يبدو أن بوادر انفراج الأزمة بين "مصر وقطر" بوساطة خليجية تأتي ضد طموحات تركيا في عودة الخلافة العثمانية من جديد, والتي سعت إليها من خلال دعم قيادات جماعة الإخوان في دول الربيع العربي مصر وليبيا وسوريا وتونس. فتركيا التي فوجئت بأنه لا مفر أمامها من تحسين العلاقات مع مصر.. فالإخوان لم يعد لهم وجود وحليفتها الإقليمية قطر في طريقها للمصالحة مع مصر وحلم الخلافة تبدد ولم يجد أردوغان أمامه سوى فتح صفحة جديدة. فقبل يوم من إعلان المصالحة المصرية القطرية، كان أمير قطر، الشيخ تميم آل ثاني، في زيارة رسمية لأنقرة، حيث التقى الرئيس رجب طيب أردوغان, وصارح حليفه الإقليمي بنيته المصالحة مع القاهرة. وطلب من المسئولين الأتراك بشكل مباشر تطبيع العلاقات مع مصر وهو ما كشفت عنه صحيفة"زمان التركية" وجاء الرد التركي في تصريحات نائب رئيس الوزراء، الذي عبر عن رغبة الحكومة في ترميم علاقاتها مع مصر ودول الخليج كافة، في خروج قوي عن سياسة الرئيس أردوغان. فالمصالحة"المصرية_القطرية" التي يدرك الجميع أن طريقها طويل، نتيجة تضارب المصالح بين مصر وقطر وتشعب المشكلات بشكل كبير عقب ثورة 30 يونيو، ودعم الأخيرة بشكل واضح لجماعة الأخوان من خلال الذراع الإعلامية لقطر ضد الدولة المصرية، وثانيا تمويل "الأنشطة الإرهابية" لجماعة الإخوان المسلمين والمتحالفين معها، وثالثا إيواء القيادات المطلوبة على ذمة قضايا تنظرها المحاكم المصرية. ومن جانب أخر يري الجانب القطري أن وسائل الإعلام المصرية تقود حملة للتحريض والإساءة ضد قطر وطالب بشكل مباشر وقف هذه الحملة, كما طالب بتسوية ملف قضية "خلية الماريوت" المتهم فيها صحفيون من شبكة الجزيرة وفقا للقانون المصري، وهو ما وعد الجانب المصري بالنظر فيه. وكخطوة أولى تثبت الجدية في السير على طريق المصالحة استقبل الرئيس السيسي مبعوث أمير قطر ومساعد الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن أل ثاني في القاهرة, في أول لقاء من نوعه منذ تولي السيسي مهام منصبه ومن جانبها أعلنت الدوحة إغلاق قناة "الجزيرة مباشر مصر" وإنذار الحكومة القطرية للإخوان بقطر أن يبقوا ضيوفاً محترمين وألا يقوموا بأي نشاط سياسي, ودعا الجانب المصري في بيان رئاسي وسائل الإعلام للعمل على دفع عجلة المصالحة إلى الأمام . إلا أن الصراع السياسي سيظل مستمر نتيجة تشابك العلاقات الخارجية للدولتين, وعلي رأسها العلاقات القطرية التركية، والتي تعتبر نقطة أكيدة لاستمرار الصراع فمصر ترفض قلبا و قالبا تصرفات أنقرة وترفض مهاترات الرئيس التركي وإساءاته المتكررة لمصر ورئيسها. وتري مصر في العلاقة بين قطروتركيا محاولة للالتفاف على الالتزام ببنود استحقاقات المصالحة خاصة في ظل الدعم المتزايد من تركيا ورئيسها لقيادات جماعة الإخوان الإرهابية وتمكينهم من ممارسة أنشطة تراها القاهرة عدائية ضدها انطلاقا من الأراضي التركية. وشهدت العلاقات بين القاهرةوأنقرة توترًا منذ الإطاحة بمرسي، بلغ قمته في 24 نوفمبر 2013، عندما اتخذت مصر قرارًا باعتبار السفير التركي “شخصًا غير مرغوب فيه”، وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى القائم بالأعمال، وردت أنقرة بالمثل. ويأتي الدور القطري التركي في أزمة سوريا كنقطة أخري للصراع ، فتري القاهرة أن دور الدولتين يسهم في تعقيد الأزمة لا العمل على حلها وفقا لتوافقات دولية وأممية تنطلق من مؤتمرات جنيف وعلى أساس الحل السياسي. والعلاقات القطرية الليبية .. تمثل هي الأخري نقطة خلاف فالقاهرة التي ترفض الدعم القطري للميليشيات المتطرفة في ليبيا والذي يهدد الأمن القومي المصري بشكل مباشر.