المجد لله على تنازل ابنه العجيب.. نعم إنهن تنازل عجيب وتواضع غريب تواضع يفوق في عظمته كل العظمة، وها يسمو تجسد ابن الله علي كل أفعال قدرته، صنع الله كل هذا الوجود المنظم ولكنه في صنعه لم يأت أمراً مستغرباً بل قال فكان، وأمر صار. أما في عمل تجسده فقد أتى أمراً سامياً، نعم ليس أسمى وأعجب من أن نري إله الكون منحدراً من السماء، مسكن مجده، ليحل بيننا ويصير مثلنا ويتخذ له كجسدنا، وذلك حباً بنا ورغبة في خلاصنا. السموات تحدث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه، ولكن في بيت لحم نسمع حديثاً أكثر عجباً ونرى مشهداً يذيع مجده أعظم مما تذيعه السماء والأرض. أنظر تر الإله قد صار إنساناً، وذلك لكى يجعلنا شركاء الطبيعة الإلهية. أحب السيد المسيح له المجد أن يتشبه بعبيده لكي يرفع شرفهم. صار الغنى فقيراً لكي نستغنى بفقره، صار القوى ضعيفاً لكي يمنحنا قوته، نزل إلي هذه الأرض لكي يصعد بنا إلى السماء، وربط بالأقمطة لكي يجعلنا من ربط الفساد. نعم أراد الابن أن يتشبه بنا ولم يرضى أن يتحد طبيعته الإلهية بطبيعة الملائكة التي هي أشرف وأسمى من طبيعتنا، ولكنه أراد أن يتحدها بالطبيعة البشرية الضعيفة، وكذلك حبه الذي ساقه إلي هذا التنازل لم يمنحه لغيرنا سقطت جيوش من الملائكة وانحدروا إلي هاوية الهلاك، فلم يبسط لهم يد رحمته، بل تركهم يهلكون، أما نحن فما أعجب ما صنع معنا القدير! سقطنا فسعي في خلاصنا، وجاء يطلبنا من هذه الأرض.. أرض التعب والشقاء محتملاً معنا كل مشقة لكي يعيدنا إلي مكاننا الأول. وها قد جاء المسيح إلي العالم ليتمم الأمر، أفلا نصيح إذاً مع الملائكة قائلين: «وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة». نصلى إلي الله أن يحفظ العالم سالماً، فهو الذي قال «سلامى أترك لكم سلامى أنا أعطيكم». وكل عام وحضراتكم بخير. أسقف الإسماعيلية وتوابعها