القضية لا تحتاج إلي «فذلكة سياسية» أو مناقشات بيزنطية.. لأنها واضحة شديدة الوضوح: الهدف هو إسقاط مصر.. هو ذبح المقاومة الشريفة لمخططات الغرب ضرب المنطقة.. هذا هو المخطط الأساسي.. وكأن التاريخ يعيد نفسه والفارق الزمني ثمانية قرون.. فقط. إذ عندما تأكد الغرب المسيحي أن مصر هي العقبة الرئيسية أمام مخطط المنطقة تحت مسمي الحروب الصليبية.. اتفق علي توجيه كل ضرباتهم لمصر.. ليسهل عليهم تمزيق المنطقة.. وهو نفس ما يجري الآن.. وكأننا لا نتعلم. وإذا كان نفس المخطط الغربي- ولو تحت مسمي الفوضي الخلاقة- وهل هناك ما يقبله العقل من وجود.. فوضي خلاقة؟! ولكنهم نجحوا في كل مكان حول مصر ولم يبق إلا مصر. نجحوا في العراق ومزقوه. وها هي سوريا يتم تحطيمها بالكامل.. وحتي اليمن لم يسلم. بل حتي المقاومة الفلسطينية لم تسلم فتم تمزيقها بين فتحاوي وحمساوي. ثم هذه هي ليبيا تتمزق بالكامل وقد تعود سريعاً إلي عصر التمزق القبلي البدوي بين برقاوي وطرابلسي.. وحتي السودان فصلوه عن جنوبه ومازال الصراع محتدماً في دارفور وكوردفان. ثم تونس التي كانت خضراء تعاني من الحكم الإخواني وتخسر حتي السياحة التي حازت فيها في السابق المركز الأول في المنطقة، حتي علي تركيا. أي ان كل ما هو حول مصر، من جميع الجهات، يتمزق وينهار.. إلا مصر التي اكتشف شعبها هذه اللعبة القذرة.. فتصدي للمؤامرة.. ونجح حتي الآن في إجهاضها.. ولكن المعارك مستمرة. من هنا فإن المخطط الرهيب يستهدف تركيز الضربات ضد مصر لتحطيمها وتمزيقها ليسهل لهم الانقضاض علي باقي المنطقة والسعودية ودول الخليج في مقدمة أطماعهم.. وكانت البداية: في الصومال! البداية العملية كانت في العراق عندما سلحوه ومولوه وشجعوه علي تدمير الجيش الإيراني، الذي كانت أمريكا تعده للعمل ضد الاتحاد السوفيتي.. وصفقوا للعراق لكي يواجه الثورة الخومينية 1979. ولم يمض عام حتي بدأت الحرب العراقية- الإيرانية التي استمرت 8 سنوات.. وبين مد وجزر تم تدمير القوتين معاً: إيران في الشرق.. والعراق في الغرب.. وقبل أن يفيق العراق أضاءوا له الضوء الأخضر- واسألوا السفيرة الأمريكية جالبسي- التي شجعته ولم تعترض علي جريمة كان يفكر فيها صدام حسين وسحبوه لاحتلال الكويت.. ليشغلوا- بل ليدمروا الجيش العراقي- بحجة تحرير الكويت منه ومن أطماع «صدام». وقد كان. ورغم وضوح المخطط الأمريكي لتمزيق العراق بعد كل ذلك.. إلا أن ذكاء صدام حسين لم يسعفه.. ولم يكتشف أبعاد المؤامرة.. ووقع في الفخ الرهيب.. وها هو العراق يدفع الثمن وشعبه ثم تمزيقه.. وكان العراق هو المؤهل بعد مصر ليؤدي دوره لحماية المنطقة.. وتم تمزيق جيش العراق وتدمير كل امكانيات العراق. وجاءت «لعبة» الربيع العربي الذي هو في حقيقته «الخريف العربي» من وجهة نظر أمريكا.. وتواكبت ثورات شعوب تونس. ثم مصر. ثم سوريا ثم ليبيا.. والآن اليمن.. أي الهدف كان «إحاطة مصر» بأرض محترقة مدمرة من كل الجهات.. وتعالوا ننظر في خريطة المنطقة الآن. كل ما حول مصر يشتعل.. بل تؤكد كل المتابعات ان كل ما يجري في المنطقة يستهدف مصر.. بل يقترب الخطر من مصر، أكثر وأكثر، كلما حقق شعب مصر انتصاراً. وزاد هذا الخطر بعد نجاحنا في إسقاط الحكم الإخواني، بعد عام واحد.. أي بعد حرمان الإخوان من أن يتخذوا من مصر قاعدة للوثوب علي كل بلدان المنطقة. ولما ظهر «لهم» انهم عاجزون عن ضرب مصر من الداخل.. ركزوا ضرباتهم ضدها من الخارج. أي بعد أن عجزوا عن احتلالها من الداخل ها هم يعملون الآن وبكل شراسة بغزوها من الخارج.. أو علي الأقل«سحبها» وسحب جيشها تحت دعوي حماية الوطن مصر، لكي يحارب خارج أرضه.. أي سحبه خارج قاعدته مصر ليضربوه وهو خارجها، كما حدث في حرب اليمن وغير حرب اليمن.. لتكون الهزيمة القادمة- خارج مصر- مقدمة لتدمير القلب الذي هو مصر، كما حدث في حرب 1967. وإذا فهمنا أن داعش صنيعة أمريكاني.. وأن أمها «القاعدة» كانت أيضاً صناعة أمريكية.. وأن أصابع أمريكا في السودان وراء انفصال الجنوب.. وأن ما يجري في ليبيا- الآن- صناعة أمريكية لضرب أكبر دولة بترولية في شمال أفريقيا.. لتتحول كما جري للعراق باعتبارها ثاني أكبر دولة بترولية في الشرق العربي.. فإن هذا يعني أن المخطط الأمريكي مازال يلهث وراء البترول، حتي في نيجيريا.. وما تنظيم بوكو حرام ببعيد عن المخطط الأمريكي لأن نيجيريا أيضاً هي أكبر منتج للبترول في غرب أفريقيا. هل وضحت صورة الحصار الأمريكي حول مصر، من داعش في الشمال ورجال الإخوان والقاعدة في ليبيا، غرب مصر.. وهذا ليس بعيداً عن أصابع الإخوان.. في السودان، جنوب مصر. وغداً نواصل كشف المخطط الغربي لمحاصرة مصر من كل الجهات.