صحوت على صوتها العالى.. نبرتها الارستقراطية وهى تصرخ فى الجمع الملتف حولها: أنتم بلا قلوب.. لو فى دولة محترمة كان جزاء كل منكم الإعدام. تعجبت من التفاف بعض الجيران حول ضابط شرطة ومجموعة من العساكر.. ارتديت ملابسى على عجل وخرجت استوضح الأمر. الحوار الدائر اصابنى بالدهشة بدأه جارنا المحامى وهو يصرخ فيها. كفى عن إطعامهم حتى يتسنى لنا إطعامهم من الأكل الذى جلبناه. لن يجرؤ أحد على مسهم بسوء طالما أنا على قيد الحياة. سألت احد الجيران عن الموضوع فأخبرنى أنها متعاقدة مع شركة على توريد أكل لكلاب المنطقة الضالة.. هذه الكلاب التى تزعج المارة وتمنع الأطفال من اللعب فى الشارع.. تهاجم العربات المارة.. وقد أبلغ بعض السكان عن هذه الكلاب, وأحضروا بعض الطعام المسموم لكن الكلاب كانت شبعانة وأبت الأكل من طعامهم. سألته فى انزعاج: لماذا تريدون قتلها هل هى مسعورة؟ هل عضت أحدًا من الأولاد؟ لا.. لكنها مزعجة يكفى نباحها الذى يحرمنا من النوم. - وهل هذا يعطيكم الحق فى قتلها؟! تركتهم لشجارهم وأنا اتعجب لما آل إليه حالنا من تناقض..عته.. إما الاهتمام المبالغ فيه بالحيوان, أو الدعوة لقتله.. استرجعت دموع تلك السيدة عندما مات أحد الكلاب التى ترعاها.. انهيارها التام رغم أننى عندما ذهبت لعزائها فى شقيقتها الوحيدة, لم أرها تذرف ولو دمعة من عينيها.. كما لمحتها أكثر من مرة تطرد الأطفال المشردين.. تضربهم.. تمنعهم من الجلوس أمام بيتها.. كم من مرة اشتكى لى بوابها عن مدى بخلها حتى أنها خصمت له اليوم الذى تأخره وقت مرضت زوجته.. رفضت مساعدته فى علاجها رغم علمها بمساعدة جميع من فى الشارع له. بالفعل لقد أصبح مجتمعنا يعانى من الانفصام.. يتجمع وينظم وقفات من أجل مقتل كلب.. ويغفل موت عشرات الشباب كل يوم.. تلك الفقيرة التى ذهبت إليهم آملة أن تجد عند أحدهم حلا.. مساعدة فى علاج طفلها الرضيع.. لكن هؤلاء الرحماء طردوها.. زجروها.. اتهموها بالعمالة. يتعاقد مع شركات لتوريد بقايا الدجاج للكلاب الضالة ويغفل عن آلاف الأسر التى لا تتقوت إلا عليها .. يرى بعينيه مئات الباحثين عن الطعام فى قمامتهم، ويهدر فى عزوماته.. يكتفى بالجلوس فى بيته ومداعبة حيواناته الأليفة. الإنسانية ايها السادة لا تتجزأ.. الرحمة سلوك عام لا يفرق بين الحيوان والإنسان.. الرحمة ايها السادة حق للجميع.. يجب أن تطال مخلوقات الله .. الإنسان قبل الحيوان.. ارحموا من فى الأرض.. يرحمكم من فى السماء.