قطر أنفقت مليارات الدولارات على المجموعات الشبابية الثورية والإخوانية لتنفيذ مخطط «بوش» في الشرق الأوسط الجديد القاعدة وداعش وأنصار الشريعة وبيت المقدس وغيرها من منظمات الإسلام السياسي مجرد أدوات في يد واشنطن وحلفائها - لا تزال الإدارة الأمريكية برئاسة أوباما تخطط لتقويض نظام الحكم الذي بزغ في مصر بإرادة شعبية عقب ثورة 30 يونيو الماضي التي أطاحت بنظام الحكم الإخواني التابع لأمريكا، رغم إدراكها بيقين أن الشعب المصري رافض لهذه الجماعة التي ثبت أنها منبع الإرهاب في العالم كله- تاريخا وواقعا – فضلا عن فشلها الذريع في إدارة دفة الحكم في مصر خلال العام الذي حكمت فيه مصر (عام 2012). كما ثبت وتأكد لأمريكا أيضا امتداد ووثوق العلاقة بين جماعة الإخوان ومنظمات إرهابية - كالقاعدة وداعش – تشكل تهديدا خطيرا للأمن الدولي، ورغم ذلك وبسبب عمق العلاقة بين أمريكا وجماعة الإخوان، رفضت إدارة واشنطن تصنيف الإخوان باعتبارهم جماعة إرهابية. - ويعتبر التعاون «الأمريكي – الإخواني» ركيزة لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي أرسى ركائزه الرئيس الأمريكي السابق بوش عام 2003، ويعتمد على منظمات الإسلام السياسي في بلدان الشرق الأوسط في الوصول إلى الحكم بعد إزاحة الأنظمة الحاكمة فيما عرف ب «الثورات الملوثة» عام 2010 بواسطة المجموعات الشبابية الثورية التي تم تربيتها في المؤسسات الاستخباراتية الأمريكية في فريدم هاوس، واوبتور بصربيا، وأكاديمية التغيير في لندن ثم بعد انتقالها إلى الدوحة، وانفقت عليهم مليارات الدولارات تحقيقا للأهداف الأمريكية والمتمثلة في بسط الهيمنة الأمريكية على دول المنطقة بعد إضافتها بإعادة تقسيمها عرفيا وطائفيا ومذهبيا، ومن خلال أساليب الفوضى الخلاقة – الجاري تنفيذها حاليا – وبواسطة أدواتها في منظمات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان وحلفائها في القاعدة وداعش وأنصار الشريعة وبيت المقدس.. وغيرهم المنتشرين في مصر وسوريا والعراق وليبيا ودول الخليج وشمال أفريقيا، وبمساعدة ودعم كل من قطر وتركيا، وحتى يتشكل في النهاية محوران دينيان يتناقلان في منطقة الشرق الأوسط.. الأول ما يطلق عليه الهلال الشيعي الذي يضم إيران وسوريا ولبنان والعراق ومناطق الشيعة دول الخليج وصولا إلى اليمن التي سيطر عليها الحوثيون بدعم ومساندة إيران، وصارت شوكة في ظهر وجنوب السعودية، كما تهدد العلاقة الدولية في مضيق باب المندب وقناة السويس. أما المحور الثاني ويطلق عليه القوس السني ويضم مصر والسعودية وبلدان المغرب العربي والسودان، في أن يظل المحوران في صراعات دموي مستمرة، وبما ينهك بلدان المحورين ويجعلهما في حاجة إلى دعم ومساندة أمريكا وبالتالي التحكم في واقعهم ومستقبلهم ومصائرهم، ويؤمن لإسرائيل تحقيق هدفها القومي بأن تكون القوة الإقليمية العظمى الوحيدة والمسيطرة والمهيمنة على المنطقة، وصولا إلى إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات. - وجاء التصريح الأخير– في 8 مارس الماضي– لمستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني – كاشفا للدور الإيراني في هذا المخطط الأمريكي، حيث قال: «إن إيران أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهى مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي»، وذلك في إشارة إلى إعادة الإمبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام التي احتلت العراق «وكان ذلك خلال منتدى الهوية الإيرانية» بطهران قبل ذلك بيومين، والتي قال فيها أيضا «إن جغرافيا إيرانوالعراق غير قابلة للتجزئة، وثقافتنا غير قابلة للتفكيك، لذا إما أن نقاتل معا أو نتحد». ثم هاجم كل معارض النفوذ الإيراني في المنطقة، معتبرا أن كل منطقة الشرق الأوسط إيرانية»، قائلا: «سندافع عن كل شعوب المنطقة، لأننا نعتبرهم جزءًا من بلادنا إيران، وسنقف بوجه التطرف الإسلامي والتكفير والإلحاد والعثمانيين الجدد والوهابيين والغرب والصهيونية. - وبغض النظر عما تحمله هذه التصريحات من استفزاز وغرور وتبجح للدول العربية ذات المذهب السني، مما يستوجب التصدي لها، إلا أنها تكشف كثيرا عن مشاركة إيران في المخطط الأمريكي المشار إليه آنفا حول مستقبل المنطقة وإعادة ترسيم خرائط دولها، وتشكيل الهلال الشيعي في مواجهة القوس السني، ويفسر أيضا كثيرا مما يجري الآن في العراق، حيث يتوالى الجنرال قاسم سليماني قائد القدس في الحرس الثوري الإيراني في إدارة العمليات في داخل العراق ضد داعش، بعد أن سقط الجنوبالعراقي كله في براثن السيطرة الإيرانية، وأصبح معظم اليمن في براثن الحوثيين الذين ترعاهم إيران، ويسعون إلى تشكيل حرس ثوري يمني أشبه بالحرس الثوري الإيراني، وهو ما كشف عنه الرئيس اليمني هادي منصور الذي عزله الحوثيون في منصبه وفر من صنعاء إلى عدن بعد أن سيطر الحوثيون على العاصمة، ويسعون إلى نقل المعركة إلى عدن لاحكام سيطرتهم على كل اليمن وتهديد السعودية. - ومن البديهي أن الولاياتالمتحدة هي التي سمحت بهذا التمدد الإيراني في ظل ضعف الدول العربية لابتلاع المنطقة بين أمريكا وإيران، وهو ما كشف عنه بوضوح أعضاء في الكونجرس الأمريكي عندما انتقدوا سياسة أوباما في التفاوض مع إيران في المسألة النووية، وتقديم تنازلات عديدة لإيران يسمح لها باستخدام عمليات التخصيب، ورفع عمليات العقوبات الاقتصادية عنها، وبما يؤكد وجود صفقة بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإيرانية تربط بين استمرار البرنامج النوي الإيراني ورفع العقوبات والتمدد الإيراني في المنطقة ومحاربة داعش.
أوباما يُرسي حجر أساس تفويض مصر - في مقالي بتاريخ 2 مارس 2015 تحت عنوان «الإخوان المسلمون يتخططون من أمريكا وقطر وتركيا بتقويض مصر وسوريا: من كوسوفو إلى الدولة الإسلامية «داعش» Muslim Brotherhood designs of America, Qatar and Turkey in Egypt and Syria: Kosovo to ISIS بقلم: bautros Hussein – leeyay walker – noriko watanabe ونشرته صحيفة مودرن طوكيو تايمز، ذكر كتاب المقال ما نصه: «الرئيس أوباما أرسى حجر أساس تقويض مصر ينهض على مخططات تشارك فيها الإخوان المسلمين للسيطرة على المشهد السياسي وجميع أنحاء المنطقة الشاسعة وأن مخططات واشنطن لمنظمات الإسلام السياسي، يشاركها في الرؤية كل من قطر وتركيا وجماعة الإخوان. وفي إطار الاحداث الجارية تبدو واشنطن وحليفتها جماعة الإخوان يشتركان في رؤية ضرورة الهيمنة على منطقة متسعة تشمل مصر وليبيا وسوريا وتونس. وأن تركيا تحت حكم أردوغان ستدعم هذا الحلم، وبالاستعادة من أموال قطر. إى أن القوى الحاكمة في سوريا تحت رئاسة بشار الأسد، وظهور الرئيس عبدالفتاح السيسي في مصر، عرقل تنفيذ هذا المشروع». - ثم أشار المقال إلى أن هذه الخطة الكبيرة انبثقت داخل اروقة النخب السياسية «انقرةوالدوحة وواشنطن في عهد أوباما، وأن بريطانيا ستستفيد منها نتيجة علاقاتها مع جماعة الإخوان في تونس «حزب النهضة»، فضلا عن باقي قواعد جماعة الإخوان المنتشرة على كل الساحة العالمية – ولذلك ركزت إدارة أوباما جهودها على العمل عن قرب وبثبات مع الإسلام السياسي. ثم أوضح المقال أن إدارة أوباما سارت خطوة أبعد من الإدارات الأمريكية السابقة، حيث من الثابت والمؤكد أن تدخل أمريكا وحلفائها في أفغانستان والعراق نيليا.. كل ذلك أدى إلى صعود ونمو تنظيمات الإسلام السياسي المنادية بتطبيق قوانين الشريعة الإسلامية في المجتمعات الإسلامية على كل المستويات، وهو نفس المنهج الأمريكي الذي دعم تنفيذ قوانين الشريعة الإسلامية في السودان عقد الثمانينيات، واعتبر نظام حكم السودان آنذاك (برئاسة جعفر النميري) الأفارقة غير المسلمين أحل ذمة (وهو ما أدى لاحقا إلى انفصال جنوب السودان باعتبار معظم سكانه مسيحيين). - كما سلط المقال الضوء على تأثيرات ونفوذ جماعة الإخوان على إدارة أوباما منذ أوائل عام 2013، وهو ما كشف عنه تحقيق عن الإرهاب أعدته مجلة روزاليوسف في مصر في 22 ديسمبر، وترجمة للإنجليزية حول ما أطلق عليه «المشروع التحقيقي عن الإرهاب» investigative project on terrorism، حيث كشف عن وجود ست شخصيات إخوانية يعملون داخل البيت الأبيض، أحالوه من موقع معادي للجماعات والمنظمات الإسلامية المتطرفة في العالم إلى أكبر وأهم المواقع المؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين، وحدد التقرير أسماءهم وهم: عارف عليخان (مساعد وزير الأمن الداخلي لتطوير السياسات)، محمد علبياري (عضو المجلي الاستشاري لوزير الداخلية)، راشد حسين (المبعوث الأمريكي الخاص لمنظمة المؤتمر الإسلامي، سلام المراياتي (المؤسس المشارك لمجلس الشئون العامة الإسلامية MPAC)، والإمام محمد ماجد (رئيس الجمعية الإسلامية في أمريكا الشمالية ISNA)، وإيبوباتيل (عضو المجلس الاستشاري للرئيس أوباما حول شراكات الجوار القائمة على الإيمان). - تم كشف المقال عن المؤامرات التي تحيكها أمريكا بالتعاون مع جماعة الإخوان ضد مصر، والمستمرة في هذا العام (2015)، وذلك على أساس الدعوة التي وجهتها إدارة أوباما لوفد من جماعة الإخوان لزيارة مواقع السلطة الأمريكية في واشنطن. وقد أثيرت مرة أخرى تقارير المشروع التحقيقي عن الإرهاب «IPT»، حيث طلب وفد الإخوان مساعدة الإدارة الأمريكية في استعادة الرئيس السابق محمد مرسي وجماعة الإخوان مواقعهم إلى السلطة في مصر. في ذات الوقت الذي شكل فيه برلمانيون ووزراء وقضاة من الإخوان في عهد مرسي ما اطلقوا عليه «المجلس الثوري» المصري في إسطنبول، وكان ذلك في أغسطس الماضي بهدف إسقاط الحكومة العسكرية في مصر، على أن يكون مركزه بجنيف في سويسرا. أما أعضاء الوفد الإخواني الذي زار واشنطن بعد ضم عبدالموجود درديري وجمال حشمت.. (وكلاهما كان عضوا في برلمان الإخوان 2012). - وانتقد المقال سلوك إدارة أوباما، والتي رغم تورط الإخوان وحلفائهم في مهاجمة المسيحيين الأقباط في مصر، وحرق كنائسهم، فلا تزال الإدارة الأمريكية ترحب بهذه المنظمة كما أن القادة السياسيين في أمريكا يدركون تماما أن الإخوان المسلمين يتعاملون سرا مع منظمات إسلامية متطرفة أخرى تمارس الإرهاب في سيناء وجميع أنحاء مصر. هذا فضلا عن علاقة الإخوان الوثيقة مع حركة حماس المتشددة في قطاع غزة، والتي تسعى بدورها لزعزعة الاستقرار في سيناء وبالمثل في ليبيا أيضًا توجد عناصر لجماعة الإخوان وتنظيم داعش وجماعات إسلامية متطرفة أخرى تسعى إلى الاستيلاء على السلطة هناك ولتشكل ضجرا في قلب مصر. وكما هاجم الإخوان الكنائس المسيحية في مصر، فإن عناصر داعش يقومون الآن بذبح المسيحيين المصريين في ليبيا. - ثم انتقل المقال بعد ذلك إلى منطقة البلقان، ورغم كل الدعاية غير الصحيحة، فإن التاريخ القريب والواقع يؤكد أن الحروب الثلاث التي نشبت في أوروبا في العقود الأخيرة اشتبك فيها المسيحيين الأرثوذوكس والمسلمون في البوسنة وقبرص وأيضا في كوسوفو. وقد أكدت محصلة هذه الحروب أن أنقرة وتركيا كان لهما مصالح مشتركة في هذه الحروب. وهو ما يعني أن مسلمي تركيا يسعون إلى ابتلاع أجزاء من قبرص. وبالمثل فإن كوسوفو ستنتزع من صربيا برغم أن هذا الجزء من صربيا يعد بمثابة (القدس) للأمة الصربية. لذلك فمع إدارة أوباما التي تفضل جماعة الإخوان في مصر، من الواضح أن شيئا لن يتغير بشأن أسلمة كلا جانبي البحر المتوسط، وهذا هو ملخص سياسات واشنطن. وبمعنى آخر ستستمر داعش في قتل المسيحيين والشيعة والشبك، بينما يقوم المعادون للمسيحية في شمال قبرص وكوسوفو بالحصول على مساندة أنقرة وواشنطن. هذا في ذات الوقت الذي يتعرض له المسلمون المعتدلون والمسيحون لتهديدات من قبل القوى التكفيرية الهمجية التي تدعمها بعض قوى الخليج وحلف الناتو. - وعلى عكس أجندة أنقرة وواشنطن المتفقة بشأن الموقف في البلقان، فإنه من الملاحظ أن موقف الناتو ودول الخليج مختلف بشأن حالة عدم الاستقرار في مصر وليبيا وسوريا، حيث تختلف الاعتبارات الدينية والجيوبوليتيكية، ويسود الانقسام ليبيا في الداخل، وتقوم قوى خارجية بدعم قوتين متصارعتين هناك. وبالمثل فإن المؤامرات الخارجية ضد سوريا تلقى الضوء على الانقسامات الدينية والعرفية كأسباب للصراع، بسبب تواجد عدة مجموعات إرهابية إسلامية وعلمانية يجري مساعدتها بواسطة قوى خارجية ذات أهداف مختلفة. إلا أن العامل المشترك الذي يربط دول الناتو مع دول الخليج (خاصة إيران) هو عدم تورعهم عن تحويل بعض دول المنطقة 40 دولة فاشلة. وإذا كان مفهوم الدولة الفاشلة ينطبق اليوم على كل من أفغانستان وليبيا أو العراق. وليس مفاجأة أن الحكومة السورية رفضت أن تسلم الدولة إلى قوى خارجية تساعد على إثارة الفوضى وعدم الاستقرار. كما أن بزوغ نجم «السيسي» على الساحة السياسية في مصر كان سببا في رفض التفريط في وحدة وسيادة الأمة المصرية إلى اللاعبين في الخارج. - وإذا كانت الولاياتالمتحدة وتركيا بإمكانهما في البلقان أن يطوعا بسهولة الأمم المسيحية الأرثوذوكسية، لتماثل النظام السياسي في كل من قبرص وصربيا، فإنه بالمثل أمكن القوة العسكرية الأمريكية أن تدمر الجيوش التقليدية والبنية الأساسية في كل من صربيا بواسطة القصف الجوي للناتو تحت إشراف أمريكا. وبريطانيا عام 1999، وأيضا في العراق عام 2003، حيث أمكن للتحالف العسكري الدولي الذي قادته أمريكا آنذاك أن يدمر الجيش العراقي وبنية العراق الأساسية في هذه الحرب. ولقد ثبت أن أمريكا ليست مستعدة ولا ناجحة في خوض حروب العصابات والتمردات الداخلية، ولذلك فإن سياسات أمريكا وتركيا تجاه البلقان الإسلامي أسفرت عن عزل المسيحيين الارثوذوكس في معازل (جيتوات)، ومحو كامل للثقافة الوطنية. - وحتى اليوم، فإنه في العراق وليبيا ومصر وسوريا توجد دول ذات ثقل اقليمي، إلا أن قوى الناتو (ومنه تركيا) لديها أهداف مختلفة تتعارض مع مصالح وأهداف دول المنطقة. وهذه الحقيقة هي التي تعرقل تحقيق حلم الإخوان المسلمين في الاعتماد على أمريكا وقطر وتركيا في الوصول إلى السلطة، ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في تماسك النظام السوري والتفاف المصريين المتنامي حول السيسي. – لذلك.. وبينما لا تتورع أمريكا وقطر وتركيا عن العمل على زعزعة الاستقرار في ليبيا وسوريا، فإن المصالح المتعارضة بين كثير من الدول في المنطقة تساعد على نشوب ثورات مضادة داخلها، لذلك فإن الجهد التي تبذله النخب الحاكمة والسياسية في سوريا ومصر للقضاء على الثورات المضادة إنما يرجع إلى حرصها على عدم تحول بلديهما إلى دول فاشلة. - ومن الملاحظ أيضا أن بروز تنظيم داعش بقوة في العراق قد جرى بعد أن سحبت إدارة أوباما القوات الأمريكية من هناك. كما أن حالة عدم الاستقرار في سوريا هي التي مكنت داعش وتنظيم النصرة وغيرهما من المنظمات التكفيرية والعراقية من الظهور والاشتباك في الحرب الأهلية الجارية هناك. بينما هذا يحدث فإن جماعة الإخوان في سوريا صارت أداة طيعة في ايدي إدارة أوباما لتحقيق مشروعها الشرق الأوسط الجديد، والذي تلقى دفعة بنتيجة الاضطرابات التي دعمتها كل من قطر وتركيا في بلدان المنطقة. ورغم أن السعودية وباقي دول الخليج لا يساندون نظام الأسد في سوريا، فإن نفس هذه الدول الخليجية تختلف مع أمريكا وقطر وتركيا في موقفها تجاه مصر، حيث لا ترغب هذه الدول الخليجية أن تسيطر جماعة الإخوان على السلطة في مصر والأردن. - إن الأزمة الأخيرة في ليبيا تلقى الضوء على رغبة مصر في تضييق الخناق على القوى الإرهابية والتكفيرية التي تسعى إلى تحويل هذه البلد إلى خنجر موجه لقلب مصر ودول المنطقة. وقد برز ذلك في الضربات الجوية التي شنتها مصر ضد قواعد داعش في ليبيا بعد المذبحة التي ارتكبها هذا التنظيم الإرهابي بذبح 21 قبطياً مصرياً هناك. وبينما ترغب مصر في أن يساند المجتمع الدولي القوى غير الإسلامية في ليبيا، ومقاتلة مختلف الجماعات الإرهابية هناك، فإن الملاحظ أن هذه الرغبة المصرية قوبلت بالصمت من أمريكا وقطر وتركيا. وعليه وبينما تستمر واشنطن في التعامل مع العناصر التابعة للإسلام السياسي، وتعزل نفسها عن الأزمة الناشبة في ليبيا، فإنها - أي واشنطن – لا تزال متورطة في اثارة الاضطرابات داخل مصر. - وفي نفس الوقت، فإن كل من أمريكا وقطر وتركيا قد ثبت أنها وراء تشكيل وتدريب قوة إرهابية عرقية جديدة للعمل ضد سوريا. هذا رغم إدراك جميع الاقليات لحقيقة أنها ستواجه اضطهادا منهجيا إذا ما تمكنت إحدى الحركات الإسلامية من الاطاحة بالنظام السياسي القائم حاليا في سوريا. - وبمعنى آخر، فإن انقرةوالدوحة وواشنطن.. جميعا يسعون لامتصاص الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثلما فعلوا في البلقان من قبل.. وذلك من أجل إعادة تشكيل المنطقة على أساس أطماعهم الجيوبوليتيكية، ولذلك ومن أجل تحقيق هذا الهدف، فإن هذه الدول تعمل من أجل تمكين جماعة الإخوان من حكم بلدان المنطقة لتكون أداتهم في ذلك. - إن الإسلام الاصولي، مثل المسيحية الارثوذكسية في شمال قبرص وكوسوفو.. لا تعني الا القليل بالنسبة لأمريكا وقطر وتركيا عندما يصل الأمر إلى المصالح والاعتبارات الجيواستراتيجية، هذه الحقيقة تعني أن سعي هذه الدول الثلاث للاستفادة بالإسلام السياسي قائم على أساس فعاليات وطموحات الإخوان المسلمين في مختلف بلدان شمال أفريقيا والشام. ولذلك فإن مصر وسوريا يعتبران في الخط الامامي يحافظان على استقلالهما في مواجهة مخططات الشرق الأوسط الجديد، وأيضا في مواجهة إرهاب داعش المرتبط مع قطر وتركيا المعروف جيدا، لذلك فإن المخاوف السائدة في مصر أن الدول الخارجية تتعامل مع القوى التكفيرية بنفس المستوى الذي تتعامل به مع حكومات المنطقة، وهو ما يبرز في تعامل هذه الدول الخارجية مع القوى السياسية والإرهابية في سوريا.