دعت المعارضة في بوركينا فاسو الجمعة إلى مواصلة الضغط وطالبت برحيل الرئيس بليز كومباوري "بدون شروط" بعدما وعد بمرحلة انتقالية لكنه يرفض الاستقالة. وغداة تظاهرات شهدت أعمال عنف، نزل عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع الجمعة للمطالبة باستقالة كومباوري. تجمع المتظاهرون في ساحة الأمة أمام مقر قيادة الجيش وهم يهتفون "بليز ديغاج" (ارحل) و"كوامي لوغي رئيس". وكوامي لوغي كان رئيسا للاركان ووزيرا للدفاع حتى عزله في 2003، ويطالبه عشرات آلاف من المتظاهرين بتسلمه السلطة منذ الخميس. وأعلن أحد كوادر حركة معادية لبقاء كومباوري في السلطة "نجري محادثات مع الجيش ليضمن لنا رحيل كومباوري". وقال خالدو كومباري وهو طالبا في السابعة والعشرين من العمر "نريد أن يتولى الجيش المسئولية لأن بقاء كومباوري في السلطة ليوم واحد غير وارد". من جهته، قال زعيم المعارضة زفيرين ديابري للصحافيين أن المعارضة "تدعو الناس إلى مواصلة الضغط عبر احتلال الساحات العامة. رحيل بليز كومباوري غير المشروط شرط مسبق لأي نقاش بشأن أي انتقال سياسي، هكذا بوضوح وبكل بساطة". وكان الرئيس بليز كومباوري وعد بفترة انتقالية في بوركينا فاسو لكنه رفض الاستقالة فيما يقول الجيش أنه تسلم السلطة غداة اضطرابات عنيفة ضد النظام. لكن الوضع بدا غامضا صباح الجمعة لأن قادة المعارضة لم يعلنوا موقفا واضحا من تسلم الجيش السلطة. ولم تعل هتافات تطالب بتسلم الجيش السلطة عن جموع المتظاهرين الذين جعلوا من استقالة كومباوري "أولوية غير قابلة للتفاوض". وقال النائب المعارض ابلاسي اودراوغو في تصريح لإذاعة فرنسا الدولية "استيقظنا اليوم ورأينا الغموض الشامل يسود الوضع". وقد أسفرت الاضطرابات عن حوالى ثلاثين قتيلا وأكثر من مائة جريح، كما قالت المعارضة التي لم توضح هل تغطي هذه الحصيلة كامل الأراضي الوطنية أو أنها لا تشمل سوى واغادوغو. وليلة الجمعة سمع دوي القصف في ضواحي القصر الرئاسي الذي لا يمكن الاقتراب منه لأن جنود من الحرس الرئاسي المتوترين جدا منعوا الوصول إليه، كما أفادت وكالة فرنس برس. وقد اشتعلت بوركينا فاسو الخميس، فاضطر الجيش إلى التدخل على إثر إحراق الجمعية الوطنية وتعرض التليفزيون الرسمي لهجوم واندلاع أعمال عنف في الأقاليم ودعوات إلى استقالة الرئيس. وأعلن رئيس أركان الجيوش نابيري هونوريه تراوري في بيان تلاه أحد الضباط، إنشاء "هيئة انتقالية" تتسلم الصلاحيات التنفيذية والتشريعية، على أن يكون الهدف إعادة النظام الدستوري " في غضون اثني عشر شهرا". وقال الرئيس كومباوري الذي وصل إلى الحكم بانقلاب في 1987 في كلمة متلفزة أنه "فهم" رسالة الشعب واتخذ "التدبير الصحيح لتحقيق التطلعات الكبيرة إلى التغيير". لكنه لم يتحدث عن استقالة محتملة معربا في المقابل عن استعداد بدء محادثات لفترة انتقالية يسلم في نهايتها "السلطة إلى رئيس منتخب ديمقراطيا". ورحبت الولاياتالمتحدة مساء الخميس في بيان لوزارة الخارجية ب "قرار" كومباوري "تشكيل حكومة وحدة وطنية تمهيدا لانتخابات وطنية ونقل السلطة إلى خلفه المنتخب ديموقراطيا". وأعربت واشنطن من جهة أخرى عن "أسفها للخسائر بالأرواح البشرية" ودعت الأطراف إلى تجنب أعمال عنف إضافية. وتصريحات كومباوري أغضبت بينيوندي سانكارا أحد أبرز مسئولي المعارضة الذي قال إن استقالة الرئيس "أولوية غير قابلة للتفاوض". وأضاف "طوال 27 عاما، استغفل بليز كومباوري الجميع. والآن ما زال يغش ويتحايل مع الشعب". وكان سانكارا أول من وصف مساء الخميس استيلاء الجيش على السلطة بأنه "انقلاب". وفرض حظر للتجول "على جميع الأراضي من الساعة 19 إلى الساعة 6". وتفاوتت درجات التقيد به في واغادوغو، كما لاحظ مراسلو وكالة فرانس برس. وفي المقابل، رفع الرئيس البوركيني مساء الخميس الحظر الذي فرضه بنفسه بعد الظهر. ولم يوافق المتظاهرون حتى الآن على تسلم الجيش السلطة، وينتقدون شخصية رئيس الأركان الذي وصفه الطالب محمد رابو (26 عاما) بأنه "دمية في يد الحكم". وهم يطالبون بكوامي لوغي الجنرال المتقاعد الذي يحظى بتعاطف كبير بدلا منه. وقالت امرأة لم تشأ الكشف عن هويتها "نريد لوغي". شارك بليز كومباوري الذي ينتمي إلى اتنية الموسي في ثلاثة انقلابات وأتاح له الانقلاب الأخير الوصول إلى الحكم. وعلى رغم ولايتيتن استمرت كل منهما سبع سنوات (1992 - 2005) ثم ولايتين استمرت كل منهما خمس سنوات (2005 - 2015) و27 عاما في الحكم، يرغب في البقاء في السلطة بعد 2015، وهذا ما لا يتيحه له الدستور. وقد نجمت تظاهرات الخميس عن رغبته في تعديل المادة 37 من الدستور للمرة الثالثة، بعد 1997 و2000 والتي تحدد العدد الأقصى للولايات الرئاسية باثنتين كل منهما لخمس سنوات. وحاول النظام تهدئة النفوس بإعلانه إلغاء التصويت على مشروع تعديل الدستور الذي كان مقررا الخميس. وسعى المعارضون في الأيام الأخيرة لإطاحة النظام الذي لطالما اعتبر من أكثر الأنظمة استقرارا في المنطقة. وقال المعارض اميل بارغي باري أنه "ربيع أسود في بوركينا فاسو على غرار الربيع العربي"، وذلك غداة تظاهرات صاخبة شارك فيها مئات آلاف الأشخاص، وقد نزل مليون شخص كما تقول المعارضة إلى شوارع واغادوغو للاحتجاج على "الانقلاب الدستوري". ودعا الاتحاد الأفريقي "جميع الأطراف المعنية إلى أقصى درجات ضبط النفس". ووجه الاتحاد الأوروبي نداء "للبدء فورا بالحوار" ووقف أعمال العنف. ودعت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة وشريكة بوركينا فاسو التي تضطلع بدور كبير في منطقة الساحل المضطربة إلى "العودة إلى الهدوء". وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس "لا نملك تشكيل أو حل حكومة. ما نأمل به نحن الفرنسيين هو حماية رعايانا وأن تسير الأمور باتجاه الهدوء". وأضاف "طلبنا من سفيرنا العمل على تسهيل حل التهدئة هذا"، موضحا أن مبعوثين من الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا سيصلون الجمعة إلى بوركينا فاسو.