«ثار الجدل واللغط فى الأوساط السياسية والإعلامية وفى أوساط العائلات، عقب إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى أنه سيصدر قريباً قرارات بالعفو عن بعض الشباب المسجونين والذين قبض عليهم لتواجدهم صدفة فى مظاهرات الإخوان، وسبب الجدل واللغط، والسؤال الآن ما المعايير التى سيتم على أساسها قرار العفو، حتى لا تتحول العملية إلى كشوف بركة ومن الذى سيحدد الأسماء التى يمكن أن يصدر لها العفو، والشروط التى سيتم اختيار هذه الأسماء على أساسها والسؤال الأهم.. هل يتم العفو عن أشخاص لايزالون على قيد التحقيقات أم أن قرارات العفو ستشمل أيضاً أشخاصاً صدرت بحقهم أحكام قضائية.. لا نقول ظلماً.. فنحن نحترم القضاء ونثق فى نزاهته، ولكن نقول إن الأحكام جاءت استناداً إلى بعض الأدلة والملابسات التى شابتها شبهات بعدم الدقة أو الموضوعية نتيجة لحالة الاضطراب الأمنى الذى تعانى منه مصر الآن، والارتباك الذى يقود رجال الشرطة للقبض على كل من يقع تحت أيديهم فى نطاق مظاهرات الإخوان أو أعمال العنف. «الوفد» تطرح القضية للنقاش مدعومة بما لدينا وتحت أيدينا من وثائق ومستندات لبعض الأشخاص الذين صدرت ضدهم أحكام بالسجن بوصفهم من الإخوان، وهم لا ينتمون قلباً وقالباً لهذه الجماعة الإرهابية، بل إن بعضهم ينتمى لأحزاب أخرى من بينها حزب الوفد. تنص المادة 155 من الدستور على «لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأى مجلس الوزراء العفو عن العقوبة، أو تخفيفها، ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون، يقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب» وهى المادة التى استند إليها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تصريحه أثناء لقائه مع الصحفيين والكتاب والفنانين حين قال أدعوكم لتشكيل لجنة لمراجعة قوائم المحبوسين، وسأكون أول داعم لها، وستذهبون بأنفسكم إلى السجون وتخرجون بهم فى أيديكم، وما أن تم الإعلان عن القرار خرجت الأحزاب والمنظمات الحقوقية تطالب بخروج أعضائها داعين للتفرقة بين أصحاب الرأى وأصحاب القنابل الذى تم الإفراج عنهم فى عهد المعزول محمد مرسى ودعم من مطالب هؤلاء وهؤلاء تأكيد الرئيس على علمه بوجود مظلومين بالسجون، داعياً إلى تشكيل لجنة لنظر فى حالة المسجونين ويتساءل المصريون الآن حول من تشملهم قرارات العفو وكيف سيتم النظر فى كل حالة، وعن ملابسات القبض عليها فمنذ ثورة يونية 2014، ومصر لم تكد تهدأ يوماً واحداً من المظاهرات وأعمال العنف التى يمارسها الإخوان فى الشوارع لإرهاب الشعب، ولأنه فى زحام المظاهرات ووسط أعمال العنف وتحت قصف الخرطوش وشماريخ الإخوان وقنابل الغاز من الأمن، لا يمكن لأحد أبداً مهما بلغت قدرته الأمنية وحكمته وثباته النفسى وقوة بصيرته أن يفرق فى عمليات القبض بين شخص وآخر بين إخوانى ومتظاهر.. وبين شخص برىء قاده حظه العاثر للمرور قرب المظاهرات سواء كان يشترى شيئاً وخرج لتوه من زيارة أو ينتظر مواصلة أو لأى أمر من الأمور.. وهؤلاء نؤكد أنهم كنز بلا مبالغة.. نعم هناك العديد من المصريين الأبرياء الذين ألقى القبض عليهم بمحض الصدفة السيئة وكان مصيرهم السجن.. بل إن بعضهم أحيل للقضاء الذى أصدر ضده أحكاماً بالسجن. ونذكر تجربتين واقعتين عانت منهما الوفد جريدة وحزباً مؤخراً، الأولى بإلقاء القبض على نجل الزميل محمود جاد فى قسم الإنتاج الفنى، وكان الطالب محمد محمود جاد خارجاً من كليته بمنطقة الهرم (معهد الحاسبات) وألقى القبض عليه أثناء عودته من الهرم إلى منزله فى الدقى وتصادف حدوث مظاهرات وضرب وأعمال عنف أمام جامعة القاهرة، فقام الميكروباص بإنزال الركاب ومنهم محمد نظراً لإغلاق الطريق أمامه إلى الدقى، وألقى القبض عليه ظلماً مع آخرين وبسبب هذا قضى محمد 6 أشهر ظلماً فى السجن وخرج بكفالة خمسة آلاف جنيه ولايزال قيد القضية والتجربة الثانية هى القبض على المحامى محمود فتحى محمود، عضو حزب الوفد. قضية محمود محمود فتحى عضو حزب الوفد الذى اتجه يوم الجمعة 22/11/2013 لمول سيتى ستارز لشراء بدلة زفافه بعد صعوده التاكسى وأثناء التوجه للمول فوجئ بمظاهرات واضطر لتغيير خط سيره وفى تمام الساعة الثالثة عصراً كان موجوداً بالمول فى أحد الكافيهات وتعرف على عامل فيه والذى شهد بتواجد محمود بالمول أثناء المظاهرات بعد خروج محمود من المول تم القبض عليه ووجهت له اتهامات وحررت له قضية تحت رقم 53751 لسنة 2013 جنح مدينة نصر والتى حكم فيها بالسجن خمس سنوات وتم استئناف الحكم تحت رقم 9546 لسنة 2014 وتم تأييد الحكم فى 14/12/2014 وظل محمود طوال تلك الفترة لا يعلم ما اقترفته يداه ليظل داخل جدران السجن. وقضية محمد والمحامى محمود بعض من كل، فهناك العشرات بل المئات من القصص المتشابهة، والتى تقتضى البحث والفحص وفتح الملفات كاملة لكل من ألقى القبض عليهم فى محيط المظاهرات أو الأحداث التى كان يمارسها الإخوان، وألا يقف فتح الملفات فقط على من هم قيد التحقيقات، بل يتم فتح ملفات من صدرت فى حقهم أحكام بالسجن لأن هؤلاء أولى بأن يتم فحص ملفاتهم بدقة.. وعن طريق لجنة وطنية محايدة.. لا محاباة فيها، ولا مجاملة.. حتى يتم إنقاذ أبرياء من براثن الظلم، والسجن أبرياء يمكن أن يحولهم السجن إلى مجرمين حقيقيين.. لأنهم سيغادرون سجونهم وبداخلهم رغبة حقيقية من الانتقام من كل من ظلمهم وكان سبباً فى سجنهم ظلماً. د. أحمد عمرو أبوخطوة، أستاذ القانون الجنائى بجامعة القاهرة يقول: يمتلك رئيس الجمهورية وحده العفو من العقوبة وفقاً للدستور وبشرط أن يكون الحكم باتاً وأتم جميع درجات التقاضى حتى لا يعتبر تدخلاً فى السلطة القضائية وهو عمل سيادى لا يقبل الطعن عليه من أى جهة، وحديث الرئيس وشعوره بأن هناك أبرياء وجه بعقد لجنة يتم فيها عرض جدول يضم أسماء الحالات التى أعدتها اللجنة أو وزارة الداخلية ليشملهم العفو وهناك شروط للعفو، وهى ألا يكون منضماً لتنظيم إرهابى وألا يكون استخدم العنف فى المظاهرات، والحالات التى لا يشملها العفو يمكنها كتابة مذكرة للنائب العام للنظر فى ملابسات القضية للنظر فيها وعرضها على اللجنة المختصة للبت فى قرار العفو. تقول د. فوزية عبدالستار، أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة، العفو الرئاسى يتم بناء على تقرير مقدم من الجهة المختصة وهى التى تقف على ملابسات القبض عليهم فهى الأقدر على تقييم وضع الشخص، أما فيما يتعلق بمعيار الاختيار فأضافت قائلة: لا أحب فقدان الثقة فى وزارة معينة أو مؤسسة بعينها فنحن فى مرحلة بناء دولة وأرى أننا أمام تكليف أشخاص أصحاب كفاءات ولا يجوز الاحتجاج أو تقديم تظلمات للرئيس حتى يدرجوا فى قوائم العفو لأن هناك متخصصين لبحث موقف كل سجين. محمد زارع، المحامى، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى للدول العربية، يقول: كل عهد للرؤساء يتم إصدار قرار عفو عن المسجونين وهذا أمر ليس بجديد ولكن هناك حالات قبض عشوائى لم تكن موجودة من قبل لعدم وجود تظاهرات فكان العفو يشمل منهم مرتكبى جرائم ويكلف بالأمر أحد الأشخاص أو الهيئات وتكون غالباً لجنة مشكلة من أحد أعضاء وزارة الداخلية ووزارة العدل ومصلحة السجون ويتم طرح الملفات والأخذ برأى البحث الجنائى ويتم الطرح على رئيس الجمهورية وكل هذه محاولات لتهدئة الأوضاع وتقليل التكدس فى السجون وأماكن الاحتجاز، ومن الممكن أن يشمل العفو من يتم التحقيق معهم، كما حدث فى ثورة 1952 وتم وقتها إيقاف محاكمة أشخاص والسوابق التاريخية تقول إن هناك من تم الإفراج عنهم أثناء المحاكمة وأتصور أن هناك لجنة لتقييم الوضع حتى ينال العفو الأبرياء.