تحتفل كنيستنا القبطية الأرثوذكسية بهذا العيد العظيم وهذا يسمونه أيضاً بعيد الظهور الإلهى «الثييئوفانيا» إذ فيه ظهر الثالوث القدوس الاب من السماء والابن يعتمد والروح القدس يحل ويظهر على هيئة حمامة.. لذلك فإن عماد السيد المسيح له المجد يظهر عقيدة الثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس. حيئنذ جاء السيد المسيح له المجد من الجليل الى الأردن الى يوحنا المعمدان ليعتمد منه، ولكن كيف تأتى إلى.. فأجاب يسوع وقال له اسمح الآن، لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر. حيئنذ سمح له، فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء وإذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتياً عليه وصوت من السموات قائلاً: «هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت» مت 16:3 ولهذه الظاهرة العجيبة يسمى هذا العيد بعيد ظهور الروح القدس لأنه فيه بدا الرب أن يظهر لاهوته فى المعمودية فى نهر الاردن من القديس يوحنا المعمدان. لماذا انفتحت السماء؟ لكى يعرفنا أن هذا ما يحدث لنا حين نعتمد, فإن الله يفتح لنا السماء ويدعونا للمدينة السمائية فى الأعالى، فلا تنشغلوا بالأرضيات. ونزول الروح عليهم مثل حمامة: لكى يعلمنا أيضاً أنه فى المعمودية يحل علينا الروح القدس ولكنك لا تراه، لأن الإيمان يكفى، فالآيات ليست للمومنين بل لغير المؤمنين. ولكن لماذا ظهر الروح القدس فى شكل حمامة؟ لكى يذكرنا بحمامة أبينا نوح التى أتت بغصن زيتون علامة على حلول السلام وانهاء عصر الطوفان، ورمزاً لخلاص البشرية من الموت واليأس، وكان ظهور الروح فى شكل حمامة، ولكن لاتظن أن الروح القدس أقل من السيد المسيح له المجد بمقدار الفارق بين الحمامة.. والانسان ولأنه ظهر فى شكل حمامة، بينما المسيح أخذ طبيعة الانسان, فتظن أن الفارق شاسع بين الروح القدس والمسيح.. ولكن اعلم أن الله تجسد فى ابنه الوحيد يسوع المسيح وأخذ طبيعة الانسان بينما الروح القدس لم يتجسد فى طبيعة الحمامة, بل أخذ شكل الحمامة رمزاً للسلام. ولكن لماذا منعه يوحنا المعمدان من العماد؟ أولاً: قال له يارب أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتى الى .ذلك لكيلا تظن أن المسيح أقل منه، لذلك سبق وتنبأ عنه قائلاً: «فى وسطاكم قائم الذى لستم تعرفونه، الذى لست بمستحق أن أحل سيور حذائه» مت 13:14 لهذا العيد العظيم قدسيه ورهبة لتنازل الفادى وعماده ولظهور الثالوث القدوس ورسم السر الاساسى للخلاص وهو سر المعمودية، وبالمعمودية يولد الانسان فى المسيح داخل النفس.. وبها يعرف قصة الخلق.. ويعرف ماهى الخليقة.. ويعرف ماهو أصله وكيف سقط؟ ويعرف ماهى الخليقة التى صارت جديدة ويتذكر الانسان ويدرك كيف خلص آدم وبنيه؟ ويدرك لماذا تجسد الله؟ وكيف خلص شعبه من الهلاك؟ ويعرف كيف تحيا النفس وتثبت وتنمو فى المسيح؟ ونعرف أن الله لما خلق الانسان لم يقيده بشىء سوى الحرية.. وبها جعله سيداً وأعطاه السلطان على كل ما يدب على الأرض. وبسر المعمودية جاء النور الحقيقى الينا وسكن فينا: لانه بالمسيح صارت المعمودية هى ابنة النهار ومبددة الظلمة, وبها يتقدس الشعب « كل الذين زاغوا فى بقاع الأرض وفسدوا وأعوزهم مجد الله» رؤ23:3. وآتى إليهم السيد المسيح.. ونزل الى القاع فى عمق المياة والتقى بهم وشق لهم الطريق.. وجعل ناموسه فى أذهانهم وكتبه على قلوبهم, وصار الله مسكناً.. وهم اصبحوا له شعباً مقدساً (عبرانين8) مميزاً بالحب والعطاء.. وبالمعمودية يولد الانسان من جديد وبهذا تكون له بداية أيام ومع المسيح لا نهاية أيام فى الابدية.. ولذا نال سر المعمودية فى الكنائس القبطية الارثوذكسية أهمية عظمى لأنه لا يمكن لانسان أيا كان يخلو من الخطية من الشيخ الى الرضيع بل كل مولود صور فى بطن أمه بالخطية وهكذا صرخ داود النبى العظيم قائلاً: ها أنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بى أمى «مزمور5:51» اذاً المعمودية تعنى الخلاص من جميع الخطايا السابقة .. ويعنى هذا التبرير والتجديد والخلاص من الخطية الاصلية الجدية والقديس بولس الرسول يقول « لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح (غل 27:3) وسر المعمودية فى الكنيسة القبطية الارثوذكسية يكون بالتغطيس ثلاث مرات ويقول الكاهن أثناء تغطيس المعمد فى كل مرة «أعمدك يا فلان باسم الآب والابن والروح القدس» وبعد ذلك يدهنون بالمسحة المقدسة التى تعرف بالميرون حسب القانون الكنسى والتقاليد الرسولية . إن عماد السيد المسيح له المجد على هذا الوضع قد أكسب الكنيسة نموذجاً سامياً لقيادة حياتها الروحية ولغرس الفضائل فى أبنائها، كما اكسبها تجديداً وتطهيراً وقوة لإيمانها. ولقد أكد ذلك بقوله له المجد «إن كان أحد لايولد من الماء والروح لايقدر أن يدخل ملكوت الله (يو 15:3) وفى عيده المجيد نرجو للعالم ولبلادنا الحبيبة سلاماً وهدوءاً وأن يقود مسيرة مصر إلى ما فيه الخير ولكم جميعاً كل البركة من الرب وكل عام وأنتم بخير. خادم كنيسة مار جرجس بمنشية الصدر