بعض النضال الحكومى الحالى من أجل السعى لاسترداد بعض شركات القطاع العام التى تعرضت لعمليات بيع ذات عقود متدنية لا تنصف مصر ولا قيمة المباع وتكشف فساد الذين جهزوا مسرح عمليات البيع بشتى «التجهيزات» التى تسقط ثمرات البيع ناضجة فى أيدى المستثمرين فى الداخل والخارج!، حتى أن الحكومة فى نضالها هذا قد تورطت فى أخطاء منها تجاهل أن عمليات البيع قد تمت بعقود هى شريعة المتعاقدين كما نعلم!، بما يعرض الحكومة لإجراءات التقاضى بين طرفى التعاقد، أو إجراءات تحكيم داخلى أو خارجى ينتهى فى العادة إلى خسارة الجانب المصرى!، ثم نرى فى نفس الوقت أن هناك مشاريع بيع لبعض الشركات المصرية التى أنشأتها الدولة استجابة لضرورة، وبهدف أن تسد خانات كان لابد أن تنشأ بأموال الشعب وأيلولة بعض الشركات الخاصة القائمة وقتذاك فى كيان جديد أكبر!، ومن الأمثلة الصارخة فى هذا المسلك المتناقض الإعلان عن بيع شركة «بسكو مصر» لأعلى سعر!، كأن إنشاء «بسكو مصر» شركة مساهمة مصرية فى يناير1957 كان من باب الوجاهة التى تبين للحكومة أننا لسنا فى حاجة إليها مؤخرًا!، ولا يشفع لهذه الشركة هذا التاريخ العريق لها فى سد حاجيات الاستهلاك المحلى وقد اتسع بمعدلات الزيادة السكانية من عام 1957 وحتى الآن!، فلاشك أن هذا السوق الواسع قد جعل من استمرار «بسكو مصر» وما تجنيه من أرباح والعمالة ذات الخبرة الطويلة التى اكتسبتها لم يكن يعنى اقتصارها على إنتاج سلعة واحدة، بل أتيح للشركة أن تتوسع طبقًا لهدف إنشائها فتنوع من منتجاتها المتجانسة، خاصة فى ظل المنافسة الشرسة التى تتعرض لها من جانب شركات محلية منافسة، وبالاضافة إلى غابة من توكيلات أجنبية لا ترضى بأقل من الاستيلاء على كامل السوق!. وأى دراسة جدوى لبقاء الشركة واستمرارها لن تقف إلى جانب الذين يقدمون هذه الأيام على بيع الشركة!، فعندنا ملايين الأطفال ممن هم يستهلكون يوميًا ما تنتجه «بسكو مصر» من الحلوى والعجائن،كما أننا ونحن نسعى لتوفير وجبات غذائية لأطفال المدارس فى مأمن مما تتعرض له ونسمع به عن جرائم بعض متعهدى تغذية التلاميذ فى المدارس ممن يقدمون وجبات فاسدة!، نضيف إلى ذلك أن المستهلكين لبعض ما تصنعه «بسكو مصر» من الشطائر والخبز والبسكويت ومنتجات الحبوب قد اتسعت دائرتهم فى الشركات والمصانع والدور الحكومية. وهى توفر انتاجها بأسعار مازالت فى متناول أيدى المصريين!، وهذا نقرره من الواقع السوقى دونما حاجة بنا إلى مقارنة هذا الإنتاج المحلى بأسعار المثيل من إنتاج الشركات الأجنبية وطلائعها المصرية فى السوق المحلى!، ولكن الزميل «صلاح الدين عبدالله» قد رأى فى التحقيق الذى نشره فى «الوفد» أمس أن الشركة بأوضاعها الحالية والسابقة هى «الفرخة التى تبيض ذهبًا» لمن يضع يده عليها!، فالشركة ليست فى نشاطها المعروف بمنتجاتها التى تباع للناس مما يجعلها مغرية لتكالب المستثمرين محليين وغير محليين عليها!، إنما التكالب يعود إلى أن الشركة تملك مساحات شاسعة من الأراضى!، وحتى بعد أن باعت الشركة القابضة عليها ببيع جزء منها فى اطار برنامج «الخصخصة» التدريجى مع منتصف تسعينيات القرن الماضى!، ولمقاومة عملية بيع الشركة حاليًا قام شحاتة محمد شحاتة مدير المركز العربى للنزاهة والشفافية بتقديم بلاغ إلى النائب العام برقم 23263 ضد كل من له سلطة منع البيع فى هذا البلد!، وقد نشرته الزميلة «مونيكا عياد» أمس الأول فى «الوفد»، ويحذر البلاغ من وقوع «بسكو مصر» فى يد شركة أمريكية يمكن أن تضر منتجاتها بالمستهلكين فى السوق المحلى!، ورئيس الوزراء يملك بالتأكيد أن يسارع إلى وقف العمليات التى تجهز لبيع «بسكو مصر» فورًا، فهى فى كل الأحوال أبقى لمصر وناسها!.