حالة من الغضب سادت الجامعات قبل بدء العام الدراسى، بعدما تردد من أقاويل عن الاستعانة بالطلاب الوطنيين للإبلاغ عن زملائهم من مثيرى الشغب، بعد حالات الفوضى التي شهدتها الجامعات في العام الماضى، الأمر الذي أشعل حالة من الغضب لدي الطلاب والأساتذة التربويين الذين رأوا أن هذا الأمر يعيد النظام التعليمي للوراء، ويسعى لتكميم الأفواه، رافضين تحول الطلاب إلى مخبرين، وحذروا من خطورة تحول الجامعات إلي ساحات حرب، وانتشار رياح الشك والبغض بين الطلاب، وطالبوا بضرورة قيام الأجهزة الأمنية بدورها دون إقحام الطلاب حرصاً علي حياتهم، وحقناً للدماء. أعاد هذا الأمر إلي الأذهان ما شهدته الجامعات في أوائل السبعينيات، عندما سيطر الإسلاميون علي الاتحادات الطلابية، وعارضوا اتفاقية كامب ديفيد، وقاموا بمظاهرات عنيفة، قام بعدها الرئيس الراحل أنور السادات باللجوء لفكرة تجنيد الطلاب داخل الجامعات للإبلاغ عن زملائهم من مثيري الشغب، وذلك من أجل إحكام قبضته علي الجامعات وقتها، إلا أن ذلك أحدث نوعاً من الضغينة بين الطلاب ثم عاد التفكير في هذا الأمر، بعد أن شهدت الجامعات المصرية في العام الماضى حالة من الفوضى والمهازل، بعدما صدرت جماعة الإخوان الإرهابية حالات العنف ونقلته من الشارع المصرى إلي الجامعات، لإحداث حالة من الارتباك وبث الرعب في نفوس الطلاب بعد أحداث فض رابعة، الأمر الذي أدى لزعزعة استقرار الجامعات، والتأثير سلباً علي سير العملية الدراسية، وسادت حالة من الذعر بين الطلاب بعد سقوط العديد من القتلى والمصابين من زملائهم ومع بدء العام الدراسى الجديد في الجامعات، والذي يشهد حالة من الترقب الشديد، جاء هذا المقترح المتخبط من قبل وزير التعليم العالى كمحاولة منه لوقف العنف والشغب في الجامعات والسيطرة علي الجامعات، حتي لا تتكرر مشاهد العنف التي شهدتها الجامعات في العام الماضى. عودة للوراء الدكتور محمد المفتى، عميد كلية التربية جامعة عين شمس سابقاً، يري أن هذا الرأي غير مدروس، ومن الممكن أن يتسبب في عداء شديد بين الطلاب، فضلاً عما يمكن أن يحدث من صراعات داخل الحرم الجامعي، لأنه من الممكن أن يتم استغلال الخلافات الفردية بطريقة سيئة، وهذا أمر مرفوض علي الإطلاق، ويعيدنا للوراء، فلا يصح أن يكون بالجامعات شرطة سرية من الطلاب الجامعيين، فنحن الآن نعيش عصر الحريات ونطالب بأن تتاح الحريات داخل الجامعات في حدود المسموح به، وعدم اللجوء إلي العنف، فلابد من التوعية قبل استخدام أي أسلوب أمني، فعلى إدارة الجامعة إعداد ندوات تثقيفية لتوعية الطلاب الذين يعتنقون أفكاراً معينة، وإقناعهم بتعديل أفكارهم، وذلك عن طريق الاستعانة بأساتذة علم النفس والاجتماع، والسياسة، لأن هؤلاء الطلاب لديهم مساحة كبيرة من الفراغ تجعلهم يلجأون للعنف، مع ضرورة تطبيق اللوائح والالتزام بحضور المحاضرات وحرمان المتغيبين من دخول الامتحان، فضلاً عن معاقبة مثيري الشغب، ومن ناحية أخري يجب علي إدارة الجامعة أن تقوم بفصل الأساتذة الذين يحرضون الطلاب علي العنف لأنهم يدمرون بذلك البنية الأساسية للتعليم، فلا يجب أن يظلوا في أماكنهم. أسلوب غير أخلاقى ويرفض أيمن البيلى، ناشط تعليمي، ما اقترحه وزير التعليم العالى لكونه أسلوباً غير أخلاقى، ويعد نوعاً من التجسس، ولا يصح أن يقوم به الطلاب في الجامعة، فنحن ضد الممارسة السياسية داخل الجامعة ولسنا ضد حرية الرأي فهي مكفولة أمام الجميع، أما فكرة تجنيد الطلاب فهي مرفوضة، وتكرس لعلاقات غير طبيعية داخل الحرم الجامعي، ويرى أن هذا الاقتراح يوضح عجز الدولة عن تطبيق القانون داخل الجامعة، رغم أن هذا هو دورنا، فالطالب يذهب للجامعة لتلقي العلم وليس للعمل كمخبر أو شرطة سرية، كما يوضح أيضاً عجز عمداء الكليات واللائحة الطلابية التي باتت تحتاج لتعديل سريع حتى يتسنى ممارسة الديمقراطية الحقيقية، ويؤكد أن الحل يكمن في تفعيل دور الأجهزة الأمنية والقانون، ومنح الطلاب حرية التعبير دون رفع شعارات حزبية، وممارسة الأنشطة الطلابية، ودعمها مع عودة عمل الأسر الطلابية بحرية كاملة، وعدم التضييق على الطلاب، وهناك حاجة ملحة لتحسين العلاقة بين الطلاب والأساتذة حتي تكون هناك حالة من الحوار الدائم لمعرفة ما يعانيه الطلاب من أزمات ومشاكل تدفعهم لارتكاب أعمال العنف. لا لتكميم الأفواه الدكتور كمال مغيث، باحث بمركز البحوث التربوية وعضو مجلس إدارة المعاهد القومية، يرى أن تفعيل مبدأ تجسس الطلاب علي بعضهم البعض جريمة ترتكب في حق الطلاب، فلا يعقل أن يتحول الطلاب إلي مخبرين يقومون بالإبلاغ عن زملائهم، فما يحدث الآن يدل علي وجود حالة من التخبط لدي من يقررون مصير الطلاب، فلن يقبل أحد أن يكون زميله «مخبراً»، وهذا في الأساس دور الدولة التي من المفترض أن تتعامل مع العنف والشغب بطرق مختلفة، وليس بتجنيد الطلاب، فعليها وضع قواعد صارمة مع بداية العام الدراسي لعدم استخدام العنف بأي شكل من الأشكال، ووضع العقوبات الصارمة لمرتكبيه، ولابد من صيانة حجرات الدراسة بمعني التزام الأساتذة بمحاضراتهم، وشرح المناهج المقررة، دون الترويج لأي فصيل سياسي، وتحويل المخالفين منهم لمجلس التأديب فوراً، فالعملية التعليمية يجب صيانتها عن الاستخدام السياسي، لكي تصان الجامعة من العنف، لكن في نفس الوقت لا يجب تكميم أفواه الطلاب ولا أن يكون من حقهم الاعتراض علي ممارسات الأساتذة أو المشاركة في أي حملات مناهضة للعنف والاحتجاج علي رفع أسعار الكتب والمذكرات، ولكن الدور الأساسى يجب أن ينصب علي الدولة وليس علي الطلاب المتميزين داخل الجامعة، فالحريات هي التي تصون النظام، لكن قمع الحريات لم يحم النظام في أي دولة. دور الدولة ويحذر اللواء فؤاد علام، نائب رئيس جهاز أمن الدولة سابقاً، من استخدام الطلاب في القيام بالدور الأمني، ويري أن هذا الدور يجب أن تقوم به إدارة الجامعة والموظفون والإداريون، فالأساتذة الجامعيون علي دراية كاملة بهؤلاء الطلاب الذين يثيرون الشغب داخل الحرم الجامعي، ومن الممكن الإبلاغ عنهم ومحاسبتهم، أما استخدام الطلاب كمخبرين لنقل أخبار زملائهم فهذا الأمر سيشكل خطورة علي حياة الطلاب، حيث سيؤدي لزيادة الانقسامات والعنف داخل الجامعات، فضلاً عن زيادة حالات الوقيعة والشك بين الطلاب، وتزداد أعمال العنف، فمن الممكن أن يتم استغلال الخلافات الفردية بطريقة خاطئة، لذا فمن المستبعد أن يتم تنفيذ هذا المقترح لكثرة مساوئه.