جميل أن نجعل من عام 2015 عاماً للنيل.. فهو أصل مصر وأصل كل المصريين، بل هو أصل حضارة وادي النيل.. ولذلك أرحب بما تبدأه اليوم حكومة مصر من خلال الاجتماع الأول للجنة النيل، وهو الاجتماع الذي يحضره اليوم المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء.. ويشرف عليه الدكتور حسام مغازي وزير الري، الذي أفضل أن يصبح اسم الوزارة هو: وزارة النيل!! وبما أنني من أعضاء هذه اللجنة التي يتركز جهدها علي حماية النيل: المياه والشواطئ للري والشرب والنقل.. فانني أري أن حماية حرم النيل هي من أهم الخطوات.. والحرم يعني أن شاطئ النهر أرض محرمة أو حرام لا يجوز التعدي عليها فالحرم من الحرام.. وإذا كان المصري القديم قد حرم علي نفسه الاعتداء علي النيل بل جعله يقسم- يوم الحساب- انه لم يلوث النهر.. فكيف لنا أن نلوث هذا النهر الآن: أفراداً، وجماعات، بل وشركات ونقابات، حتي كل النقابات القومية التي تدعي الدفاع عن الوطن، والنيل.. هو أصل هذا الوطن. وما اعتداءات المصريين علي النهر- ومنها هذه النقابات والهيئات- علي الشاطئين من خلال إقامة النوادي لأعضائها.. إلا من مظاهر هذا التعدي علي النهر.. ولذلك نثمن كثيرا جهود وزارة الموارد المائية والري لإزالة أي تعديات علي «حرم» النهر.. خصوصاً بعد ثورتي 25 يناير و30 يونية وما أكثرها. وتري الوزارة في هذه الحملة بداية لحملة قومية تستخدم فيها الوزارة صور الأقمار الصناعية، والصور الجوية لكل مجري النهر، من جنوبأسوان إلي مصبي النهر عند دمياط ورشيد. حتي ولو كانت مجرد عشة من بوص. وهنا أري الا نتهاون في عمليات إزالة التعديات، حتي ولو كانت من الخرسانة المسلحة.. ولا تكفي عمليات الإزالة.. بل لابد من غرامات مالية كبيرة. فإن تكررت التعديات لابد من الحبس.. ويقول الوزير الدكتور حسام مغازي إنه يرفع تقريرا أسبوعيا لرئيس الحكومة يتضمن حصراً شاملاً لجميع التعديات. وأعلم أن المهندس إبراهيم محلب يقدم كل الامكانيات للوزارة لتنفيذها.. مهما كان الثمن. ولا يجب أن تتوقف هذه الأعمال علي عدة إعلانات، أو توجيهات، للناس. وهنا ألتقط كلمات المهندس هاني ضاحي وزير النقل من أن الرئيس السيسي مهتم بتطوير منظومة النقل عبر نهر النيل.. ولابد من التعاون بين كل وزارات مصر ليعود النيل شرياناً حيوياً للنقل، إذ لا يعقل أن ينحصر ما يتم نقله عبر النيل علي نصف بالمائة من حجم ما يتم نقله في مصر!!. وبالذات بعد الدمار الذي أصاب الطرق البرية بسبب تجاوز حمولات سيارات النقل عليها.. ولا ننسي هنا مجهودات محمد علي الكبير الذي حول النهر وكل فروعه إلي طرق للنقل تتحرك عليها السفن والمراكب. بل إنه عندما أعاد الحياة إلي ترعة الإسكندرية- المحمودية لاحقاً- لتربط فرع رشيد بالإسكندرية، لم يجعلها مجرد ترعة لتوصيل مياه النيل لإسكندرية، بل جعلها قناة للنقل المائي فزاد انتعاش الإسكندرية وجعل عمقها قادرا علي استقبال المراكب الكبيرة. وهو أيضا الذي طلب من مهندسيه عندما بدأوا إنشاء القناطر الخيرية أن تخرج منها 3 رياحات «البحيري والمنوفي والتوفيقي» واشتر ط أن تكون أيضا ملائمة للملاحة المائية أي تنطلق فوقها المراكب حاملة المحاصيل والمنتجات ولذلك اشترط أن يكون عمقها مقارباً لعمق النيل.. وجعلها مستقيمة بلا تقاطعات لتنطلق المراكب بلا أي عائق.. وقد بدأنا- منذ سنوات قليلة- خطوات لإعادة إحياء النقل المائي في النيل وفروعه ورياحاته، وذلك في تحسين المجري المائي من دمياط إلي القاهرة بعد تحديد المجري الملائم للملاحة ووضع شمندورات ووسائل اضاءة حتي تستمر الملاحة ليلاً ونهاراً للاستفادة من ميناء دمياط- علي البحر المتوسط- وبالذات لنقل الحبوب وغيرها.. وهي خطوات بدأت أيام تولي المهندس سليمان متولي لوزارة النقل.. ولكننا للآن لم نستكمل هذه الخطوات.. وعلينا أن نتعلم من تجارب أمريكا وكندا- في منطقة البحيرات العظمي بينهما- وأيضا تجارب دول أوروبا في استخدام البحيرات والأنهار وربطها، في نقل كل شيء.. الخلاصة نحن نؤكد أهمية دور وزارة الري سواء في تطهير النهر أو إزالة التعديات.. وأيضا دور وزارة النقل لإحياء هذا النقل المائي. وعلينا كجمهور أن نشجع هذه الخطوات.. ونعمل معاً- ومع الحكومة- في حماية هذا الشريان العظيم، أصل مصر.. النيل الخالد.