لا أحد ينكر المجهود الكبير الذي يبذله المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء خلال جولاته المكوكية بطول البلاد وعرضها لتفقد المشروعات الجديدة والقديمة الجيدة والمتعثرة..المهندس محلب قطع آلاف الكيلومترات في أنحاء محافظات مصر، وهذا أداء جيد علي المستوي الشخصي، فالرجل لا يكاد ينام إلا سويعات قليلة في اليوم..وكان النتيجة ظهور حالة الإعياء الشديدة، وكاد يسقط علي الأرض خلال أدائه صلاة الجمعة الأخيرة من رمضان.. جميل أن نري رئيس وزراء محتركاً وفي كل مكان في الشارع وفي افتتاح المشروعات وزيارات لمصانع ومدارس ومستشفيات.. ولكن لنا أن تساءل عن جدوي هذ الجولات المتعددة، ماذا عن نتائجها وثمارها ومردودها علي الوطن والمواطن؟ الحكومة تنفق نحو 210 مليارات جنيه علي 6 ملايين موظف وعامل، ماذا كانت النتيجة غير وقف الحال وتعذيب المواطنين الذين يتعاملون معها في المرور وفي السجل المدني والوزارات والدواوين المختلفة.. أصبح الموظف متبجحاً لدرة طلب الرشوة عيني عينك، أو يقوم بتدويخ المواطن حتي يلعن اليوم الذي أحوجه لطلب هذه الخدمة، ويضطر لتفتيح المخ وتقديم الرشوة وخاصة في المحليات. ماذا فعل المهندس محلب من أجل القضاء علي الروتين ومحاربة الفساد المقنع حتي لو كان مجرد تعطيل العمل لجبر المواطن علي اللجوء إلي الطرق الملتوية للحصول علي حقه أو إنهاء مصلحته؟ المهندس إبراهيم محلب أكثر رؤساء الزراد الذين أتوا علي البلاد حركة وتفقداً للمواقع وماذا كان النتيجة؟ لقد زار خلال الآونة الأخيرة بحيرة المنزلة مصطحباً اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية لتفقد أحوال البحيرة فماذا كان النتيجة؟ هل تم تطهير البحيرة من البؤر الإجرامية المعششة فيها؟ هل تم تطهير البحيرة من الحيتان التي استولت علي معظم مساحتها ولم تترك للصيادين الغلابة غير ممرات صغيرة ومن يجرؤ علي الاعتراض أو الكلام يلقي مصيره رمياً بالرصاص؟ لقد بذل محلب مجهوداً كبيراً خلال هذ الزيارة ولكن ما هي النتائج وما عائدها علي الصيادين الغلابة الذي يعانون الأمرين من تلوث البحيرة وقلة الأسماك الموجودة بها لعدم تطهير البواغيز؟ هل اختفي البلطجية والخارجون عن القانون وأصبحت جزيرة سلام لك من يعمل فيها؟ أم بقي الحال علي ما هو عليه وعلي المتضرر أن يشرب من ماء البحيرة ويكنس أضرحة أولياء الله الصالحين علي الحكومة التي لم تفرض قوة القانون وسطوتها وهيبتها التي تمثل هيبة الدولة؟ رئيس الوزراء قام بجولة تفقدية لمشروع توشكي في عز الصيام والصيف ودرجة الحرارة تصل إلي 50 درجة مئوية وهذا جهد يشار إليه.. ولكن ماذا أفادت هذه الجولة وما مردودها علي المشروع الذي بدأ منذ عام 1988.. لقد اكتشف المهندس محلب خراب ودمار معدات المشروع التي كلفت عشرات الملايين من الجنيهات من دم الغلابة ودم دافعي الضرائب، لم يحل رئيس الوزراء المخالفات والمخالفين إلي النيابة.. ولكن كل ما قاله إنه سيضمن تقريره إلي رئيس الجمهورية هذه المخالفات، فهل دور رئيس الوزراء البحث والتقصي وكتابة التقارير؟ أم أن دوره هو إعمال القانون وتقديم الحلول العاجلة للمشكلات والمعوقات التي تواجه المشروعات المتعثرة؟ هناك أكثر من 6 آلاف مصنع متوقف لم نسمع عن قيام رئيس الوزراء عن حل مشكلة واحدة لمثل هذه المصانع وإعادتها للتشغيل لأن سيادته مشغول باللف والدوران في دائرة مفرغة دون جدوي.. لقد انتقلت عدوي الجولات المكوكية إلي معظم أعضاء الحكومة.. وزير الصحة في كل مكان وكذلك وزير الداخلية فهل تحسن أداء المستشفيات وهل تغير شعارها «الداخل مفقود والخارج مولود».. هل توفرت المعدات والأدوات وتحسنت أحوال النظافة وغرف العمليات؟ هل توقفت عن ابتزاز المواطنين المرضي والزائرين وأين تذهب حصيلة التذاكر التي تحصلون عليها يومياً؟ وزير الداخلية أكثر الوزراء حركة وزيارات يومية لأكثر من محافظة في يوم واحد وهذا جهد يحسب له ولكن هل قام سيادته بزيارة إحدي وحدات المرور ليري كيف يعامل الجمهور وكم من الوقت يضيع حتي يرخص سيارته؟ نرجوه أن ينزل إلي وحدات المرور لاشعبية مثل فيصل وأوسيم ومراكز المحافظات ليري العجب العجاب.. وكذلك السجل المدني ومصلحة الأحوال الشخصية في العباسية التي تركت الناس في الشوارع تحت النار الحارقة دون النظر لآدمية المواطنين.. والتعامل من خلال شباك حديدي ضيق، الموظفون يعاملون الجمهور كأنهم عبيد لديهم.. هل شاهد وزير الداخلية طريقة معاملة المواطنين في أقسام الشرطة وهل ينفذ ضباطه ومعاونوه تعليماته بحسن معاملة الجمهور؟ المهندس إبراهيم محلب اتخذ قرارات اقتصادية صعبة برفع أسعار الكهرباء والوقود للحد من عجز الميزانية.. المواطن تقبل هذه الزيادات صاغراً علي أمل أن يكون لها مردود عليه في المستقبل.. في مقابل ذلك كان علي الحكومة أن تراقب الأسواق ووسائل نقل المواطنين للحد من تأثير القرارات عليه.. ولكن لم يحدث، فأسعار النقل والسلع انفلتت وأصبحت فوق طاقة المواطن.. تعريفة الركوب زادت أكثر من 50٪ «واللي مش عاجبه ما يركبش».. بنزين 80 اختفي من محطات الوقود وظهر في الجراكن ليباع في السوق السوداء فأين وزير التموين ورجاله لمواجهة هذه الظاهرة.. لقد اختفي الوزير في الأمور الجد التي تهم المواطن وظهر علي شاشات التليفزيون وصفحات الجرايد.. والحالة التموينية للغلابة لا تسر عدواً ولا حبيباً، بسبب عدم وفائه بتعهداته بتوفير 22 سلعة لدي البقال التمويني وهذا لم يحدث .. وبسبب اختفاء الفرخة أم نص جنيه وكيلو اللحمة ببلاش.. يا سادة يا كرام ارحمونا من زياراتكم وجولاتكم المكوكية، فالمواطن يمكن أن يتجاوب مع القرارات الصعبة مادام أنه تري حكومة بتعمل بجد «مش كده وكده».. أنسفوا الروتين وطوروا العمل في الجهاز الإداري للدولة.. ارحموا المواطن ولا تعاملوه كعبد اشتراه الموظف ليتحكم فيه ويعذبه.. نريد الأمن والأمان حتي تدور عجلة الاقتصاد وتعود حركة السياحة لأحسن مما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير.. نعلم حجم المؤامرة الكبيرة علي البلاد داخلياً وخارجياً.. ولكن ليس بالجولات المكوكية لرئيس الوزراء وأعضاء حكومته تحل مشاكل مصر.. قليل من الجري كثير من القرارات التي تطيح بمعوقات الاستثمار داخلياً وخارجياً أفيد للوطن والمواطن.. شكراً لمجهوداتكم التفقدية وأهلاً بحلولكم العملية لمشكلات البطالة وضبط الأسواق ورغيف الخبز والصحة والتعليم والمصانع المتعثرة، فهل نحلم كثيراً؟