يعيش أهالي ريف المنتزه بالإسكندرية في حالة من الرعب والهلع بسبب قرارات الحكومة المتكررة والعشوائية بإزالة منازلهم لرغبة الحكومة في توزيع هذه الأراضي على جهات رسمية مثل "المحافظة، الشرطة، القضاة، المقاولين العرب، تليفزيون الإسكندرية، وبعض سفارات الدول العربية، وشركات استثمار إماراتية وسعودية، وشركات أخرى وهمية" في المنطقة المعروفة باسم وقف الخديوي إسماعيل والتي تغطي مساحة 1162 فدانًا. يبلغ تعداد سكان الست عزب ما يقارب 30 ألف نسمة، وتقع أمام قرية المعمورة السياحية وحدائق قصر المنتزه، مما يجعلها مرغوبة لإقامة مشروعات سكنية، وتجارية وقد تم بيع عدد منها بالفعل بصورة غير قانونية لجمعيات سكنية لقضاة وهيئات شرطية في السنوات السابقة رغم وجود أهالي حائزين لهذه الأراضي منذ مئات السنوات. يعود تاريخ المنطقة إلى أنها كانت ملك الخديوي إسماعيل باشا ثم آلت ملكيتها في عام 1957 إلى هيئة الإصلاح الزراعي، ووزعت هذه الأراضي على صغار الفلاحين بموجب قانون الإصلاح الزراعي، ثم استولت عليها وزارة الأوقاف لإداراتها عام 1973 بطريق الخطأ وأخيرًا، صدر قانون 3 لسنة 1986 الذى بموجبه أصبحت هذه الأراضي ملك هيئة الإصلاح الزراعي. ومنذ ذلك الحين لم تتسلم هيئة الإصلاح الزراعي ملكية هذه الأراضي بينما تستمر هيئة الأوقاف في إبرام عقود بيع للأراضي إلى جمعيات إسكان تعاونية مختلفة، مما أدى إلى تعرض أهالي المنطقة للعديد من الانتهاكات حيث قامت بعض هذه الجمعيات باستخدام العنف لترويع وتهديد الأهالي المقيمين بالأراضي. وامتدت التعديات إلى تعنت الأجهزة الرسمية بالمحافظة في توصيل مياه الري لأراضي المزارعين وصعوبة حصولهم على البذور والأسمدة، ويشتكي الأهالي أيضًا اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الري المتاحة وعدم توفر أي مرافق أساسية بالمنطقة أو أي خدمات . ويقيم ويزرع أهالي العزب تلك الأرضي منذ بداية الخمسينات ولدى بعضهم عقود تمليك بنظام التقسيط على 30 عامًا مبرمة مع هيئة الإصلاح الزراعي وقد استمر الأهالي في سداد تلك الأقساط لمدة 13 عامًا إلى أن صدر قانون رقم 42 لسنة 1973 الذي اعطى الأوقاف الحق في إدارة الأراضي التي لم توزع واستولت الأوقاف بطريق الخطأ على هذه الأراضي، رغم توزيعها قبل صدور القانون مما ترتب عليه رفض الأوقاف لتلك التعاقدات وادعائها أنها مالكة للأرض برغم أن القانون أعطى لها حق الإدارة فقط، وليس البيع أو الاستبدال للأراضي التي لم توزع، وهناك أيضًا مجموعة أخرى من الأهالي لديهم عقود إيجار مبرمة مع هيئة الأوقاف بموجب نفس القانون المذكور، والعزب الستة هي: العرب الكبرى - العرب الصغرى - الهلالية - الرحامنة - النجارين– عرامة . وكانت قد بدأت هيئة الأوقاف ومحافظة الإسكندرية وقوات الأمن منذ أيام في حملة مكبرة لإزالة عدد من المباني الموجودة بعزبة العرب بحجة أن هذه المباني مخالفة، ومقامة على أراضي تابعة لوزارة الأوقاف، وتم تنفيذ القرارات أرقام" 9242 لسنة 2014 - 7042 لسنة 2014 – 9003 لسنة 2012 – 2694 لسنة 2011- 7424 لسنة 2014 – 1176 لسنة 2012 – 2694 لسنة 2011 - 4356 لسنة 2014" الصادرة من هيئة الأوقاف المصرية ، وهو ما استنكره أهالي عزبة العرب وأثار حفيظتهم، مؤكدين أن هناك نزاعات قضائية قائمة بينهم وبين هيئة الأوقاف في المحاكم وأن هذه الأرض تتبع هيئة الإصلاح الزراعي . واستغاث الأهالي على إثر ذلك بالمشير عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء المهندس ابراهيم محلب ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم للتدخل لوقف الظلم الذي يتعرضون له من خلال قرارات عشوائية وحملة إزالة هدمت بعض منازلهم بالمخالفة للقانون، كما طالب الأهالي الرئيس عبدالفتاح السيسي، بتشكيل لجنة تقصي حقائق محايدة من رئاسة الجمهورية، تدرس ملف منطقة ريف المنتزه، للبتّ في النزاع القضائي المستمر منذ عشرات السنين ما بين الفلاحين وهيئة الأوقاف التي تدعي ملكيتها للأرض، مشترطين أن يكون أحد الأهالي أو كبار المنطقة طرفًا أصيلًا في هذه اللجنة، خاصة بعد حملة الإزالة التي تعرضوا لها الفترة الأخيرة. وقال محمود حمدي، محامى الأهالي والمتحدث الرسمى باسمهم، "إن الأهالى تقدموا بطلب إلى قسم ثانٍ المنتزه؛ وذلك للموافقة على تنظيم وقفة احتجاجية اعتراضًا على حملة الإزالة العشوائية التي صدرت ضدهم، والتي قامت بهدم العديد من المنازل من قِبَل الأوقاف وإخلائها من السكان دون سند قانوني، وقد تم رفض الطلب". وأوضح حمدي أنه يوجد حتى الآن أكثر من 42 دعوى مقامة أمام القضاء الإداري ومتداولة منذ عام ونصف، مشيرًا إلى أنهم في انتظار ورود تقرير هيئة المفوضين . وأضاف أنه تم تحرير محضر رقم 8296 لسنة 2011 إداري منتزه ثان منذ 29/6/2011، موضحًا أن النيابة لم تتحرك فيه حتى الآن، وأنه أقام أيضًا دعوى رقم 204 لسنة 2012 مدني كلي يتضرر فيها 237 من الأهالي من الجمعية الاجتماعية لقضاة محكمة النقض وجمعية الفرسان التعاونية للقضاء الشرطي." وتابع المحامي أن مطالب جميع تلك القضايا والمحاضر تتمحور حول تفعيل القانون رقم 3 لسنة 1986 الذي بموجبه يجب أن تتسلم هيئة الإصلاح الزراعي هذه الأراضي كاملة ولا يعود لهيئة الأوقاف المصرية أي حق في إدارة أو التصرف في تلك الأراضي وهذا هو مطلب الأهالي الرئيسي . وكشف "حمدي" أنه لم يتم إصدار أي قرار رسمي، وأن الإزالة تمت بالتحايل على القانون وبالمخالفة لنص المادة 97 من الدستور، وأدان قيام هيئة الأوقاف بهدم العديد من المنازل دون سند قانوني وتشريد عشرات الأسر وإقحام الجيش والشرطة في أعمال تثير المواطنين ضدهم، -على حد قوله- وأوضح أنه قام بالتقدم بحوالي 62 بلاغًا يبدأ من رقم 4291 وحتى رقم 4326 للمحامي العام الأول لنيابات الإسكندرية بتاريخ 13 ديسمبر 2014 ضد الهيئة بسبب إزالتها منازل الأهالي بالمخالفة للقانون . وقال عطية محمد، أحد الفلاحين، "القنوات التليفزيونية وبرامج التوك شو والإعلام في غياب تام عن استغاثاتنا خوفًا من الحكومة وهما بيعاقبونا بحملات إزالة عشان طلبنا عيشة كويسة وعشان طلبنا خدمات ونعيش عيشة آدمية، وأنا بناشد الإعلاميين الشرفاء يقفوا جنبنا ويوصلوا صوتنا". وطالب أحمد إبراهيم، أحد أهالي المنطقة، الرئيس السيسي بأن ينظر للشعب وخصوصًا الفقراء مثل الزعيم جمال عبد الناصر عندما نصر الفلاح والفقير وأخذ من الغني وأعطى الفقير، موضحًا أن في عصر مبارك كان النظام يأخذ من الفقير حتى يزداد الفقير فقرًا ويعطي للغني حتى يزداد غنى على حساب الفقراء وحتى يموت -على حد قوله- . وتابع قائلاً "احنا عملنا ثورة 25 يناير وصححناها في ثورة 30 يونيو عشان الفقراء .. الثورة قامت ليه ؟؟ من اجل القضاء علي الغلابة !!! ؟؟ الغني لا يقوم بثورات الفقراء هما الي بيقوموا بثورات من اجل العدالة الاجتماعية عايزين نحقق العدالة الاجتماعية مثل ثورة 23 يوليو . وقالت هدى حسين من أهالي منطقة المثلث: "إحنا مش هنسيب بيوتنا لو هيموتونا أنا أموت في بيتي أحسن من إني أشوفه بيتهد قدامي إحنا ورقنا سليم وفي نزاعات بينا وبين الأوقاف، أروح فين أنا وعيالي ربنا ميرضاش بالظلم إنت فين ياريس من اللي إحنا فيه حد ينقذنا ملناش غير ربنا" . من جانبه، قال المهندس محمود مهران، رئيس حزب مصر الثورة،: إن هيئة الأوقاف تتعمد انتهاك القانون وتعمل على وجود احتقان بين المواطن والحكومة، مشيرًا إلى أن النزاع بين الأهالي والهيئة دام لسنوات وأن الأخيرة تتعمد دائمًا في التعنت في قراراتها ضد أهالي المنطقة، قائلاً "إنه بهذا النهج الحكومة تؤكد أنها تعمل ضد الفقراء والمعدمين". وأشار إلى قيامة بالتواصل مع مؤسسة الرئاسة ومحافظ الإسكندرية والعديد من المسئولين دون جدوى، مؤكدًا أن هناك تعتيم على القضية من جميع الجهات والإعلام وأن هناك تربيطات بين العديد من جهات الدولة لأنه سيتم توزيع أراضي الأهالي عليها، وهو ما استنكره قائلاً: "الفقير له الله والفساد لم ينته رغم قيام ثورتين".