فى كلمته على هامش المناورة التعبوية بدر 2014 يوم الأثنين الموافق 3/11/2014 ذكر الرئيس عبد الفتاح السيسى أن مكافحة الإرهاب ليست مسئولية الحكومة وحدها بل هى مسئوليتنا جميعا، لأن الإرهاب لا يستهدف طائفة معينة، أو فئة بذاتها، ولكنه يستهدف تدمير مقدرات الدولة بكاملها. وأضيف إلى ما قاله السيد الرئيس جريمة أخرى يفزع لها الشعب المصرى كل عام، بل كل شهر، بل بالأحرى كل يوم، حتى فاقت كل الحدود وملت منها ساحات القضاء، كما ذكرت فى مقالى السابق، بل ربما تضيق بها القبور مستقبلا، ألا وهى جريمة الإهمال، وما يترتب عليها من كوارث أهمها الموارد البشرية، وآخرها حادث البحيرة الأليم، الذى راح ضحيته الكثير من أبنائنا الأبرياء الذين ساقتهم أقدارهم إلى هذا النعش الطائر. وأرى أن التطبيق العملى لما قاله الرئيس السيسى، وما ينشغل به الرأى العام لمكافحة جادة لجرائم الإرهاب والإهمال، يتمثل فى الرقابة الشعبية المباشرة وهى تعنى أن يهب الشعب كله، بكافة طوائفه وتنظيماته، فى مواجهة هذا الفساد الدينى ( الإرهاب) والفساد الإدارى ( الإهمال). ومن أهم وسائل الشعب المباشرة فى هذا النوع من الرقابة: • رقابة الرأى العام • رقابة المؤسسات غير الحكومية. • رقابة الصحافة ووسائل الإعلام. - فالرأى العام المستنير، يمثل قيدا حقيقيا خطيرا يحول دون أن تمارس طائفة لسلطة، أو سلوك، على نحو لا يتفق مع ضمير الجماعة وتصورها للقانون، أو فهمها الحقيقى للدين. كما تعتبر مساءلة الرأى العام للإدارة العامة من أبرز أنماط المساءلة فى الدول الديمقراطية، وتقف حجر عثرة أمام جريمة الإهمال 0 هذا وتعد استطلاعات الرأى العام من الوسائل التى يمكن من خلالها معرفة درجة انسجام الرأى العام مع سلوك معين، أو سياسات حكومية معينة ( كما فى المجتمع الأمريكى مثلا) 0 - أما عن رقابة المؤسسات غير الحكومية، فهى ما يطلق عليه مؤسسات المجتمع المدنى، وتشمل الأحزاب السياسية، والمنظمات غير الحكومية، وجماعات المصالح، والجمعيات الأهلية، والنقابات العمالية، واللجان النقابية، وجميعها تنظيمات تنشأ بالإرادة الطوعية لأعضائها، بهدف خدمة مصلحة أو قضية، وليس هناك مصلحة تعلو على مصلحة الوطن، وليس هناك قضية تفوق قضية الإرهاب الذى يعيشه الشعب المصرى اليوم، حتى تنهض هذه المؤسسات، أو التنظيمات، لتعبئة الرأى العام وتبصيره بخطورة الحدث سواء بالنسبة للإرهاب الأسود، أو الإهمال والتسيب الذى استشرى فى معظم مرافق الدولة. - أخيرا تبقى رقابة الصحافة ووسائل الإعلام، إذ تعد وسائل الإعلام بمختلف صورها من أهم الآليات للتعبير عن آراء المواطنين فى النظم الديمقراطية، فهى تشكل سلطة رابعة بلا مراء، يمكنها أن تنجح أحيانا فيما فشلت فيه السلطات الأخرى (التنفيذية والتشريعية والقضائية) ومن الأمثلة الواقعية التى ندلل بها على نجاح وسائل الإعلام فيما تفشل فيه سلطات الدولة الثلاث: قضية هضبة الأهرام بمصر، التى تم استردادها بعد نشر وقائعها على صفحات الجرائد، وفضيحة مونيكا - كلينتون بأمريكا، حيث أجبرت المساءلة الصحفية والإعلامية، رئيس أكبر دولة على وجه الأرض، على الإعتذار للشعب الأمريكى، الذى أخفى عنه حقيقة فعلها ذات يوم (للمزيد راجع رسالتنا للدكتوراه، بعنوان الرقابة المالية على الأموال العامة فى مواجهة الأنشطة غير المشروعة، كلية الحقوق- جامعة المنوفية ، 2007). هكذا تكون وسائل الرقابة الشعبية إلى جانب الحكومة يدا واحدة فى مكافحة جرائم الإرهاب والإهمال، ولكن بشرط أن يصدر التشريع اللازم لمنح هذه الوسائل الآليات اللازمة لمباشرة أعمالها، وأن يتضمن التشريع الحماية اللازمة للشهود و المبلغين، وأن يكون لهذه الوسائل الحق فى متابعة التحقيقات،فيما تبلغ عنه، أو تكشفه، لدى جهات التحقيق المختلفة0 هنا فقط يمكن أن نكافح الإرهاب، ونحمى الوطن من جريمة الإهمال، ولا نترك الحكومة وحدها فى هذا المعترك الخطير، اللهم قد بلغت ، اللهم فاشهد. وكيل وزارة بالجهاز المركزى للمحاسبات والمحاضر بالجامعات المصرية