رغم مرور أكثر من 6 أسابيع على بدء العام الدراسى الجامعى فإن هناك طلاباً لم يعرفوا مصيرهم حتى الآن وإلى أى معهد ينتسبون.. وذلك بسبب النظام الإدارى العقيم فى المجلس الأعلى للجامعات ممثلاً لوزارة التعليم العالى.. آلاف من الطلبة تقدموا بطلبات نقل من المعاهد العليا التى رشحهم مكتب التنسيق للانتقال إلى معاهد أخرى تنطبق عليهم شروط للالتحاق بها، ورغم ذلك لم يتم البت فى طلبات النقل مضيعين عليهم أكثر من نصف التيرم الأول فى التعليم.. رغم أن بعض هذه المعاهد بدأت امتحانات خاصة للطلبة الملتحقين بها.. وأصبح الطلبة العالقون كالغرقى الذين يتمسكون ب«قشة» محاولين إنقاذ أنفسهم بأية طريقة.. عقب إعلان نتيجة التنسيق للدبلومات الفنية فى شهر سبتمبر الماضى وفى الوقت المحدد للنقل تقدم الطلبة بطلباتهم إلى المعاهد المرغوبة بالنسبة لهم.. وتم تحصيل نحو 250 جنيهاً رسوماً للنقل من كل طالب.. ومن هذا التوقيت والطلبة لا يعرفون مصيرهم.. هل لايزالون على ذمة معاهدهم القديمة التى رشحوا لها؟.. أم أنهم قد تم قبول طلبات النقل للمعاهد الجديدة التى يرغبون الالتحاق بها؟ الموقف غامض بالنسبة لهم.. والأيام تمر وامتحانات التيرم الأول من العام الدراسى على الأبواب.. فهل يضيع على هؤلاء الطلبة عام من مستقبلهم انتظاراً لموافقة المجلس الأعلى للجامعات على طلبات نقلهم؟ من يتحمل مسئولية ضياع مستقبل هؤلاء الطلبة بسبب حالة النوم والموت البطىء التى انتابت مكتب تنسيق الجامعات والمعاهد العليا.. النقل لم يتم والطلبة لم يبدأوا الدراسة فعلياً.. فهل يكفى ما تبقى من وقت لكى يدرس ويتعلم ويدخل الامتحان ويحقق النجاح الأمر فى غاية الصعوبة وذنب هؤلاء الأبناء فى رقبة وزير التعليم العالى الدكتور السيد عبدالخالق شخصياً.. فهل طلبات النقل لهؤلاء الطلبة ركبت سلحفاة حتى تصل إلى مكتب التنسيق.. أم أنها ضلت الطريق إليه وذهبت إلى مكتب تنسيق فى العراق أو ليبيا أو السودان الشقيقة؟ لماذا تأخرت عملية البت فى طلبات نقل هؤلاء حتى الآن.. وإذا كانت هذه العملية البسيطة لنقل الطلبة أخذت كل هذا الوقت.. فكم يكلفنا من وقت التطوير العملية الدراسية ذاتها فى المعاهد والجامعات خاصة أن هذه المؤسسات تلفظ خريجين لا يفقهون «الألف من كوز الدرة»، رغم تفشى ظاهرة الغش والدروس الخصوصية وبيع الامتحانات وتسريبها فى أماكن كثيرة.. المنظومة التعليمية تحتاج إلى إعادة تشكيلها من جديد لتخريج من تحتاجه أسواق العمل.. ولكن ما يحدث الآن أن الطلبة يمثلون عبئاً ولابد أن يذهبوا إلى الصفوف الأعلى لترك أماكنهم للطلبة الجدد. متى تتحقق جودة التعليم وتعود الجامعات المصرية إلى مصاف الجامعات العالمية.. من العار ألا تحجزها معاناتنا أماكنها المرموقة وسط الترتيب الدولى للجامعات من حيث البحوث العلمية والابتكارات، لا يوجد جامعة عصرية حتى الآن ضمن المائة جامعة دولية.. حتى جامعة القاهرة التى احتلت ترتيباً ضمن أهم 500 جامعة فى العالم خرجت هذا العام من الترتيب.. بسبب عدم انتظام العام الدراسى الماضى، وكذلك تفرغ البعض من الأساتذة والطلبة المنتمين للجماعة الإرهابية لعمليات التخريب وتعطيل الدراسة مدعومين من قوى مارقة داخلياً وخارجياً.. نريد أن تعود مصر إلى أهلها وتعود جامعاتنا إلى مصاف الجامعات الأولى عالمياً.. نريد أن يتحقق جودة التعليم والبحث العلمى فلسنا أقل من إسرائيل أو حتى جنوب أفريقيا التى تحتل جامعاتها مراتب متقدمة فى التصنيف العالمى. قد يكون هناك بعض العذر للجامعات لتراجع المستوى العلمى والتعليمى لديها العام الماضى بسبب توقف الدراسة لفترات طويلة بسبب العمليات الإرهابية الكثيرة التى شهدتها خلال العام الدراسى.. واضطرار وزارة التعليم العالى من خلال المجلس الأعلى للجامعات الذى بضم رؤساء الجامعات إلى إنهاء الدراسة فى التيرمين الأول والثانى قبل موعده وتقديم موعد الامتحانات.. ولكن هذا العام لن يكون مقبولاً بأى شكل من الأشكال أن يتراجع مستوانا فى التصنيف الدولى هذا العام أيضاً.. لأن الجامعات المصرية خرجت آلاف العلماء على مستوى العالم فى جميع المجالات فى العلوم والتكنولوجيا والنقل والصحة.. جامعات مصر منحت العالم الدكتور أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل للعلوم.. والدكتور فاروق الباز والدكتور عصام حجى العالمان البارزين فى وكالة «ناسا» الأمريكية للفضاء.. الجامعات المصرية فى الستينيات والسبعينيات قدمت للعالم عقولاً مصرية جبارة فى كل المجالات.. فهل هذه الجامعات عقمت الآن وتراجع مستواها التعليمى والعلمى؟ وكما هى مصر تمرض ولا تموت هكذا كانت شواهد التاريخ فجامعاتنا أيضاً قد تمرض ولكنها لا تموت أبداً لأن مصر ولادة وسرعان ما يزاح الغبار عنها ويعود علماؤنا لاتخاذ أماكنهم المرموقة فى العالم.. الشباب المصرى قادر على الخروج بمصر من عنق الزجاجة علمياً واقتصادياً واجتماعياً لتأخذ مكانها فى مصاف الدول كما كانت عبر التاريخ القديم والحديث.. ولكن بشرط أن يأخذ فرصته للعمل وإثبات ذاته فى شتى المجالات.. الشباب الوطنى كان شرارة ثورتى 25 يناير و30 يونية ورغم ذلك لم يأخذ فرصة سياسياً أو فى مصاف الإدارة.. رغم أن هناك شباباً عظيماً وراقياً من حملة الدكتوراة ومؤهلاً علمياً تماماً للقيادة.. ولكن السادة العواجيز أزاحوا الجميع ولم يتركوا فرصة لأحد للتقدم.. فهل هذا عائد إلى عدم الثقة فى الشباب.. أم لأنهم يرونهم أطفالاً ولا يجب الاعتماد عليهم حتى يكبروا؟ قد تكون البداية للخروج من أزمة الوطن هو إدراك أهمية الوقت وأن ضياع الوقت ومروره دون الاستفادة منه سيضع فارقاً حضارياً بين مصر ودول الصف الأول فى العالم، ولذلك علينا البدء بالإفاقة من الغيبوبة الحضارية وهذا لن يتأتى إلا بتمكين الشباب النابغ من العمل وسرعة الإنجاز من خلال جداول زمنية محددة لكل المشروعات وبجودة عالية.. فى أوروبا والبلاد المتقدمة والمتخلفة أيضاً وفى بلاد المحروسة تنسيق الجامعات والمعاهد العليا يتم إلكترونياً وهذا شىء جيد.. وقد تم فعلياً من خلال تنسيق المراحل الثلاث للجامعات الحكومية والخاصة. وكذلك تنسيق الدبلومات الفنية.. ولكن أن يتم النقل بين الكليات والمعاهد يدوياً وعلى الطلبة الانتظار حتى منتصف التيرم الأول فهذا غير مقبول لأننا كما تعلمون فى زمن العلم والتكنولوجيا.. وهذا يمكن أن يتم فى ساعة وضحاها.. نرجوكم ساعدوا الطلبة وحققوا طلباتهم المشروعة فى النقل بأسرع وقت ممكن.. فالوقت من ذهب «مش كدة واللا إيه».