لا يوجد بلد في العالم لا يوجد فيه هذه الكمية من مخالفات البناء.. مصير ملايين من الأرواح تحت رحمة هذه المباني المخالفة.. يعيشون فيها مضطرين.. وهذه المخالفات تتم تحت بصر وسمع المسئولين في الأحياء من موظفين ومهندسين ورؤساء أحياء ورجال الأمن.. بل يتم استخدام هذه المخالفات لابتزاز المخالفين وتحقيق مكاسب ماليه منهم. وحادث المطرية الأخير.. انهيار منزل مكون من 6 طوابق.. واحد من سلسلة حوادث طويلة شهدتها البلاد وسوف تشهد مثلها مئات المرات.. طالما ليس لدينا نية لوقف هذه الكارثة القومية ولو لدينا أجهزة تهتم بالإحصائيات سيكون السبب الثاني في وفيات المصريين بعد حوادث الطرق هو ضحايا الموت تحت الأنقاض. فالفساد المنتشر في المحليات واحد من أهم أسباب هذه الحوادث وفشلت كل الحكومات المتتالية في وضع حد لها بل تصدر سلسلة من القرارات التي تحمي الفاسدين من رؤساء الأحياء ومديري الإدارات الهندسية والموظفين المسئولين عن استخراج التراخيص فلو تم اتخاذ إجراء حاسم ضد هؤلاء منذ اللحظة الأولي لارتدع الآخرين لكن الحكومة تحمي هؤلاء وأكثر تهمة توجه لهم الإهمال في الإشراف وعقوبة هذه الجريمة تأديبية لا تتعدي خصم 3 أيام من راتب المسئول. فالفساد الذي أصبح ثقافة يومية يحتاج الي جهد واقعي وليس لجان كتلك التي شكلها رئيس الوزراء.. فهذه اللجان تجتمع وتنتهي دون أي عمل وكل ما يحدث أن أعضاء اللجان يتلقون البدلات وينصرفون ويزيد عدد الفاسدين وينمو ويترعرع الفساد في ظل حماية قانونية وحكومية له. فإن أرادت أي دولة محاربة الفساد فعليها أن تفي بالتزاماتها الدولية أولا والواردة في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد وتقوم بإجراء تعديلات جذرية علي القوانين التي تحكم عمل المسئولين الحكوميين، فيجب أن يحاسب رئيس الحي الذي يبني في دائرة عمله منزل مخالف مثل العقوبة التي ستوقع علي من ارتكب المخالفة.. ونفس الأمر المهندسين والموظفين فيجب أن يكونوا مسئولين جنائيين عن كل حادثة تقع وأن تكون عقوبتهم أشد من عقوبة من ارتكب المخالفة.. لأنه لو كان يقوم بعمله فلن يكون في الحي منزل مخالف سواء قبل أن يتولي أو بعد تولية مسئولية الحي. نحن في حاجة لقوانين تنزع الحماية عن الموظف العام.. وتجعله عرضة للحساب في حاله حدوث أي خطأ سواء نتيجة الفساد او الإهمال.. أو عدم المتابعة نريد قوانين أكثر صرامة في قضية البناء قوانين تسمح بالتوسع في البناء خاصة في الأحياء القديمة.. ووضع معايير أمان صارمة وسهولة في إجراءات التراخيص مع تشديد الرقابة من الجهات المختصة. فالتهاون في حل أزمة الاسكان في مصر أدي الي هذه الكوارث التي يروح ضحيتها مواطنين كل ذنبهم أنهم جالسون في منازلهم لم يرتكبوا أي جريمة إلا أنهم اضطروا للإقامة في مبان لا يعلمون أنها مخالفة لأن بها عدادات كهرباء وماء أي أن جهات حكومية أخري اعترفت بشرعية هذه المخالفات. يجب علي حكومة المهندس إبراهيم محلب تشكيل لجان مستقلة ليست من مهندسي الأحياء تقوم بمراجعة جميع المباني المخالفة وإعادة تقييمها وأن يتم الانتهاء من أعمال الحصر والتقييم خلال 3 شهور وأن يتم إعلان نتيجة هذا التقييم للمصريين ووقتها سيكون هناك ألف حل لهذه الكارثة القومية.