قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار وزير الثقافة جابر عصفور بمنع عرض فيلم «حلاوة روح» وإعادة عرضه من جديد - وقالت المحمكة إن حجب الأعمال الفنية انتقاص من حرية المواطن.. وان قرار حجب العرض كان ممن لا صفة له في قرار المنع. وقد توقعت هذا الحكم وإجازة عرض «حلاوة روح» مرة أخري .. فلم تكن هناك أسباب مقنعة أو جوهرية لمنع عرض الفيلم.. والسبب الوحيد في منع الفيلم - في رأيي - كان قرارا سياسياً في المقام الأول، اتخذه السيد رئيس الوزراء وليس وزير الثقافة. فقد عرض الفيلم الذي أثار بعض الانتقادات لمشاهده الجريئة ووقتها قبل حوالي عام.. كان السيسي تولي رئاسة الجمهورية.. وقد خشي السيد رئيس الوزراء وقتها - في ظني - أن يقال إنه بعد سقوط حكم الإخوان فإن مصر تتجه بزاوية عكسية إلي عكس تشدد الإخوان في مثل هذه الأمور - وقطعا للألسنة كان قرار المنع.. وهو قرار جانبه الصواب لانه ليس من حق لا رئيس الوزراء ولا السيد الوزير في كبت الحريات أو الوصاية علي الأعمال الفنية، خاصة إذا كان العمل الفني قد حصل علي تصريح بالعرض من الجهة المختصة وهي الرقابة علي المصنفات الفنية. وهذا الحكم هو درس للجميع بأن عصر كبت الحريات أو فرض الوصاية قد انتهي.. ولعل من أصدر قرار المنع لا يدرك حجم الضرر الذي لحق بمنتج العمل وكل العاملين فيه - ولدرجة ان بطل الفيلم وهو الصبي كريم الأبنودي عاني من نظرات الأقارب وحتي من زملائه في المدرسة من انه قدم فيلما ضد الأخلاق العامة، مما أصاباً بأزمة نفسية قد تمكن من تجاوزها بفضل والدته الكريمة. وليست تلك هي المرة الأولي التي يتصدي فيها وزير الثقافة جابر عصفور للحريات، فقد أقام من قبل قضية سب وقذف ضد الناقد الكبير طارق الشناوي، قبل ان يتراجع ويتنازل عن الدعوي، أمام هجوم المثقفين عليه.. وكنت أربأ بالسيد وزير الثقافة وهو رجل الثقافة أن يكون قيدا علي الحريات العامة لا داعماً لها.. ولكن يبدو أن السلطة تغير نفوس البعض. واليوم هو الجمعة 28 نوفمبر.. ذلك اليوم الذي خشاه البعض وخشوا من مظاهرات لبعض فصائل السلفيين وحملهم المصاحف.. لمعارضتهم سياسة الحكومة، ولإعلان تأييدهم للإخوان الإرهابيين الذين يروعون المواطنين الأبرياء بقنابلهم وزجاجات المولوتوف.. وتفجير القطارات وأبراج الكهرباء.. ودس القنابل في مترو الأنفاق. وقد أدهشني مدي الذعر الذي انتاب البعض من تظاهرات هذا اليوم، والاستنفار الأمني البالغ - وكذلك الاستنفار الإعلامي للتحذير من ذلك اليوم.. لدرجة أنه ليس هناك برنامج توك شو لم يتعرض للحديث في هذا اليوم، لدرجة أثارت الذعر لدي البعض .. وهو خطأ ينساق له الإعلام كعادته للترويج لكل ما هو لا يستحق الترويج بحثا عن نسبة مشاهدة عالية لهذه البرامج ومزيد من الإعلانات!! لقد صنعنا بهذا الاهتمام المبالغ فيه حالة من الذعر.. وهو ما يريده بالضبط من دعوا للتظاهر في هذا اليوم.. وقد التقطنا الطعم بغباء ورحنا ننفخ في الرماد لتشتعل النيران من جديد، ثم نصرخ بعدها من اشتعال النيران! ولو كان الإعلام قد تجاهل تلك الدعوة بالتظاهر في هذا اليوم دون أي مشاكل .. لوئدت الفتنة في مهدها. والمدهش ان معسكر السلفيين قد انقسم ما بين مؤيد لتلك التظاهرات وما هو مستنكر لها.. وليس من شك في ان من يؤيد تلك التظاهرات من السلفيين.. ليسوا سوي فصيل من فصائل الإخوان.. فهناك أحزاب وجماعات سلفية أنشأها خيرت الشاطر ودعمها بالمال لتكون تحت إمرته.. وها هي تلك الجماعات وقد صدرت لها الأوامر وتم دعمها بالمال من الإخوان.. تقوم بالهدف الذي خطط له خيرت الشاطر من قبل.. في حين أن الدستور ينص علي عدم جواز إقامة أحزاب علي أساس ديني، فنحن لا نزال نبحث هل تلك الأحزاب أقيمت فعلا علي أساس ديني أم لا.. ويبدو أننا سنظل نبحث إلي يوم الدين.. والوطن هو الضحية في النهاية. لكل ذلك الغباء الذي نمارسه دون وعي أو انتباه لمصلحة هذا الوطن!