرهم لأنهم لا يفهمون أن الأزهر علم.
بمعنى؟
- بمعني أن الأستاذ في الأزهر لا يجرؤ على أن يلغي قناعة دارس لديه في الماجستير أو الدكتوراه لو اختار رأياً معيناً بل يمكن الباحث بأن يختار رأيه بكل حرية والأستاذ لا يستطيع أن يفرض عليه رأياً آخر.
تقصد أن الأزهر يحافظ على التنوع بين المسلمين دون الحجر على رأى آخر؟!
- طبعاً.. يحافظ علي التنوع والتجديد، ولكن رجال الدين في الجماعات الأخرى يلتزمون بالتعليمات والإرشادات، ومن يخرج عنها يعتبرونه خروجاً على الدين، ولكن منهج الأزهر منهج علمي دولي ولو سألنا أكبر جامعات في أمريكا أو آسيا أو أفريقيا عن المنهج العلمي فلن يختلفوا عليه، باحترام الرأى الآخر، وفتح باب الاجتهاد والتفكير ومن حق الباحث أن يعرف تاريخ المعلومة، وهذا تدرج وارتقاء وهو أسلوب واحد على مستوي العالم، ولكن رجال الدين في الجامعات يريدون سرقة الدين من الناس والله يقول: «قاتلوهم حتي لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله».
وهل يوجد اختلاف علي أن الدين كله لله؟
- نعم.. لأن التفسير السائد في المجتمع هو «اسألوا أهل الذكر» أي اسألوا رجال الدين وهذا خطأ، ولكن مادام الدين كله لله فلن يكون للمؤسسة أو لرجال العلم أو أي مخلوق أو جماعة، بل سيكون الدين لكل البشر لأن ما لدينا من الدين هو للبشرية جميعاً.
ما دور أهل الذكر؟
- أهل الذكر ليسوا أوصياء علي الناس، بل هم مسئولون عن البيان، وبيانهم ليس بالضرورة أن يكون ملزماً لأحد، لأن من الممكن ألا يفهم المتلقى شرح المرسل أو أن المرسل لا يقوم بالشرح الجيد، إذن أهل الذكر عليهم الشرح وليس الإقناع.
فرصة الوصاية
ولماذا يرفضون مبدأ الرأيين ويتمسكون بالرأى الانتقائى؟
- فوضى أوصياء الدين أنهم جعلوا الدين نموذجاً، ويريدون أن يفرضوا نموذجهم علي البشر، مثال ذلك «النقاب» فيه (3) آراء، جمهور الفقهاء قال: النقاب عادة وليس له علاقة بالعبادة، والرأي الثانى وقال به 10٪ من الفقهاء لدي «أحمد بن حنبل» وبعض المالكية: أن النقاب واجب ودليلهم الآية التي تقول: «ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها».. والرأى الثالث قال فيه كثير من فقهاء الملكية إن النقاب مكروه.. ولكن الإخوان والسلفيين والجمعية الشرعية تقوم بفرض وصاية علي الناس لأنهم أصحاب أجندات معينة، ولكنها توصف هذه الأجندات بالإسلامية وتريد تقديمها للمجتمع علي أنها الدين وما عداها ليس ديناً.. ولهذا ترفض الآراء الأخرى.. أما الأزهر قائم علي العلم الذي يؤمن بالتعددية والاحتمالات والتطوير التلقائى وتمكين الإنسان من حق الاختيار.
وماذا عن أزمة التراث وكيفية الحفاظ على الثوابت وفي ذات الوقت عدم الدوران فى دائرة القوالب الجامدة؟
- يجيب «بمنتهى الحدة والانفعال»: أكبر جريمة في حق التاريخ ما يقال عبر هذا السؤال(!!) لأن تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون» ومن يطالبون بهذا يريدون أن يجعلونا حالة على السلف السابقين وكان يجب أن يضعوا لنا الخطاب الديني المناسب لعصرنا، ونحن نعيش «تنابلة» وننفذ ما يقوله القدامى، مع أن هؤلاء قدموا ما يصلح لعصرهم وأهل عصرهم كانوا متصالحين معهم، وكنت أتمني أن تسألني سؤالاً آخر عن أساتذة الأزهر الفقهاء والمفسرين، وكم عددهم وستفاجأ بأن أساتذة الفقه في مصر أكثر من (600) فقيه منهم ذكور ومنهم إناث.
بل سأسألك عن أبحاثهم ومدي وصول فكرهم إلي رجل الشارع بدلاً من اللجوء إلي هذه الجماعات؟
- أقسم بالله لم يفشلوا ولكن حكم علي نجاحهم بالحبس في أروقة العلم، وحكم على نجاحهم بالتقزيم وعدم الخروج من أسوار الجامعة، ولكن مناهجهم في الأزهر مليئة بالتجديد والتطوير والخطاب الديني الصحيح، وأنا يتم لومى لأني أقول الآراء الفقهية للناس، وهم يتحججون أن مكانها في محراب العلم.
معني هذا أن الأزهر معوق لتطوير الخطاب الدينى.
- يجب أن يحاسب من في الأزهر على لماذا لم يقدموا خطاباً دينياً فى الفقه والتفسير والحديث وفي علم العقيدة لأهل العصر ويقتنعوا به، وإذا عجز الأساتذة الحاصلون عن تقديم خطاب ديني يقنع أهل العصر سنقول إنهم فشلوا مع أنهم والله لم يفشلوا، بل محبوسون داخل جدران الأزهر.
إذن جرى على الأزهر ما جرى علي مؤسسات الدولة من تهميش وتقزيم.
- علماء الأزهر لهم كتب وآراء فقهية متطورة جداً ويكفي مادة تسمي مادة القضايا الفقهية المعاصرة التي تعالج كل الآراء الفقهية في مأساة واحدة، لأنه لا توجد مسألة فقهية تدرس الآن إلا في إطار رأيين، ولا يوجد حديث إلا يفسر برأيين أو آية دون رأيين أو ثلاثة أو أكثر لأن منهج الأزهر قائم علي التعددية.
هل نرى أن المجتمع المصري أسير للتراث؟
- التراث به جميع الآراء، ولكن المشكلة تكمن في الذي اختار رأياً معيناً وروج له من خلال الخطاب الوصائى للإخوان والسلفيين والجمعية الشرعية وأنصار السنة.
ولماذا تنهل جماعة الإخوان من فكر ابن تيمية؟
- هذه انتقاءات فقط لا غير لأن «ابن تيمية» لا يفرض رأياً واحداً مثلاً آية «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين». «ابن تيمية». قال: جمهور المفسرين قالوا إن هذه الآية نسخت آية السيف، وهناك من يري أن آية السيف هي الناسخة.. وذكر الرأيين، ولكن هذه الجماعات تركوا رأى مذهب الجمهور وأخذوا رأى البعض.
كيف يتم الفوز في الصراع مع أوصياء الدين؟
- بأن تمنع من يسحبون الخطاب الديني ويرفضون أن يقدم كعلم وهم الأوصياء علي الدين وليبتعدوا عن الدعوة وخطبة الجمعة والثقافة والمحاضرات، لأن الخطاب العلمى متطور بطبيعته، والخطاب الوصائى قزم، واللوائح التي تأسست عليها تلك الجماعات ورسائل «حسن البنا» هي أكبر فضيحة لحقت بالخطاب الديني، لأن هذه الجماعات لن تقبل بتجديد الخطاب الدينى.. ولهذا يجب نقل ما يدور من علم داخل الأزهر إلى الناس، وخروج أساتذة الأزهر من محاريب العلم إلي المجتمع ليقولوا للناس ما يقال للطلبة، وحينها سنفوز في صراعنا مع هؤلاء الأوصياء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.