من الذي سيشكل أول حكومة بعد ثورة 30 يونية؟، هل ستفوز بها الأحزاب أم رجال الحزب الوطني أم أعضاء التيار الإسلامي؟، هل من المتوقع أن يشكل فلول الحزب الوطنى الحكومة؟، هل يمكن أن تشكل جماعة الإخوان والسلفيون الحكومة القادمة؟. هذه الأسئلة تتردد بشدة بين بعض السياسيين، لاسيما الذين يرغبون فى الترشح للبرلمان القادم، سواء من داخل الأحزاب أو من غيرها، البعض أبدى تخوفه من سيطرة الإسلاميين على أغلبية البرلمان بسبب قدرتهم على الحشد والطاعة العمياء، والبعض الآخر أكد قلقه من استحواذ رجال الحزب الوطنى على أكثرية برلمانية لخبرتهم الطويلة في إدارة العملية الانتخابية وحشد العائلات. المتوجسون خيفة يحاولون دفع الحكومة إلى إيجاد وسيلة تحول دون سيطرة أعضاء التيار الإسلامي وأبناء الحزب الوطني على أكثرية أو أغلبية مقاعد البرلمان وبالتالي فوزهم بتشكيل أول حكومة بعد ثورة 30 يونية. فى ظنى أن الأسئلة التى طرحت فى مقدمة المقال يجب أن يعاد صياغتها، والمفترض أن يكون السؤال هو: هل الدستور يسمح بتشكيل حكومة من المستقلين؟. الإجابة ببساطة: نعم الدستور يسمح بتشكيل حكومة من المستقلين؟، كيف؟، وما هي المواد التي تسمح بذلك؟. المادة(146) من الدستور تسمح بتشكيل حكومة من المستقلين، وتسمح بتكليف أحد المستقلين بتشكيل حكومة، وتسمح بأن تشكل الحكومة برئاسة رئيس وزراء من المستقلين وعضوية وزراء من الأحزاب والمستقلين، معقولة؟، مش معقولة ليه، نص المادة يمنح رئيس الجمهورية حق تكليف أحد الشخصيات بتشكيل الحكومة، والنص لم يشترط أن تكون هذه الشخصية من الحزب الحاصل على الأغلبية البرلمانية، بل يجوز أن يكون من المستقلين أو من هيئة أو جهة لا يمثلها أحد فى البرلمان، بصياغة أخرى: شخصية ليست لها عزوة برلمانية. فقد جاءت الفقرة الأولى من المادة كالتالى: «يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب»، الفقرة أباحت لرئيس الجمهورية اختيار شخصية رئيس الحكومة(كان حزبيا أو مستقلا، برلمانيا أو غير برلمانى)، وقد قيدت الفقرة حق الرئيس ب « بموافقة البرلمان على برنامجه»، الموافقة قد تتحقق فى هذه الحالة إذا كانت أغلبية البرلمان من المستقلين، فتعلن الأغلبية غير الحزبية(إسلامية أو من الحزب الوطنى) موافقتها على الحكومة والبرنامج، وهنا يركب التيار الإسلامي أو الوطني القديم الحكومة والبرلمان وقرار الرئاسة. في حالة رفض البرلمان الحكومة المستقلة ألزم الدستور رئيس الجمهورية: «خلال ثلاثين يوما»، باختيار شخصية(قد تكون لها عزوة برلمانية أو مستقلة أو من أي هيئة أو جهة) من الحزب أو الائتلاف المستحوذ على أغلبية برلمانية، لتشكيل الحكومة: «يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء(لم يشترط النص عزوة برلمانية) بترشيح(أعضاء الحكومة) من الحزب أو الائتلاف الحائز أكثرية مقاعد مجلس النواب». وماذا لو رفضت الأغلبية الحكومة التالية، الدستور لم يلو ذراع رئيس الجمهورية، ولم يجبره على قبول الأمر الواقع، بل وقف في صفه وعد المجلس منحلا:» فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوما، عد المجلس منحلا ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوما من تاريخ صدور قرار الحل». إذن القضية اصبحت واضحة تماما، فالدستور يسمح بحكومة من المستقلين(تيار إسلامى أو أبناء الحزب الوطنى)، كما أن الدستور يمنح رئيس الجمهورية رخصة اختيار رئيس الحكومة من أى حزب أو جهة أو تيار، ولم يلزمه باختيار رئيس حكومة من الحزب أو الائتلاف الذي سيفوز بأغلبية برلمانية، فقط ألزم رئيس الحكومة باختيار بعض الوزراء من الحزبيين وليس جميعهم. السؤال إذن: من سيكون رئيس أول حكومة بعد 30 يونيه؟، وهل ستكون حكومته من الحزبيين والمستقلين(إسلاميين وحزب وطنى) أم المستقلين أو الإسلاميين أو الحزبيين فقط؟، الله أعلم.