المجزرة تتكرر . بأساليب أخرى، وتوقيتات جديدة، وفى عواصم مختلفة. المشهد المُقرف يعاد كُل يوم. ثلاثة حروف. قاف. تاء. لام أو ذال. باء. حاء. ينسكب اللون الأحمر على الأرض. يبتسم إبليس فرحا متذكرا سماح الخالق له بأن يبقى إلى يوم يبعثون. إغواؤه ناجح لمن تتقرح جباههم سُجدا لله. يُزهقون الأرواح طلبا لجنانه فى سادية تستعذب البشاعة وتستمتع بالفزع. فى بيشاور ضرب تفجير عنيف مدرسة تابعة للجيش الباكستانى. اهتزت الأرض وتناثرت الجثث فى الهواء، وصعدت 186 روحا لتلاميذ أبرياء إلى بارئها. لم يقترف أحدهم إثما، لكنهم قُتلوا باسم الاسلام. «طالبان الإسلامية» أعلنت مسئوليتها عن الحادث، وقالت إنها ستُصّعد هجماتها على الجيش ومواقعه والموالين له . داعش أكثر اجراما. تذبح النساء، وتقتلع العيون، وتطلق النار على الصبية باسم الاسلام. مادامت الجنة هى المُبتغى فكل شىء مُباح أو سهل. هكذا يظنون ويعتقدون ويجتذبون أعضاء ً جدداً وقتلة متدينين وانتحاريين أغبياء. نفس ما يجرى فى مصر. مَن يقتل باسم الاخوان أو «بيت المقدس» أو «جُند الله» يقتل انتصارا للإسلام. كيف يحدث هذا؟ ولِمَ؟ وإلى متى؟ هل الاسلام دين يحُض على العُنف؟ هل الله ينتظر منا أن نُقاتل كُل مَن يكفر به أو يعصاه أو حتى يُنكر وجوده؟ إن كان نعم، فلِم خلقهم؟ أتصور أننا فى حاجة ماسة إلى اعادة قراءة ما نسميه تراث الاسلام والعلوم الشرعية قراءة واعية. ليس كل ما يُقدم لنا باعتباره دين الله لا علاقة له بدين الله . ليس كل ما قاله الفقهاء صحيحاً، وليس كل ما اعتبره البعض فتاوى سوى رُكام من الجهل والبداوة مكانها المتحف . لا يمكن أن نبحث عن فتوى لابن تيمية أو الامام الشافعى أو ابن القيم الجوزية لنعتمدها مصباحا منيرا ونحن فى الألفية الثالثة. هُم بشر ونحن ُ بشر ولابد من اعادة قراءة الاسلام فى العصر الحديث. لقد كتبت من قبل عن قنابل وألغام فى مناهج طلبة الأزهر من فتاوى تُحرّض على العنف وكراهية المسيحيين واستحلال دمائهم وكرامتهم وحقوقهم وتحقير المرأة والتشجيع على الاتكالية يدرسها الطلبة ويحفظونها حفظا، وخيرا جرى أن بدأ البعض ينتبه لتغيير تلك المناهج البدوية المتحفية ومحوها من أدمغة دعاة الغد. لكن الخطر يبقى جاثما وكثير من القبائح يُردد ويُنشر باعتبارها دينا، فليس معقولا أن يستشهد الداعشيون على صحة فعالهم بوقائع مرصودة ومنقولة فى كثير من كُتب السيرة أن الصحابى خالد بن الوليد الذى أطلق عليه سيف الله المسلول قتل مالك بن نويرة الذى امتنع عن دفع الزكاة رغم أنه أعلن توبته وطلب أن يبعث به إلى أبى بكر الصديق، بل ولم يكتف بذلك فأكل كبده وتزوج زوجته يوم مقتله. هذه البشاعة إن صحت ليست من الإسلام ولا ينبغى أن تسرد بنوع من الفخار فى كُتب العلم وبدون رد. إننى أتصور أن الاسلام فى حاجة إلى إعادة قراءة لمحو العنف محوا من رسالة قال مُتلقيها عليه الصلاة والسلام إنها رحمة للعالمين. والله أعلم.