للمرة الأولى توافق الرقابة على المصنفات الفنية على عرض فيلم عن الأقليات فى مصر، حيث بدأ مساء الأربعاء الماضى العرض الأول لفيلم «عن يهود مصر رحلة نهاية» كعرض عام فى قاعات السينما، وهو الفيلم الذى واجه جزؤه الأول رفض رقابى وأمنىاً وتم منع عرضه وقتها دون إبداء أسباب ليعرض فى مهرجان الفيلم الأوروبى فى دورته الأخيرة. حضر العرض الأول للفيلم مجموعة كبيرة من الفنانين احتفالا بحرية الإبداع وتهنئة لمخرجه ومؤلفه أمير رمسيس وبطلته رئيسة الطائفة اليهودية ماجدة هارون برفقة ابنها الممثل كريم قاسم وأبطال الفيلم أعضاء الطائفة اليهودية ومنتجه. الفيلم تدور أحداثه فى ساعة كاملة تبدأ برحيل نادية هارون نائب رئيس الطائفة فى مصر والذى شهد عزاؤها جموع اليهود وبعض الشخصيات العامة المهتمة بأمور اليهود ورصد الفيلم الحديث مع 12 شخصية حول علاقتهم بمصر وذكرياتهم فيها وأمانيهم للتواجد والعيش فيها بما فيهم آخر لقاءات لنادية هارون. المخرج أمير مرزوق قال انه لم يتوقع عرض فيلمه فى قاعات العرض بهذه السهولة ولكن حرية الإبداع التى بدأت تأخذ مسارها الصحيح كانت سببا فى ذلك، وأضاف: استغرق تصوير الفيلم 5 أشهر بداية من أكتوبر 2013 وحتى مارس 2014 وتم تصوير الأحداث ما بين الاسكندرية والقاهرة ومعابد اليهود. وعن اختياره تقديم جزء ثان من الفيلم بعد الهجوم الذى واجهه الجزء الأول الذى عرض العام الماضى والمشاكل التي واجهها من الرقابة على المصنفات الفنية قال فى الجزء الأول تناولت اليهود الذين غادروا مصر وهاجروا إلى فرنسا وتمنوا لو يحصلون على الجنسية المصرية لكن الظروف الصعبة التى عاشوا فيها جعلتهم يعيشون وكأنهم اموات على قيد الحياة وعندما تعرفت أكثر على الطائفة فى مصر احببتها وساعدتنى كثيرا ماجدة هارون رئيسة الطائفة والتى اعطتنى الفرصة للتصوير فى كل الأماكن ومع كل أغلب أعضاء الطائفة وعددهم 12 فرداً. وعن اختياره مشاهد اجتماعية جمعت بين عائلة رئيسة الطائفة وأصدقائها قال ما دفعني لتقديم الفيلم إشكالية الهوية المصرية والاعتراف بها، ولم اهتم كثيرا بان أقدم عملا توثيقيا بقدر اهتمامى بتوضيح المعاناة التى تعيشها الأقليات فى مصر وفرصتهم فى ان يصبحوا «بنى آدمين» من حقهم ان يعيشوا فى بلادهم. ونفى رمسيس حدوث أى مشاكل واجهها أثناء التصوير مشيرا إلي ان الرقابة اصبحت أكثر استنارة ولم أجد أى مشاكل فى استخراج تصريح العرض حتى ان الرقابة أتاحت لى الفرصة ان أعرض الجزء الأول فى الحفلات الصباحية حتى يتسنى لمن لم يشاهده ان يشاهدوه فى حفل التاسعة والنصف والواحدة ظهرا على ان يعرض الجزء الثانى فى الحفلات المسائية، وأشار إلي ان هناك اتجاهاً واضحاً فى وسائل السينما فى مصر نحو التطوير والتجديد وتقديم الموضوعات المحترمة التى تستحق العرض. وأشار ان الفن عانى كثيرا فى مصر فى الآونة الأخيرة ووقت تصويرى إحدى الحوادث فى الصعيد تم سرقة شرائط التسجيل من قبل جهات معينة معروفة حتى لا نعرض الفيلم، ونتمنى ان يكون فى المستقبل فرصة للإبداع والحديث عن كل ما يحدث فى المجتمع دون رقابة على الفكر تمنع خروج أى إبداع. وعن اختياره الحقبة الزمنية ما بين 1967 وحتى الآن أشار ان نقطة التحول فى حياة اليهود حدثت وقت نكسة 1967 ووجود عدد كبير من الشهداء المصريين فى كل بيت على يد الإسرائيليين وهو ما خلق وقتها خلطاً بين الشخصية الاسرائيلية والشخصية اليهودية وهو ما جعلنى أتحدث عن الشخصيات التي كانت تعيش فى هذه الفترة وقرروا ان يستمروا فى حياتهم فى مصر ويرفضوا التهجير الذى حدث لأغلب اليهود وقتها سواء لأوروبا أو لإسرائيل، وعن اليهود الذين يعيشون فى مصر حتى الآن، من خلال رصد لحياة 12 سيدة يهودية ما زلن يقمن بمصر فى الوقت الحالي. ونفى رمسيس ان تكون لديه رغبة فى تقديم جزء ثالث من العمل يتناول شيئا جديدا عن الطائفه اليهودية فى مصر مشيرا إلي انه اختار فى الجزء الثانى تقديم مشاهد توضح مشاعر هذه الطائفة وما حدث لها وشعورها بالعزلة والرعب ولم أتعمد توضيح الأماكن اليهودية فى مصر لان الكتب والدوريات يمكنها ان توثق ذلك بسهولة لكن ما يهمنى هو الشخصيات. ماجدة هارون رئيسة الطائفة اليهودية فى مصر ابدت سعادتها بعرض الفيلم واعتبرت ان امير رمسيس قدم للطائفة أعظم تكريم فى تاريخهم لانه قرر ان يوثق حياتهم قبل الانقراض مثل الديناصورات، وأشارت هارون إلي أنها تحتفظ ب12 كفناً يهودياً للسيدات الموجودات فى مصر واللاتى رفضن السفر خارج مصر ليحافظن على ماتبقى لهن من ذكرياتهن ومن حياتهم، وأشارت ان الحكومة المصرية لا تسمح بسفر اليهود خارج مصر إلا بالتنازل عن جنسياتهم وهو ماحدث مع أقاربها فى أوروبا خلق حالة من الصعوبة بين تواصلهم إلا عبر وسائل الاتصال، واضافت رغم ان المجتمع المصرى يعامل اليهود كمعاملة المسيحيين والمسلمين كلهم اخوات حتى بعد نكسة 1967 لكن هناك من يتعاملون بعقليات متأخرة لا تحترم سوى من يعرفونهم فقط، وأضافت العام الماضى أحد الشيوخ تم تهديده بالقتل وتمت مهاجمته لأن الصحف نشرت لنا صورة تجمعنا معه فى الإفطار فى شهر رمضان وهذا يدل على ان هناك من يريد إنهاء حياة الأقلية فى مصر بأى شكل. المخرج يسرى نصر الله أكد انه مع كل تجربة جديدة توثق لحياة فئة موجودة فى المجتمع لأن هذا هو دور السينما، بالإضافة إلي اننى تربطنى علاقة قوية بماجدة هارون وزوجها الراحل أحمد قاسم وخرج الفيلم بمستوى اخراجى وتأليفى متميز للغاية أعجبنى على المستوى الفنى وعلى المستوى الاجتماعى خاصة إننى أعرف معظم أبطال الفيلم على المستوى الشخصى، بالإضافة إلي ان الجزء الأول من الفيلم واجه مشاكل أهمها إصرار الجهات الأمنية على مشاهده الفيلم وهو ما يخالف كل معانى الحرية والديمقراطية الموجودة فى العالم فالجزء الأول رصد وبجرأة قصة خروج اليهود من مصر ودور عبدالناصر والإخوان المسلمين فى خروجهم وتوضيح الحقيقة فى هذا الأمر هو توضيح للتاريخ لابد من احترامه وتوثيقه واتمنى ان تقدم اعمال أخري عن حياة الأقليات في مصر لتكون رصداً حقيقياً للتاريخ.