شهر رمضان من الشهور المعظمة التى لها خصوصية عند كل المسلمين, لما له من بركات, ونفحات ينتظرها المسلمون فيه, لذلك يكون له تجهيزات خاصة. ويقوم المسلمون بعادات وتقاليد وطقوس خاصة في هذا الشهر يتضح من خلالها فرحة الأطفال والنساء بهذا الشهر، خاصة في مصر, مثل تعليق الزينة وإنارة الطرقات, وموائد الرحمن, وتوزيع البلح على المارين فى الشوارع وغيرها من العادات الرمضانية. إلا أننا في هذا العام نجد أن هذه الطقوس الرمضانية تختلف بطريقة كبيرة عن ذى قبل، حيث تتغلب عليه روح الثورة المصرية التي نجح من خلالها الشعب المصري في إسقاط أعتى نظام حاكم على مدار ثلاثين عاما. ولعل ما يؤكد هذه الرؤية انشغال الناس في الأحداث السياسية المتتابعة والمتلاحقة من اعتصامات ومظاهرات, فضلا عن ارتفاع الأسعار والغلاء الذى دب فى كل شىء. مما أدى إلى ضعف إمكانيات الفقراء في شراء ما يدخلون به البهجة على أولادهم، وسوء الحالة الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتي أدت إلى غياب الموائد الرمضانية، حيث أكد أصحاب محلات الفراشة أنهم اعتادوا على التعاقد مع منظمي الموائد قبل رمضان بشهر، إلا أنهم فوجئوا هذا العام بغياب أي تعاقد معهم على فراشة أي مائدة حتى الآن رغم دخول شهر رمضان في غضون اليومين القادمين. ومن مظاهر هذا الإحساس عند بعض المواطنين ما أكده أحد المواطنين ويدعى محمد عبد المولى، أن رمضان هذا العام مختلف تماما, حيث انشغل بالسياسة عن التحضير لرمضان, فى ظل هذه الأجواء الجديدة بعد الثورة، مشيرا إلى أن ضيق الوقت وقلة الموارد المالية لم تؤهله للاستعداد لهذا الشهر. من ناحيتها أكدت إيمان محمود (ربة منزل) أن ما تمر به مصر الآن جعلها لا تفكر فى شىء, مشيرة إلى أنها كانت كل عام تنتظر رمضان بفارغ الصبر, وتحضر له بكل الخيرات وكل ما لذ وطاب، لكنها الآن لا تستطيع أن تشترى حتى الياميش من ارتفاع سعره, والغلاء الذى انتشر فى السوق. وتتفق معها فى الرأى أم عبده (30 سنة) حيث أشارت إلى أنها كانت تقوم بالذهاب إلى السوق قبل رمضان بأسبوعين لشراء مستلزماتها من الياميش والخضروات وغيره، أما الآن فإنها لم تشتر أي شيء حتى الآن بسبب ارتفاع الأسعار ووقف الحال خاصة أن زوجها يعمل صانعا في إحدى الورش وظروفهم الاقتصادية تغيرت . إلا أن سلمى عبد الرحمن أكدت أن شهر رمضان رغم كل ما نمر به فى مصر إلا أنه له طابع خاص, فمهما حدث فى هذا الشهر فإن الله سبحانه وتعالى سوف يهون علينا ما نحن فيه من غلاء الأسعار. ويرى تاجر ياميش أن هذا الشهر يعتبر موسما من المواسم التى ينتظر من خلاله عائدا ماديا كبيرا, إلا أنه أكد أن الإقبال على المعروضات قليل جدا بسبب ظروف الفقراء، قائلا: "حتى من كان يشتري كيلو من كل صنف أصبح يشتري نصف وربع". وأعرب عن استيائه من تجاهل الحكومة للغلاء الذى تفشى فى السلع الغذائية والاستهلاكية, وانفلات بورصة الأسعار فى الأسواق واستغلال التجار ضعاف النفوس للظروف العصيبة التى يمر بها المواطن المصرى, مؤكدا انه كان من المفترض عليهم أن يقفوا بجانبه بدلا من استغلاله. وفى نبرة أسى وحزن تقول الحاجة منيرة(ربة منزل)، "إننى ذهبت حتى أشترى بعض الأشياء اللازمة للبيت لكننى لم أتمكن من الشراء نتيجة غلائها, فنحن لم ندخل بعد رمضان فما بالنا عندما يأتى ناهيك عن أسعار الطيور والأسماك.. اللهم الطف بنا". ونصحت المسلمين أن يستغلوا هذا الشهر الكريم فى الدعاء أن يفرج الله الكرب عنا ويقى مصر شر الفتن ما ظهر منها ومن بطن, فهذا الشهر لا يأتى إلا مرة واحدة فى السنة فعلينا ألا نجعله شهرا للطعام فقط لأننا بذلك نقتل قدسيته, وروحانيته.