نعرف جميعا تاريخ نشأة اسرائيل الذي بدأ فعليا مع مؤتمر لندن عام 1840 والذي أجبرت فيه الدول الاوروبية محمد على باشا حاكم مصر على تقليص نفوذه واحلامه الامبراطورية داخل مصر والسودان، ومنذ هذا التاريخ بدأ العمل الفعلي على الأرض لحل مشكلة اليهود في اوروبا على حساب فلسطين التاريخية وكانت النصيحة التي اسداها نابليون بونابرت لمن اتي بعده في اعقاب فشل حملته على مصر والشرق «أن من يحلم بالسيطرة على هذا الجزء من العالم عليه أن يقيم كيانا فاصلا بين مصر والشام». ولم يكن هذا الكيان فيما بعد سوى اسرائيل التي أنشئت بقرار اممي بعد ما يقرب من ستين عاما من التهجير المنتظم لليهود من حارات وزرائب أوروبا الى فلسطين.. وقامت دولة اسرائيل يوم 14 مايو 1948 بعد اعلان بريطانيا انهاء انتدابها على فلسطين.. وقبل أيام لم يتوقف كثيرون امام خبر صغير يقول بأن حكومة السويد اليسارية الجديدة ستعترف بدولة فلسطين التي يخالف معظم الاوروبيين ضمائرهم ولم يعلنوا اعترافهم بعد بدولة عمرها آلاف السنين ارضاء لكيان استعماري مغتصب عمره عشرات السنين. المهم في الأمر أن الكفاح السلمي للشعب الفسطيني يجب أن يأخذ دفعات جديدة ومنظمة تبدأ من الشعب الفلسطيني داخل الاراضي المحتلة وخارجها بما في ذلك عرب اسرائيل، ومن المهم جدا أن تلعب الجامعة العربية دورا جديدا ومختلفا يتجاوز الاجتماعات الدورية العقيمة التي يذهب اليها من يذهب بعقلية اليائس الذي سيحضر اجتماعا تأبينيا أكثر منه سياسيا.. بامكان الفلسطينيين قبل ان يصل عمر اسرائيل مائة عام ان يقيموا دولتهم وعاصمتها القدسالشرقية وهنا ستكتب شهادة وفاة اسرائيل المحكوم عليها جغرافيا وتاريخيا بالموت المحقق ومن دون حرب أو صراع مسلح اذا اصرت هي على وهم أن بقاءها مرهون بغطرسة القوة وقبح الاحتلال. الصراع القادم الذي سينهي اسرائيل هو صراع الهويات حيث ستموت اسرائيل بالغيبوبة التاريخية.. ستفني اسرائيل الدولة ويذوب اليهود كأقلية في محيط فلسطيني وعربي كبير، وبرغم حالة الهوان العربية القائمة منذ نصف قرن فإن القائمين على مراكز البحث الاسرائيلية يعلمون ان هناك حتميات للتاريخ تقول كلمتها في النهاية، والكلمة الأخيرة ستكون لصالح الجغرافيا والتاريخ وليس لصالح ثقافة الاستعمار التي سكنت عقول وقلوب الآباء المؤسسين للكيان الاسرائيلي الصهيوني. رئيس وزراء السويد الجديد ستيفان لوفين اعلن الجمعة الماضي أن حكومته ستعترف بدولة فلسطين.. والسويد دولة اوربية مهمة وكبيره وستشجع هذه الخطوة دول اوربية وغير اوروبية على الاعتراف بدولة فلسطين ويبقي ان تعترف الكثير من الفصائل الفلسطينية انها باسم الكفاح أضاعت فلسطين وباسم العروبة أفقدت فلسطين عروبتها وبعض هويتها وباسم النضال والشرعية قسمت المقسم من فلسطين وشرذمت المشرذم من فلسطين وعندما يكتب التاريخ كلمته الأخيرة عن تلك الفصائل سيلعنها لأنها اختارت ان تناضل مختبئة في قصور بعض الأمراء والسلاطين الذين بالفطرة يكرهون سيرة وتاريخ أي نضال أو كفاح شريف. اللحظة الراهنة التي تمر بها الدول العربية رغم قسوتها ومأساويتها فإنها مثل المخاض الذي قد يبشر بمولود يغير التاريخ أو بميت يزيد الموت موتا ويسلب الحياة ماتبقي في صدرها من أنفاس.. صحيح ليس هناك نظام عربي فاعل وليس هناك اجماع فلسطيني على شيء ولكن متى كانت التحولات العظيمة تتحقق في اوقات القوة.. نحن بحاجة الى قوة الحلم وليس حلم القوة.. الى قوة الكفاح وليس كفاح القوة.. الى قوة المنطق وليس منطق القوة.. الى ان نقرأ مسيرة مانديلا في جنوب افريقيا ونتأمل اخر استفتاء على انفصال اسكتلندا ونقلب في كتب التاريخ ونبحث عن خط سير اليهود من بلاد الرافدين الى فلسطين الى مصر.. هل من الممكن أن يندمج اليهود ويذوبوا في محيط عربي كبير لايمكن لأي قوة أن تدمره وتتخيل ان تقيم على إطلالة دولة كبيرة من المحيط الى الخليج؟ هل من الممكن أن نخاطب الأجيال الجديدة في اسرائيل أنه بإمكانهم وبامكان احفادهم أن يكونوا جزءا من شعب كبير هو الشعب الفلسطيني وأن التاريخ ليس في صالح فكرة تهويد الأرض والبشر والحجر لأن الواقع على الأرض يتحدث العربية ويغني بالعربية ويتكاثر عربيا؟ لماذا لايظهر من بين ضلوعنا من يخاطب اسرائيل والولايات المتحدة والغرب خطابا جديدا فحواه اننا جميعا؟ نحن وأنتم قادرون على السلام والتعايش والنماء لصالح الجميع وأن الفوضي الخلاقة ستأكل اصحاب الدعوة اليها قبل المجني عليهم.. وكل سنة والكل بخير وعظيم التحية لرئيس الحكومة السويدية الجديد ستيفان لوفين الذي لم يأخذ حقه في وسائل اعلامنا المشغولة بأحاديث المؤامرة والتخوين.