مع أن الله عز وجل أكد لنا فى كتابه العزيز أنه سبحانه الوحيد الذى يمتلك علم الساعة، وذلك بقوله: «إن الله عنده علم الساعة لقمان 34»، وقوله: «وعنده علم الساعة وإليه ترجعون الزخرف 85»، وقوله: «وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندرى ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين الجاثية 32». رغم هذا إلا أن بعض علماء المسلمين انشغلوا بالساعة، وحاولوا تأويل النصوص بما قد يعينهم وتحديد الساعة. وأغرب ما فى هذه المسألة أن هؤلاء أو بعضهم حاول بقدر المتاح أن يجعل النبى عليه الصلاة والسلام شريكا لله عز وجل فى علم الساعة، بمعنى آخر أكدوا معرفة الرسول بما يسمى أشراط أو علامات الساعة، عند تحقق هذه العلامات أو معظمها يمكنك أن تقول إنه قد حان يوم الساعة. الذى قد يحير الباحث والقارئ عند اطلاعه على ما كتب فى هذه المسألة، هو لماذا حاول بعض المسلمين تحديد يوم القيامة؟، هل لكى يكفروا عن ذنوبهم؟، هل لكى يستعدوا لهذا اليوم؟، وماذا لو كانت الساعة بعد مليون سنة؟، ما الذى كانوا سيفعلونه؟ فى عام 1915 سئل الشيخ عبد المجيد سليم مفتى الديار الإسلامية: «من الشيخ على على أهل الناحية فى بلدنا (تزمنت الزوايا مركز ومديرية بنى سويف ) انشغلوا بمسألة هل يجوز لنبينا محمد - صلى اللّه عليه وسلم - أن يطلعه اللّه على الساعة؟، وعلى الجواز، هل ورد ما يثبت ذلك؟. أجاب: فى تفسير الألوسى فى آخر سورة لقمان عند قوله تعالى «إن اللّه عنده علم الساعة وينزل الغيث»، فقد أخرج الشيخان وغيرهما عن أبى هريرة رضى اللّه عنه. من حديث طويل أنه صلى اللّه عليه وسلم سئل متى الساعة؟، فقال للسائل: ما المسئول عنها بأعلم من السائل وسأخبرك عن أشراطها. إذا ولدت الأمة ربها، وإذا تطاول رعاة الإبل البهم فى البنيان فى خمس لا يعلمهن إلا اللّه تعالى. ثم تلا النبى صلى اللّه تعالى عليه وسلم «إن اللّه عنده علم الساعة وينزل الغيث». ومن ذلك يعلم. أنه لا يعلم الغيب بجميع أنواعه بالذات علما حقيقيا إلا اللّه سبحانه وتعالى لا فرق بين الخمس وغير الخمس، وأما علم غيره تعالى فليس فى الحقيقة علما بالغيب بالذات، وإنما هو علم حادث بتعليم اللّه سبحانه وتعالى وإطلاعه. ويعلم مما ذكر أنه لا مانع من أن يطلع اللّه من شاء على ما شاء من الغيب. ولا يعد ذلك علما بالغيب، وعلى ذلك يجوز أن اللّه سبحانه وتعالى يطلع نبيه صلى اللّه عليه وسلم على الساعة ، كما يعلم مما تقدم عن الألوسى من أن ما ذكر لا ينافى إطلاع اللّه تعالى بعض خواصه على بعض المغيبات حتى من هذه الخمس. واللّه أعلم.