إذا عرف السبب بطل العجب؛ كما يقال فما يحدث فى سوريا حتى الآن؛ ما هو الا خطة مدروسة تشارك بها مجموعة من التحالفات لمصالحها الخاصة، وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل وفرنساوتركيا؛ واستكمالا لاتفاقية سايكس بيكو عام 1916، فالسيطرة على النفط في المنطقة منذ عام 2000، هو حلم الولاياتالمتحدة الذى دعمته المجموعة الوطنية للطاقة لسياسات التنمية (NEPDG) التي يرأسها ديك تشيني والتى تم تحديدها من خلال صور الأقمار الصناعية وبيانات الحفر، لاحتياطيات النفط العالمية، والتى أظهرت وجود احتياطيات هائلة من الغاز السوري. وهذا تطلب من واشنطن وضع خطة بعيدة المدى بدأت فى تنفيذها من 2001 بمهاجمة ثماني دول (أفغانستانوالعراق وليبيا ولبنان وسوريا والسودان والصومال وإيران) للاستيلاء على مواردها الطبيعية. واستكملت الخطة بتشكيل «الشرق الأوسط الكبير» (الذى يحوى تفكيك تركيا والمملكة العربية السعودية)، وبالطبع لا نستطيع اغفال الدور الذى لعبته وزارة الخارجية الامريكية في دعم ما اسمته «الربيع العربي». أما إسرائيل فتستكمل خطتها للسيطرة على المساحة بين نهري النيل والفرات، عن طريق السيطرة على النشاط الاقتصادي في المنطقة والقضاء على الجيوش العربية فى العراقوسوريا ومصر (وهذا سر الحرب الضروس ضد مصر وجيشها من حلفاء الصهاينة حتى الآن) وخاصة بعد دعم أمن إسرائيل بنشر صواريخ باتريوت من حلف شمال الأطلنطي في تركيا، وكردستان العراق وجنوب السودان). أما فرنساوتركيا فما زالتا تحلمان باستعادة إمبراطوريتهما.. ففرنسا تريد الحصول على ولاية سوريا، أو على جزء منها. ومن أجل ذلك صنعت ودعمت الجيش السوري الحر ذا العلم الأخضر والأبيض، والثلاثة نجوم الذى يذكرها بالماضى إبان الولاية الفرنسية من 1920. أما تركيا أردوغان، فتعمل على استعادة الإمبراطورية العثمانية. وبالتالى فالمصالح التركية والفرنسية متوافقة وللإسف فإن الدعم السعودي القطرى للجيش الحر أكمل الصورة.. وكلنا يذكر ما حدث في يوليو 2012، في باريس من اجتماع للائتلاف، حيث جندت الجيوش الخاصة من المرتزقة وأرسلت الى سوريا؛ تحت إشراف وكالة الاستخبارات المركزية. وبالطبع تكلفة الحرب الضخمة، لم تدفع من خزائن الولاياتالمتحدةوفرنساوتركيا، ولكنها مدفوعة بالكامل من السعودية وقطر. وكل هذا التجييش تم تحت مسميات عديدة على رأسها «الثورة الديمقراطية»، الى جانب ما رددته مجموعات من المتعصبين مثل «الثورة السلمية: المسيحيون إلى بيروت والعلويون إلى القبر! « أو» لا لحزب الله، ولا إيران، نحن نريد الرئيس الذي يخشى الله! «..... وفى الواقع إن فرانسوا هولاند ورجب طيب أردوغان، هيلاري كلينتون وديفيد بترايوس عملوا على غير المتوقع على إسقاط الجمهورية العلمانية وفرض نظام السنة لأن هذا يعنى إيجاد ذريعة لما يريدون فعله فى سوريا!... ولا مانع من تنظيم ما سمى «بأزمة الكيميائي» فى صيف عام 2013، كذريعة للبيت الأبيض والبنتاجون لاستعادة السيطرة. وفي يناير عام 2014، عقد اجتماع سري فى الكونجرس لتمرير القانون السري لتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق وانفصال المنطقة الكردية في سوريا، ومن أجل ذلك تم تمويل وتسليح مجموعة جهادية قادرة على تحقيق ما يحظر القانون الدولي علي جيش الولاياتالمتحدة القيام به من تطهير عرقى فكانت داعش، ولم يعد مشروع «الشرق الأوسط الكبير» هدفاً في حد ذاته، ولكنه فقط وسيلة للسيطرة على الموارد الطبيعية. باستخدام التصميم الكلاسيكي لتحقيق المطامع (فرق تسد). لذلك فإن حملة القصف الحالية للائتلاف لم يعد لديها أي اتصال مع الهدف الأولي للإطاحة بنظام الأسد. ولا علاقة لها بالكلام عن «الحرب على الإرهاب». ولكنها حصريا للدفاع عن المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة وحدها،. وستكون هذه الحملة الجوية الأغلى والأكثر فاعلية في التاريخ. والحقيقة ان السبب الحقيقى لتلك الهجمات هو التلاعب في أسعار النفط التي خفضت من 115 دولاراً للبرميل إلى 83 دولارا، بانخفاض نسبته تقريبا 25٪. ونوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي المنتخب شرعيا، الذي باع نصف نفطه إلى الصين، وكان المطلوب تدمير جميع المنشآت النفطية التي تستخدمها الشركات الصينية وهروب المشترين الصينيين ودمجهم في السوق الدولية التي تسيطر عليها الولاياتالمتحدة وبالتالى فإن تلك الحملة الجوية هي تطبيق مباشر «لمبدأ كارتر» من فعل أى شىء للحصول على منابع النفط والسيطرة عليها، وتحذيراً للرئيس شي جين بينج الذي يحاول السيطرة على النفط لصالح الصين. أما إسرائيل فتواصل اللعب تحت الطاولة لتقسيم فعلى للعراق إلى ثلاث مناطق. وهى الفائز الوحيد في هذه الحرب ضد سوريا وداخل الائتلاف. فقد أضعفت جارتها سوريا لسنوات، وأجبرتها على التخلي عن ترسانتها الكيميائية لذلك هي الدولة الوحيدة التي لديها رسميا ترسانة نووية متطورة وكيميائية وبيولوجية. وأخيرا فأن روسياوالصين ستتدخلان بشكل عاجل ضد داعش، ليس من أجل التعاطف مع السكان المحليين، ولكن لأن هذه الأداة سيتم قريبا استخدامها ضدهما من قبل الولاياتالمتحدة. وبعيدا عن التفسيرات الشعبوية الساذجة للمأساة فإن ما يجري بسوريا هو بداية حقيقية لحرب عالمية جديدة تدور رحاها بين معسكر الغرب المتحالف مع اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والمستخدم الماهر الحاذق لحكومات الدول الأضعف في الفلبين والخليج العربي وباكستان، بالتالي لغالبية المجموعات الإسلامية السياسية، ضد معسكر الصينوروسيا وحلفاء العقيدة السوفييتية القديمة في سوريا وفنزويلا وجمهوريات وسط آسيا بالإضافة لأوكرانيا وروسيا البيضاء وجورجيا، والمستخدم المحترف لبعض الجماعات الإسلامية المتطرفة أيضا. والكل يصب فى النهاية لصالح الصهيونية العالمية!