بمناسبة تلك الأحداث الملتهبة التى مرت على الشعب الفلسطينى بمدينة غزة.. أقول، لمصلحة من هذا القتل لما يزيد على ألف شهيد، وإصابة ما يزيد على ستة آلاف آخرين؟؟ وفى المقابل، لا يزيد القتلى الإسرائيليون على أربعين فرد، ولا نعرف بالتحديد أعداد المصابين فيهم. لمصلحة من تلك المذابح؟ هذا فضلاً عن تدمير ما يقرب من خمسمائة مبنى سكنى، بالإضافة إلى العديد من المرافق الحيوية والطرق، وما إلى ذلك من المبانى الخدمية الأخرى. وفى المقابل، لم نسمع مثلاً عن تدمير أى منشآت أو مبان فى الجانب الإسرائيلى، فكل الصواريخ التى أطلقتها المقاومة الفلسطينية، قوبلت بالدفاع الحديث الذى وفرته أمريكا لإسرائيل، والمسمى بالقبة الحديدة. هذا النظام الحديث من شأنه التصدى لأى صاروخ يحاول الوصول للجانب الإسرائيلى، ومن ثم تدميره تدميراً كاملاً، فلا يمكن لأى صاروخ أو طائرة اختراق المجال الجوى الإسرائيلى، بفضل هذا النظام الحديث. أقول للمقاومة الفلسطينية، هل فاتكم هذا الموقف من جميع دول العالم – باستثناء الدول الإسلامية – الداعم للجانب الإسرائيلى؟؟ لقد ظهر جلياً فى الأحداث الأخيرة، تأييد أغلب دول العالم لحق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، بل ودعمها بجميع السبل، وكأن الفلسطينيين هم المحتلون للأرض، فقد تغافلت الدول الغربية عن كل هذا الكم الكبير من القتلى الفلسطينيين، فضلاً عن التدمير الذى لحق بمدينة غزة كلها، نتيجة للاجتياح الصهيونى لهذه البلدة الصغيرة، بجميع الأسلحة القتالية، بما فيها الطائرات والصواريخ الموجهة. إننى أتساءل كثيراً: لماذا هذا إصرار من المقاومة الفلسطينية على موقفها من الأزمة الحالية، وعدم استماعها لصوت العقل؟؟ إذا كانت أغلب دول العالم، تؤيد صراحة الموقف الإسرائيلى من الأحداث الأخيرة فى غزة، فلمصلحة من إذن إصرار المقاومة الفلسطينية على كل هذا القتل والتدمير؟؟ أنا لا أنكر أن من حق الشعوب المحتلة الدفاع عن أرضها. لكن فى المقابل، لابد أن تكون هناك حسابات دقيقة للمقاومة، حتى لا ينتهى الأمر هكذا إلى هلاك الشعوب وتدمير البلاد، بتلك الصورة التى نشهدها الآن فى غزة. لو كنت من المقاومة الفلسطينية، لسارعت بقبول وقف إطلاق النار، حقناً لدماء الشعب الفلسطينى، ودرءاً للتخريب والتدمير الحاصل الآن فى غزة، فلا يوجد - فى تقديرى - أى مبرر للاستمرار فى هذا القتل والدمار، لاسيما أنه لا توجد نسبة أو تناسب بين قوة المقاومة الفلسطينية وقوة المحتل الإسرائيلى، خاصة مع موقف المجتمع الدولى المؤيد لحق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها. فليس من البطولة - بأى حال من الأحوال - أن يصارع الفأر وحشاً كاسراً، فى حين أن فى إمكانه التفاوض معه لحماية شعبه وأرضه. ومن المثير للدهشة، أن جميع قادة المقاومة الفلسطينية، لا يقيمون فى جحيم النار والقتل والدمار، بل إنهم جميعاً قد هرعوا إلى قطر وتركيا وإنجلترا، فى حين أنهم يلقون بشعبهم فى غزة إلى التهلكة. إنهم يضحون بشباب المقاومة والنساء والأطفال والكهول، ولا يعنيهم سقوط آلاف الأبرياء. إننى أنتهز هذه الفرصة وأحيى الرجل العظيم، الفلسطينى الحق محمود عباس أبومازن، الذى لم يدخر جهداً فى سبيل حقن الدماء الفلسطينية ومنع كارثة تدمير غزة، لقد حاول الرئيس أبومازن جاهداً وقف نزيف الدم وكل هذا الكم من الدمار والخراب، ولكن هناك إصرار غريب من المقاومة الفلسطينية - تفوح من ورائية وراءه كريهة - للاستمرار فى مسلسل القتل والتدمير. إن هذا الموقف العجيب والمريب للمقاومة الفلسطينية، يثير العديد من التساؤلات، فلمصلحة من هذا القتل والتدمير الحاصل فى غزة؟؟ وما القصد الحقيقى من ورائه؟؟ وهل المقصود منه إحراج الدول العربية لاسيما مصر؟؟ إننى أشك كثيراً فى أن كل ما يحدث الآن فى غزة مجرد حلقة فى المخطط الصهيوأمريكى المسمى بالربيع العربى، لجر المنطقة العربية كلها إلى حروب لا طائل من ورائها إلا الدمار والخراب، من أجل تفتيت الدول العربية وتخريب وتقسيم المنطقة والقضاء على جيوشها. من هنا.. فإننى أدعو إخواننا الفلسطينيين عامة والمقاومة بصفة خاصة، للعودة إلى الصف العربى، وأن يستمعوا إلى صوت العقل، ويعلموا أنهم لن يستطيعوا إقناع المجتمع الدولى بعدالة قضيتهم، إلا بالتفاوض مع الجانب الإسرائيلى، لاسيما أن أغلب دول العالم أصبحت الآن تؤيد وتساند حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها فى مواجهة المقاومة الفلسطينية. وكل عام ومصر والأمة العربية بخير وسلام.