مقالي هذا يخرج عن سياسة المنهج الذي تعودت أن أقدمه للقارئ العزيز.. ماذا حدث؟!! منذ بضعة أيام.. وقبلها عدة مرات – قرأت واستمعت إلى هجوم «متجني» على المجالس القومية من قناتين محترمتين..!! أحبهما واحترامهما.. من قنوات الإعلام المصري التي نفخر بها بحق.. وهما «الباب السابع» ثم الابن المصري الغالي «إبراهيم عيسى»..!! وكانت الظنون تأخذنى إلى أفكار بعيدة.. إلا أنني.. من ثقتي في الاثنين وجدت نفسي أدافع عنهما.. وأبرر ما أورداه على أنه أمر «مدسوس» عليهما – عن سوء أو حسن نية أو عن جهل بحقيقة الأمور.. ومن هنا رأيت أن «أضع النقاط فوق الحروف»..!! وكل كلمة ورادة في هذا المقال هي الصحيح المطلق.. ورجائي من الاثنين أن يدققا وأن يقوما بالتأكد من كل ما ورد.. علماً بأن المجالس القومية المتخصصة ترحب بهما وتوفر لهما كل ما يطلبان من استقصاءات..!! وإحقاقاً للحق سأحاول في عجالة أن أوضح بعض الحقائق بشأن المجالس القومية وذلك حتى يمكن وضع حد لمحاولات النيل من تلك المجالس.. وبيان صحيح عملها في الماضي والحاضر.. نعم عملها في «الحاضر».. فإن المجالس لم تتوقف يوما عن العمل.. ولم تتراخ – ولو للحظة – عن المساهمة في دراسة مشكلات الوطن واقتراح الحلول لها!! وحتى الحريق الذي أتى على مقر المجالس مع بداية ثورة 25 يناير فإن أبحاث على مدى سنوات طويلة لم ينل منها الحريق.. كيف؟! ذلك أن المستشار أحمد رضوان – مستشار المجلس في ذلك الوقت والذي يشرف عليها حالياً.. وكأنه يطلع على الغيب –عمد منذ أكثر من سنة سابقة إلى تسجيل «كل» أبحاث المجالس على أسطوانات مدمجة أودعها بخزانة أحد البنوك.. يا لها من مفاجأة..!! حقيقة أن الحريق أتى على مكتبة المجالس «الثرية» وعلى كل إمكاناتها المادية.. إلا أنه لم ينل من روح الأعضاء.. وبفضل جهود رجال من أمثال الدكتور إبراهيم بدران والمستشار أحمد رضوان وعدد من أعضاء المجالس.. استمرت اجتماعات شعب المجالس في أي مكان متاح.. بل وفى منازل البعض أحياناً.. واستمرت الدراسات قائمة.. حتى تم تخصيص مقر جديد للمجالس بعد شهرين أو ثلاثة..!! واقتصر أثر الحريق على إمكانات مادية تتمثل في معدات الاتصال.. وتجهيزات الاجتماعات..!! ولا بد هنا أن أشير إلى ابن مصر البار الغالي «محمد أنور السادات» –أسكنه الله فسيح جناته.. عندما اتجه إلى إعادة بناء «مصر القوية» في أعقاب نصر أكتوبر.. رأي أن من الأساليب النموذجية المتبعة في إدارة شئون كثير من الدول المتقدمة.. أن يتاح لرئيس الدولة الاستعانة بعدد من المجالس الاستشارية في مختلف المجالات ليتاح له التوصل إلى أنسب السياسات.. والنموذج «الأكاديمية الفرنسية».. ومن هنا أنشأ المجالس وعهد بها إلى «قمة» كبيرة من قمم العمل الوطني.. الدكتور عبد القادر حاتم –أطال الله في عمره وبارك في حياته.. ونجح عبد القادر حاتم.. نجاحاً منقطع النظير في مهمته..!! وتولى أمر المجالس من بعده كل من المغفور له عاطف صدقي والمغفور له الأستاذ كمال الشاذلي وللأسف فإن البعض حاول.. والله أعلم بالنوايا –أن ينال من إنجاز كل منهما في المجالس.. وكان ذلك ظلماً بينا..!! وأوضح فيما يلي حقيقة الإنجاز الذي قدمته المجالس المتخصصة. فبالنسبة للدكتور عاطف صدقي فإن اختياره مشرفاً عاماً على المجالس لم يكن – في واقعه – نوعا من المكافأة.. بل إن الاختيار تم على أساس الانجاز الأكاديمي الطويل للدكتور عاطف.. فالرجل عندما كان يرأس «اللجنة الاقتصادية» بمجلس الشورى –في الثمانينات– أخرج مجموعة غير مسبوقة من الدراسات الاقتصادية الضرورية والأساسية في بناء الدولة..!! ثم ألم يكن الدكتور عاطف صدقي هو الرجل الذي قاد بكل كفاءة مسيرة «الإصلاح الاقتصادي» مع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات..!! ولمجرد الذكرى أقول إن فترة تولى الدكتور عاطف صدقي شئون المجالس.. شهدت العديد من التقارير الحيوية في العديد من المجالات: السياحة، تطوير التعليم، تطوير التعليم الأزهرى، والعديد من المجالات الاقتصادية وغيرها..!!! وأتذكر أن أحد التقارير التي صدرت عن المجالس بشأن الأزمة المالية العالمية في منتصف العقد الأول من القرن الحالي.. أشار في وضوح كامل إلى أن «الاقتصاد الحر» لا يعنى غياب دور الدولة –وهو دور أساسي– وأن النمو الاقتصادي لابد أن تصحبه تنمية حقيقية من خلال توزيع عادل لعائد ذلك النمو..!! هناك الكثير.. والكثير.. مما يمكن تسجيله عن إنجازات المجالس في عهد إشراف الدكتور عاطف صدقي رحمه الله..!! الرجل لا يستحق أن يُظلم.. ولا أن يقال عنه.. «أن في عهده بدأت المجالس تتدهور».. كلا أيها السادة.. إن المسيرة استمرت على قوتها..!! رحم الله عاطف صدقي..!! وعلى الرغم من أن مقالي هذا لا يتسع لسرد المزيد.. والمزيد.. فأود أن أشير إلى أن المجالس لم تحد عن طريقها بعد الثورة في 25 يناير وتخصيص المقر الجديد لها.. وكانت المجالس سباقة بإعداد تقارير حيوية منها «تنمية سيناء وتعميرها كضرورة قومية حتمية».. و«إعادة تأهيل مصنع الحديد والصلب في حلوان» و«إصلاح التعليم بمختلف مراحله».. والتشريعات المختلفة.. ثم كان تقرير المجالس ذو الأهمية القصوى «365 يوم من أجل مصر».. وغيرها.. وغيرها..! ولا يفوتني هنا أن أذكر أن المجالس تقدمت إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء بعدة تقارير تطالب فيها بتطوير مهمتها وإمكاناتها.. مع التذكرة بأن المجالس كانت ولا زالت ترفع تقاريرها إلى رئاسة الجمهورية.. ثم.. تبعث بها إلى رئاسة مجلس الوزراء..!! أملى عقد اجتماع عاجل للنظر في التطوير المطلوب.. فالمجالس كانت ولا تزال هي «المخزون القومي للفكر والخبرة».. وهو مخزون لا يمكن التغاضي عنه في رسم خريطة المستقبل..!! وكان من غير الممكن وأنا أكتب عن المجالس أن أنسى موعدي مع المسيرة اليومية التي يقودها «أحمس المصري» الشهير بعبد الفتاح السيسى رئيس مصر المنتخب..ونهتف معاً: «مصر فوق الجميع.. وتحيا مصر.. ولسوف تحيا»..!!