لا أعرف لماذا- ولا كيف- حددت الحكومة، يوم الأحد القادم أي بعد ثلاثة أيام، موعدا لحل مشكلة الكهرباء.. أو علي الأقل تخفيف حدتها.. ويبدو أن الحكومة تعتمد علي درجة حرارة الجو، وأن موجة الحر الحالية سوف تنكسر في يوم الأحد!! فهل هذا صحيح.. أو هي خفة الدم المصرية المعروفة، اعتماداً علي توقعات رجال الأرصاد.. ولكن عليها أن تعلم مقولة «كذب المنجمون ولو صدقوا» إذ غالباً ما يخطئون! أو ربما تعتمد الحكومة علي قرب اعتدال الجو، مع بدايات سبتمبر.. وبالتالي «الحل ييجي رباني» أن ينخفض الطلب علي الكهرباء، وبالتالي، استخدام أجهزة التكييف. فيقل الطلب.. ويتم حل المشكلة!! ذلك أن الحكومة لم تخبرنا كيف تحل المشكلة ابتداءً من يوم الأحد.. هل ضربت الودع وعرفت أن شحنات الغاز الجزائري في الطريق.. أو أن الرئيس الروسي بوتين أمر ناقلات الغاز الروسي بأن تغير مسارها إلي مصر، بدلاً من غيرها، علشان العيش والملح؟! أقول ذلك ليس سخرية مما قالته الحكومة.. ولكن تعالوا نخبركم ببعض الحقائق.. الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء قال لنا إن محطات التوليد المصرية تعمل بالغاز.. رغم أن منها ما يعرف بالمحطات البخارية ثم تم تحويلها لتعمل بالغاز.. وبالتالي من السهل أن تعود للعمل، بعيداً عن الغاز.. وقديماً- يعني من نصف قرن- كنا نعرف أن المحطات الغازية يتم إقامتها في مدة أقصاها عام واحد.. بينما المحطات الحرارية تحتاج إلي أربع سنوات علي الأقل.. ولهذا لجأت مصر في فترات أزمات الكهرباء إلي إقامة محطات غازية «لإنقاذ» الموقف.. حتي تدخل الخدمة بسرعة.. رغم أن عمر المحطات الغازية يقصر كثيرا عن عمر المحطات الحرارية البخارية التي تعمر أطول.. ولكنها- كما أقول- محطات للانقاذ.. فهل يريد الوزير أن «يقفل» المشكلة في وجوه كل المصريين.. أم يلجأ بسرعة إلي استيراد الغاز بنظام البريد المستعجل.. ولكن من يدفع الثمن؟! جزء كبير من الحل يكمن في قيام الحكومة بسداد جزء كبير من حقوق شركات البترول، ولها مبالغ هائلة في ذمة الحكومة المصرية، لأننا نعلم أن عدم دفع الحكومة مقابل شرائها لحصص الشريك الأجنبي من الغاز جعل هذه الشركات تتوقف عن تنمية الحقول الموجودة.. وكذلك عدم الإسراع في عمليات البحث والتنقيب عن حقول جديدة للغاز، البري والبحري، لأنها في النهاية شركات تجارية!! وهذا في رأيي أفضل كثيرا من استيراد شحنات غاز من الجزائر أو روسيا، أو غيرهما.. وما دمنا سندفع ثمن الغاز.. علينا أن نشجع زيادة إنتاجه من مصر.. ونكتفي فقط باستيراده من الخارج، في فترة الانقاذ.. ولا مانع- أيضا- من وضع ضوابط علي عمليات بيع أجهزة التكييف داخل مصر حتي وأن كان في ذلك تدخل في حريات الناس. ولكن مصلحة الوطن هي الأهم.. أم نتحول إلي أكبر دولة تتواجد فيها أجهزة التكييف.. كما يتواجد عندنا أكبر عدد من التليفون المحمول الذي يصل عدده عندنا إلي 100 مليون جهاز بينما لا ننتج ولا حتي شاحن هذا المحمول، أو حتي «الجراب بتاعه». نقول ذلك لأن جهاز التكييف الواحد يستهلك من الكهرباء ما يوازي المئات من لمبات الاضاءة.. تماماً كما أن في مصر أكبر نسبة من سيارات المرسيدس، ربما أكثر مما هو موجود داخل ألمانيا نفسها، وهي بلد إنتاج هذه السيارات.. وبعد أن كان وجود جهاز تكييف واحد في واجهة أي عمارة يدل علي رفاهية صاحبه.. لا نجد الآن عمارة واحدة لا يتواجد بها عشرات الأجهزة.. حتي أصبحت بيوتنا صاحب أكبر تواجد أجهزة تكييف وأكبر تواجد أطباق استقبال قنوات التليفزيون، بكل احتياجاتها.. وهذه هي «الوكسة» نفسها.. ونحن مستعدون لتحمل أي برنامج للتقشف- في كل استهلاكنا- بشرط أن يصارحنا الوزير المسئول بحقيقة الأزمة.. وأن يقدم لنا برنامجا يصدقه العقل، عن كيفية مواجهة الأزمة.. وما هي خطته لعبور هذه المشكلة أم يا تري ينتظر الوزير إلي أن يتم حل المشكلة مع قدوم شهور الشتاء حيث تنخفض درجات الحرارة.. هنا نقول: وماذا عن أعمال صيانة محطات إنتاج الكهرباء.. وصيانة محطات المحولات.. بل وأكشاك المحولات والتوزيع الصغيرة، علي النواصي.. وفي المقابل نسرع في إنشاء مصادر بديلة للطاقة الكهربية.. سواء بالإسراع في البرنامج النووي.. أو الطاقة الشمسية.. أم يا تري نتأخر فيهما حتي تتجاوزهما السنون.. إذ نلجأ للنووية الآن بينما العالم أخذ بالفعل في التخلي عن المحطات النووية.. ثم «نصبر» فلا نلجأ للطاقة الشمسية إلا بعد أن تكون أوروبا قد «سرقت الشمس» المصرية من صحرائنا لتدير مصانعها حتي شمال وغرب أوروبا.. آه.. يا بلد!! بل الفرص الضائعة، وعفوا يا دكتور مصطفي الفقي!!