لم يحقق اجتماع مجلس الأمن الليلة الماضية بشأن الاستيطان الإسرائيلى في القدسالشرقية أي نتائج، وانفضت الجلسة الطارئة التي عقدها المجلس بناء على طلب الأردن العضو العربي الوحيد في المجلس دون إصدار بيان، الأمر الذي كان متوقعا، مع اعتياد إسرائيل عدم الاستجابة لنداءات مجلس الأمن المتكررة بوقف الاستيطان على الأراضي الفلسطينيةالمحتلةوالقدسالشرقية حفاظا على عملية السلام وتنفيذا لالتزاماتها الدولية. سعى الأردن العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن بطلبه عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، إلى مناقشة تداعيات موافقة الحكومة الإسرائيلية يوم الاثنين الماضى على بناء ألف و60 وحدة استيطانية جديدة في القدسالشرقية، الأمر الذي وتر الأجواء في القدسالشرقيةالمحتلة، بعد إعلان إسرائيل التسريع في خطط البناء، وزاد من غيوم الأجواء المتوترة أصلا. فيما استهدف الرئيس الفلسطيني محمود عباس"أبو مازن" عبر تقديم مندوب فلسطين لدى الأممالمتحدة رياض منصور مذكرة دعا فيها أعضاء المجلس ال15 إلى "النظر في الوضع المتأزم في القدسالشرقيةالمحتلة"، تدويل القضية وحفز العالم على تحديد سقف زمني محدد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية على حدود 67، معتبرا أن بناء المستوطنات يشكل "صفعة قوية" للجهود المبذولة لإعادة إطلاق المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية. المستوطنات التي قررت الحكومة الإسرائيلية بناءها تشمل إقامة 660 وحدة في مستوطنة "رامات شلومو" المقامة على أراضي بلدة شعفاط، شمالي القدسالشرقية، و400 وحدة في مستوطنة "هار حوماه" المقامة على أراضي جبل أبو غنيم، جنوبي القدسالشرقية، وجاءت المصادقة على هذا في وقت تشهد فيه الأحياء الفلسطينية في مدينة القدس مواجهات بين الشبان الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية ردا على الاقتحامات اليهودية المتكررة للمسجد الأقصى. بدوره، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عن قلقة إزاء بناء إسرائيل المستوطنات الجديدة في القدسالشرقية، مشيرا إلى أن هذا يثير الشك بشأن حقيقة التزام إسرائيل بعملية السلام، ومطالبا حكومة تل أبيب مجددا بالكف عن الاستيطان، ما يؤكد وضوح موقف أرفع مسئول أممى من عملية بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، ويجدد ما يعلنه في مختلف المناسبات، بأن بناء المستوطنات لا يخدم عملية السلام، ولا يعد عنصرا مساعدا لها ويتعارض مع القانون الدولى. وقال مندوب فلسطينبالأممالمتحدة - في مذكرته - إن بلاده ترغب في أن يطلب مجلس الأمن من إسرائيل سحبا فوريا للمشروع، وأن تعود إلى"طريق السلام" الذي تخلت عنه بشكل واضح، مشيرا إلى أنه إذا لم نستطع إقناع المحتل بالتفاوض من أجل إقامة دولة فلسطين فربما لن يكون هناك حل الدولتين. يأتي هذا في الوقت الذي يدفع فيه الفلسطينيون من أجل تبني قرار يحدد مهلة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي بحلول عام 2016، نظرا لأن وجود المستوطنات يجعل الدولة الفلسطينية المستقبلية أقل قدرة على النمو والتطور اقتصاديا وسياسيا ويحرم الفلسطينيين حق تقرير مصيرهم. وأكد الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدةالأمريكية أن هذه المشروعات (الاستيطانية) تعقد إيجاد حل تفاوضي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي في وقت تشهد فيه الأحياء الفلسطينية في مدينة القدس مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال ردا على الاقتحامات اليهودية المتكررة لباحات المسجد الأقصى. ويعد الاستيطان من أخطر العقبات التي تعرقل سير العملية السلمية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فهو يعتبر أداة مزدوجة الهدف لتحقيق المشروع الصهيوني من حيث استيلائه على الأراضي العربية والتخلص من أهلها وأصحابها الشرعيين، وكذلك تحويل المستوطنات إلى ثكنات عسكرية وقلاع محصنة، والمستوطنين إلى جيش مسلح للدفاع عن إسرائيل، لذلك اتفقت جميع الحكومات الإسرائيلية على الرغم من اختلاف توجهاتها السياسية على اعتبار الاستيطان ركيزة الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية لتهويد الأراضي المحتلة، وفرض أمر واقع على الدول العربية والفلسطينيين يصعب تغييره، فالاستيطان خطوة نحو تحقيق الغاية القومية الإسرائيلية العليا بإقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات. كما تعد السياسات والممارسات الاستيطانية الإسرائيلية انتهاكا لمعاهدة جنيف الرابعة التي تحظر على القوة المحتلة نقل مجموعات من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها، بالإضافة إلى كون المستوطنات تمثل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي، فإن السياسات والممارسات الاستيطانية الإسرائيلية تخرق اهم مبادئ القانون الدولى، فإقامة المستوطنات لغرض تعزيز الادعاء بامتلاك مناطق في الضفة الغربية وغزة. وبتنفيذ سياستها الاستيطانية تعمل إسرائيل بصورة مناقضة تماما لمبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة، وهو مبدأ مهم في القانون الدولي، وأوضحت الأممالمتحدة في قرار مجلس الأمن رقم 242 أنه ينطبق على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، وأن سياسات وممارسات الاستعمار الإسرائيلي تشكل عقبات خطيرة في طريق التوصل إلى حل شامل، وعادل ودائم في الشرق الأوسط.