صراعات.. خلافات.. ضرب تحت الحزام.. تشويه سمعة.. أكتاف غير قانونية.. وصفقات سرية ومشبوهة.. أموال بالملايين لشراء مقاعد.. الاتفاق مع بلطجية لتزوير الانتخابات.. مطالب بإجراء الانتخابات بسرعة وأخري بتأجيلها لأجل غير مسمي.. مؤتمرات وهمية للشو الإعلامي.. وتحالفات علي ورق الصحف وشاشات الفضائيات فقط.. خناقات علي الكراسي.. حكومة تسير كالسلحفاء، فقانون توزيع الدوائر لم تفلح معه ولادة طبيعية أو قيصرية.. مسئولون ورؤساء مدن وأحياء يساندون مرشحين بأعينهم مقابل خدمات مدفوعة مقدماً أو بالتقسيط.. خوف من عودة الفلول والإخوان.. التوريث البرلماني يسيطر علي النخبة الوهمية.. مخاوف من تدخلات عليا لدعم مرشحين بعينهم.. «مرشحين نص كم» وبلا هوية وبدون رؤية أو سيرة ذاتية مشرفة.. هذا هو المشهد العبثي الذي يهدد مجلس النواب القادم باختصار شديد مما يجعلنا أمام خطر حقيقي يهدد استقرار الوطن، فهؤلاء جميعاً لم يدركوا أن الوطن أبقي منهم، جميعهم راحلون ومصر باقية. الغريب أن الجميع يتشدقون بالديمقراطية ولا يحترمونها، يتحدثون عن التعددية إذا جاءت بهم للسلطة، أما إذا كانت ستمنح فرصة إلي غيرهم فلتذهب للجحيم، ينادون بالتداول السلمي للسلطة لكن ليس لغيرهم إنما يريدون أن يسلموا السلطة وفقط لهم يعني باختصار ديمقراطية المرة الواحدة فعل ذلك مبارك وخلعه الشعب، وأراد الإخوان اختطاف الوطن عبر ديمقراطية وهمية وتم التخلص منهم في عام واحد، وهو ما لا يجب أن يقع فيه النظام الجديد باعتباره الأمل الأخير لشعبنا. ندرك المخاطر التي تحيط بالوطن، وندرك أهمية أن يكون البرلمان القادم متوافقاً مع رؤية شعبنا في ثورتي 25 يناير و30 يونية معاً ويتقاطع تماماً مع نظام مبارك الفاسد والمستبد، ونظام الإخوان القاتل والإرهابي، لكن علينا أن ندرك ضرورة التدقيق في الاختيارات حتي لا تعود لنا وجوه لفظها الشعب وأسقطها مرتين، وأيضاً لا يجب أن نسلم الوطن لسماسرة جدد، وأفاكين وكدابي زفة وحملة مباخر ورغاوي صابون جدد، يجب ألا نسلم البرلمان لأصدقاء الغرب وعملائه، أو متطرفين جدد استبدلوا ماسك الدين بقناع الحرية والحداثة والتحرر، فنحن نحتاج برلماناً وطنياً بامتياز، يضم مختلف خبرات وكفاءات الوطن جميعاً بلا استثناء، لكننا كما نرفض التطرف باسم الإسلام، فإننا نرفض الانحلال باسم الحرية والديمقراطية، ونرفض الديكتاتورية بحجة أن الوطن في خطر، ونرفض محاربة الإرهاب بعقول جامدة وأشخاص لا يعرفون غير كله تمام، ونرفض أن يمثلنا من يتصور أنه قادر علي أن يشترينا بأمواله، نرفض صراع الأحزاب علي التورتة دون أن تقدم لنا وجوهاً جديدة تمتلك الكفاءة، نرفض أحمد عز وخيرت الشاطر وأتباعهما وكل من يسير أو يريدنا أن نسير علي طريقهم، فمازلنا نحلم بوطن يحقق العدالة في مفهومها المطلق وبلا حدود، وطن يحترم الدستور ويحوله لقوانين تكرس العدل والمساواة ولا تجعل من المواطنين طبقات وقبائل، وطن يأخذ فيه الضعيف والفقير كامل حقوقه مثل القوي والغني تماماً. والأغرب أن الجميع وهم في طريقهم للبرلمان يتجاهلون الشعب الذي يعتبر الرقم الصعب وصاحب الكلمة الأولي والأخيرة، ويحاول البعض إيهامنا بأن التصويت سيكون ضعيفاً، وأن البرلمان قادم بالتعيين، وهؤلاء لم يدركوا التغيير الذي طرأ علينا خلال السنوات الأربع القادمة، وحجم الوعي السياسي الذي وصل إلي القري والنجوع وانتشر بين العمال والفلاحين، وأقول لهؤلاء جميعاً الإقبال سيكون منقطع النظير وليس ضعيفاً كما يتوهم البعض، وشعبنا سيفاجئ الجميع باختياراته، سوف يعزل فلول الوطني والإخوان دون وصاية من أحد، ويختار نواباً يثق فيهم وفي قدراتهم، وولاؤهم للوطن ولأهداف ثورته ورغبته في صناعة مستقبل أفضل، فبعيداً عن صراع السلطة يبقي الشعب الفريق الوحيد الذي يدرك أن الوطن أبقي من الكراسي.. أراهن عليه وسأكسب الرهان فالكلمة الأخيرة للشعب لا جدال. وتبقي كلمة.. الانتخابات البرلمانية القادمة محطة فارقة في تاريخ الوطن لعدة اعتبارات جوهرية، أهمها علي الإطلاق حجم الصلاحيات الكبيرة التي حصل عليها البرلمان جعلته شريكاً حقيقياً لرئيس الجمهورية، إضافة إلي أنه المرحلة الأخيرة من خارطة الطريق التي توافق عليها المصريون بعد الموجة الثانية من الثورة في 30 يونية، لنستكمل معاً دائرة مؤسسات الدولة بعد الصراع والتفكك والانهيار الذي عانته طوال ال 4 سنوات الأخيرة، والأهم إحداث ثورة تشريعية تحتاجها مصر بشكل عاجل للتخلص من آلاف القوانين الفاسدة التي تعيق أي تقدم يريده الشعب وينشده صانع القرار. الحقيقة أننا نحتاج برلماناً يؤدي دوره بشكل سليم، برلماناً يخدم أهداف الثورة ويحولها إلي واقع ملموس، ويترجم نصوص الدستور الذي استفتي عليه الشعب في يناير الماضي إلي مجموعة قوانين إصلاحية تضيف لرصيد الوطن ولا تخصم منه، لذا يصبح مجلس النواب مفصلياً في تلك المرحلة ولابد من اختيار الكفاءات والخبرات، وأصحاب الشعبية والرصيد الوطني، والابتعاد علي منطق المحاصصة الحزبية والمصالح الضيقة، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وعدم تغليب العصبية والتحزبات علي البرلمان الجديد في هذه المرة علي الأقل فليس لدينا رفاهية الاختيار وفقاً للأهواء الشخصية، إضافة إلي التقاطع التام مع فسدة نظامي مبارك والإخوان، فالشعب لن يقبل إطلاقاً عودة أنظمة قد سقطت، فالمصريون لا يقبلون إطلاقاً عودة من تسببوا في تدمير الدولة وتمزيق وحدتها وأفقدوها قوتها علي مدار 30 عاماً، كما لن يقبلوا عودة جماعات العنف والتطرف وبحثوا عن السلطة حتي لو تفتت الوطن لعدة دويلات. الحقيقة أننا كأحزاب وقوي سياسية وشعب نحتاج إلي وقفة حقيقية أمام أنفسها، وأن ندرك أننا في مرحلة لا تحتمل التجريب في ظل اقتصاد يعاني، ومؤسسات مازالت تحاول الخروج من كبوتها، وأمن مازال غائباً لحد بعيد، وحدود مهددة من مختلف الاتجاهات، وشعب تحمل الكثير طوال 4 سنوات ومازال، فهل ننجح في ذلك أم نظل وطناً تحت الحصار؟