تحقيق التنمية في أي مجتمع من المجتمعات، لا يتحقق إلا بعقول وأيدى أبنائه، ولا يكفى أن يكون لدينا هذه الرغبة فقط للوصول إلى هذا الحلم الذى يطمح إليه المصريون منذ سنوات طويلة ولم يتحقق، ولكن يجب أن تكون لدينا القدرة والإصرار علي تحقيق هذه الخطوة في هذا التوقيت تحديداً حتي نضع أقدامنا علي بداية الطريق الصحيح. أهمية التوقيت الآن أن هناك رغبة صادقة وحقيقية عند الرئيس عبدالفتاح السيسي وحكومة المهندس إبراهيم محلب في السعي لتحقيق آمال المصريين.. وفي ذات الوقت هناك حماس شديد من المصريين للمشاركة بفاعلية في نجاح أية تجربة يمكن أن تساهم بشكل حقيقى في تنمية وتغيير وجه هذا المجتمع، وليس أدل علي ذلك مما حدث في مشروع قناة السويس الجديدة التي لاقت إقبالاً شعبياً أدهش الجميع، وهو أبلغ دليل على وعي المصريين وانتظارهم لمشاريع تنموية حقيقية للمشاركة والمساهمة بها، كما أنه أمر ينم عن حسن نوايا المصريين تجاه هذا النظام وشعورهم بأن هذا النظام الذي جاء بعد ثورتين علي نظامين فاسدين لن يكرر أخطاء الماضى، وهذه الثقة الشعبية هي في حد ذاتها تمثل أحد أهم عناصر النجاح لأى نظام. من هنا يجب أن تبدأ الحكومة في رسم ونهج سياسة جديدة وغير تقليدية لتحقيق معدلات التنمية التي يحتاجها الوطن، وهو أمر يحتاج إلى خطوات جريئة يأتي علي رأسها البدء بمواجهة الفساد الذى تجذر وتغلغل فى معظم مؤسسات الدولة، ومواجهة البيروقراطية التي تؤدى إلى الفساد أو إفشال أية تجربة يمكن أن تنجح، وفي ذات الوقت يجب أن تصدر تشريعات جديدة، لا تقف عند حد تشجيع الاستثمار، وإنما تكون جاذبة للمستثمر الوطنى والعربى والأجنبى، وأن يكون من بين هذه التشريعات ما يغل يد المحليات تماماً عن أي مشروع حتى لو كان سوبر ماركت، حتي يشعر الجميع بأن هناك تغييراً حقيقياً قد حدث في مصر، وتكون البداية هي عودة المصريين للاستثمار في الصناعة والزراعة والتجارة داخل وطنهم بعد أن غادر كثيرون منهم للاستثمار في دول خارججية. أيضاً هناك رغبة حقيقية الآن من الأشقاء العرب في الاستثمار داخل مصر بعد التغييرات السياسية التي حدثت، إلا أن كثيرين يتخوفون من الفساد والبيروقراطية، وعلينا أن نكون واقعيين، حتي نعى أن كل ما يحدث من زيارات رسمية وتصريحات تنطوى علي بعض المجاملات والتشجيع، لا يمكن أن تؤسس لاستثمار قوي وحقيقى خاصة أن هناك كثيراً من المشاكل المعلقة لمستثمرين عرب وأجانب ومصريين، ومن هنا يجب أن تحدث تغييرات حقيقية قبل انعقاد المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ في مارس القادم.. ومن المهم أن يصل إلي المواطن العادى سواء في مصر أو فى أى دولة شقيقة حدوث تغيير حقيقى في مصر حتي يأمن المواطن على أمواله ومشروعاته مهما صغرت أو كبرت، خاصة أن الجميع يترقب التغييرات القادمة في ظل بحث كثير من المستثمرين عن مناخ آمن وجاذب للاستثمار بعيداً عن الأماكن الملتهبة في كثير من الدول العربية، وكلنا يعلم أن كل العرب يعتبرون مصر هي موطنهم الثانى ويتمنون العيش والاستثمار بها. باختصار.. المؤتمر الاقتصادى القادم سوف يشكل علامة فارقة ومهمة إذا حسن استغلاله، واستغلال الأحداث التى تموج بها المنطقة، بحيث تكون مصر حاضنة للاستثمارات العربية وتشهد أكبر انطلاقة في تاريخها المعاصر لتتحول إلى مركز اقتصادى وتجارى فى قلب العالم.