فى30 سبتمبر 2012 أوفد الرئيس المعزول وزير الدفاع لوضع باقة من الزهور على قبر الرئيس المصرى الأسبق عبدالناصر... وقد كتبنا فى ذلك الحين متسائلين عن سبب تجاهل رئيس الجمهورية للاحتفال بذكرىسعد والنحاس وعدم التوجه الى هناك رمزاً لتحية زعماء الشعب الذين حملهم الشعب للحكم والقيادة فى أعقاب ثورته الشعبية الوحيدة خلال القرن العشرين... وتساءلنا لماذا يحدث التجاهل من رئيس جمهورية جاء منتخباً فىأعقاب ثورة شعبية... لزعماء شعبيين حملتهم أيضاً ثورة شعبية لقيادة الوطن والناس. تكرر هذا الأمر هذا العام فقد أوفد رئيس الجمهورية وزير الدفاع لوضع باقة من الزهور على قبر الرئيس المصرى الأسبق عبدالناصر وفى الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر توجه الرئيس الى قبر الجندى المجهول ثم توجه لقبر الرئيسين الأسبقين السادات وناصر... ونحن أيضاً بدورنا نتساءل لماذا غفل الرئيس السيسى عن تكريم ذكرى زعماء الشعب سعد والنحاس اللذان قادا أكبر ثورة شعبية فى تاريخ مصر الحديث فى القرن العشرين وقادوا مصر نحو صناعة الدولة الدستورية الحديثة وهونفس الهدف الذى تسعى إليه ثورة الشعب المصرى فى ثورة 25 يناير وفى ثورة 30 يونية لأجل استعادة الدولة الديمقراطية الحديثة... لا سيما وأن ذكرى وفاة سعد والنحاس تسبق ذكرى وفاة ناصر والسادات بنحو شهر من الزمان فالأيام بينهما متقاربة. لعل هذا يلقى الضوء حول موقف رؤساء مصر فيما بعد ثورتى يناير ويونية من زعماء الشعب وتقديرهم لثورات الشعب المصرى وقدرتها على بناء الدولة الحديثة وتغيير المسار نحو حكم رشيد ديمقراطى تكون السيادة فيه للشعب.. وإذا كانت اللجنة التأسيسية لدستور 2014 قد تنبهت الى حجم الغبن والتزييف والتجاهل الذى تعرضت له ثورة الشعب المصرى فى 1919 وزعماؤها خلال فترة الستين عاماً الشمولية لنظام 23 يوليو... فنوهت الى ثورة 19، وللزعمين سعد والنحاس فى ديباجة الدستور المصرى... وعليه فليس مفهوماً أن تغفل السلطة التنفيذية ممثلة فى الرئيس عن تكريم ذكرى زعماء الشعب..!! وأن تمضى فى نفس طريق تجاهل ثورة 19... فالأمر ليس تكريم أشخاص وقامات مضت ولكنه يحمل فى جوهره احترام ثورة الشعب وتاريخه وسعيه الحثيث نحو بناء الحضارة والدولة المدنية التى يملك الشعب فيها سيادته. وقد أغفلت جهات الإدارة المتعاقبة التى أدارت شئون الحكم فى مصر منذ فبراير 2011 ذكر سعد أو النحاس بطريقة متعمدة تفسر لنا بسهولة نفس النهج المريب فى معالجة فكرة الحوار المجتمعى فمنذ قيام ثورة الشعب فى يناير 2011 لم يتم عرض كافة القوانين الرئيسية الحاكمة لمسار الدولة عرضاً مجتمعياً مفتوحاً يتم فيه النقاش والوصول الى نتائج معبرة على الاطلاق وذلك فى شأن قانون الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية وتقسيم الدوائر وقانون المحليات وقوانين النقابات المهنية والعمالية وقوانين العمل والمنظمات الأهلية... فلم يطرح قانون الانتخابات لنقاش واسع للوصول الى نظام انتخابي يدعم الحزبية ويدعم تفعيل السياسة والحوار طريقاً ومنهجاً للتغيير وقوانين النقابات ظلت كما هو موروث عن النظام الشمولى السابق وهى مأخوذة بالتبعية نقلاً عن الأنظمة السوفيتية الشمولية... بل ان الدستور الصادر فى2012 والأخير لم يأخذا حقهما من النقاش المجتمعى المفتوح... وفى كل هذه الأشياء تبدو الأمور وكأنما تسير لوجهة محددة بعينها يلتف حولها مجموعات من راغبى التحلق حول النظام.. أى نظام رغبة فى ظهور جيل خفى من صناع القرارات وإلا فحدثونا عن المجلس القومى للحوار والمجلس الاستشارى وغيرها من أدوات ودعوات الحوار الشكلى غير المنحاز للاستماع للدائرة الواسعة من الشعب وفئاته المختلفة. إن استمرار نهج تجاهل ثورة 19 وذكرى سعد والنحاس تحمل فى باطنها نفوراً من الإرادة الشعبية وتجاهلاً غير مقبول لتاريخ الوطن وتاريخ الشعب فسيرة سعد والنحاس هى تاريخ المصريين فى مواجهة الاستعمار واستبداد السراى وهى تاريخ مقاومة المصريين ونضالهم نحو انتزاع حقوقهم فى مواجهة حكامهم... عاشت ذكرى سعد وذكرى النحاس وتحية لأرواح شهداء الوطن فى ثوراته المستمرة من ثورة عرابى إلى ثورة يناير 2011 ويونية 2013.