«المشاط»: 10.3 مليار دولار تمويلات مُيسرة للقطاع الخاص بمصر خلال 4 سنوات    إصابة طالبة بحالة مرضية بامتحانات الشهادة الإعدادية الأزهرية بالشرقية    برلماني: تكلفة السرير بالمستشفي 350 ألف دولار.. والحكومة تبحث عن إيجاد موارد جديدة    «الصحفيين» تدعو قيادات الصحف للاجتماع التحضيري للمؤتمر العام الثلاثاء المقبل    التعليم العالي: تقدم 28 جامعة في تصنيف التايمز العالمي للجامعات الناشئة 2024    برلماني عن قانون إدارة المنشآت الصحية: من فشل في الإدارة لن يكون كفء في الرقابة    توريد 200 ألف طن من محصول القمح لصوامع البحيرة    وصول 96 ألف طن قمح على متن سفينتين لصالح هيئة السلع التموينية والقطاع الخاص    مؤتمر أخبار اليوم العقاري | أحمد العتال: أسعار العقارات لن تنخفض خلال الفترة القادمة    الرئيس السيسي يهنئ نظيره التشادي بفوزه في الانتخابات الرئاسية    محمد حمزة يهزم لاعب التشيك ويضمن ميدالية لمصر في بطولة الجائزة الكبرى لسلاح الشيش    وسام أبوعلي: سنقاتل للفوز بدوري أبطال أفريقيا    مصدر من نادي إينتراخت فرانكفورت يكشف ل في الجول مصير عملية مرموش الجراحية    ياسر إبراهيم: جاهز للمباريات وأتمنى المشاركة أمام الترجي في مباراة الحسم    طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان العلوم    أمن الجيزة يضبط طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء داخل مدرسة بفيصل    متى تبدأ العشر الأوائل من ذي الحجة 1445 وما الأعمال المستحبة بها؟    السجن 3 سنوات ل حارس عقار و2 آخرين بتهمة «السرقة بالإكراه» في منطقة التجمع الخامس    «دراما الشحاذين» يستهل فعاليات المهرجان الختامي لنوادي المسرح ال31    خفة ظله «سر» شهرته.. ذكرى وفاة الفنان حسن مصطفى    تعرف على النجم الأقل جماهيرية في شباك تذاكر أفلام السينما السبت    المجلس الأعلى للحوار الإجتماعي يستكمل جلساته برئاسة وزير العمل    «القومي للبحوث» يوجه للأمهات بعض النصائح للتعامل مع الجدري المائي    نصائح مهمة من «الصحة» بسبب الطقس الحار.. تجنبوا الخروج واغلقوا النوافذ    ولي العهد السعودى يبحث مع مستشار الأمن القومى الأمريكى الأوضاع فى غزة    أوكرانيا: القوات الجوية تسقط 37 طائرة روسية دون طيار    المصرين الأحرار عن غزة: الأطراف المتصارعة جميعها خاسرة ولن يخرج منها فائز في هذه الحرب    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    إصابة 4 مواطنين فى مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    رئيس النواب: القطاع الخاص لن يؤثر على تقديم الخدمة للمواطن أو سعرها    رئيس جهاز السويس الجديدة تستقبل ممثلي القرى السياحية غرب سوميد    وزير المالية: حريصون على توفير تمويلات ميسرة من شركاء التنمية للقطاع الخاص    وزيرة التضامن الاجتماعي تشهد إطلاق الدورة الثانية لملتقى تمكين المرأة بالفن    عماد الدين حسين: تعطيل دخول المساعدات الإنسانية لغزة فضح الرواية الإسرائيلية    توقعات الأبراج 2024.. «الثور والجوزاء والسرطان» فرص لتكوين العلاقات العاطفية الناجحة    وزيرة التضامن تلتقي بنظيرها البحريني لبحث موضوعات ريادة الأعمال الاجتماعية    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    الوقوف فى طابور وحفر المراحيض وصنع الخيام..اقتصاد الحرب يظهر فى غزة    ترامب ينتقد بايدن مجددًا: «لا يستطيع أن يجمع جملتين معًا»    صور| باسم سمرة ينشر كواليس فيلمه الجديد «اللعب مع العيال»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    طريقة عمل الكمونية المصرية.. وصفة مناسبة للعزومات    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    الأمور تشتعل.. التفاصيل الكاملة للخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    رئيس النواب يفتتح أعمال الجلسة العامة    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في أول أيام عمل البنوك    كيف تستمتع بنوم عميق في الطقس الحار؟    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسام ‬سويلم يكتب
‮"‬السيسى‮" ‬يستلهم ‬روح ‬العاشر ‬من ‬رمضان ‬لمواجهة ‬التحديات ‬الحالية
نشر في الوفد يوم 30 - 07 - 2014

عندما ‬سُئل ‬المشير ‬السيسي ‬قبل ‬انتخابه ‬رئيساً ‬عما ‬اذا ‬كان ‬يملك ‬عصا ‬سحرية ‬لمواجهة ‬المشاكل ‬المستعصية ‬والمتفاقمة ‬أمنياً ‬واقتصادياً ‬وسياسياً ‬التي ‬تواجهها ‬مصر، ‬أجاب: ‬نعم ‬أملك ‬عصا ‬سحرية، ‬ثم ‬أوضح: ‬‮«‬أنها ‬الشعب ‬المصري ‬نفسه ‬القادر ‬بعون ‬الله ‬على ‬فعل ‬المستحيلات‮»‬
‬عندما ‬قال ‬السيسي ‬ذلك، ‬ثم ‬أردف ‬قوله ‬بالفعل ‬عندما ‬تولى ‬رئاسة ‬الدولة ‬المصرية، ‬وواجه ‬تحدي ‬العجز ‬في ‬الميزانية ‬بقراراته ‬الاقتصادية ‬الأخيرة، ‬وتصعيد ‬المواجهة ‬الأمنية ‬ضد ‬جماعة ‬الاخوان ‬الإرهابية ‬وحلفائها، ‬ورفض ‬أي ‬تدخل ‬في ‬أحكام ‬القضاء ‬رداً ‬على ‬الضغوط ‬الخارجية ‬انما ‬كان ‬السيسي ‬في ‬الواقع ‬يستلهم ‬روح ‬حرب ‬العاشر ‬من ‬رمضان/ ‬السادس ‬من ‬أكتوبر ‬1973، ‬عندما ‬واجهت ‬مصر ‬تحدي ‬احتلال ‬اسرائيل ‬لسيناء ‬بإصرار ‬وتصميم ‬على ‬إزالة ‬هذا ‬الاحتلال ‬وبسرعة ‬ومهما ‬كانت ‬التضحيات ‬من ‬أرواح ‬ودماء ‬واموال، ‬ومهما ‬كانت ‬المصاعب ‬والعراقيل ‬السياسية ‬والعسكرية ‬التي ‬قد ‬تحول ‬دون ‬تحقيق ‬هذا ‬الهدف، ‬وما ‬أكثرها.‬
لماذا ‬كانت ‬حرب ‬أكتوبر ‬مجيدة ‬ومفخرة ‬لكل ‬مصري؟
عندما نقول: إن حرب أكتوبر كانت حربا مجيدة ومفخرة لكل مصري، فإن ذلك ليس كلام دعاية بل له أساس وأسباب كثيرة اعترف بها العدو قبل الصديق، ذلك انها كانت أول حرب هجومية تشنها مصر بمبادرة منها في مسلسل حروب الصراع العربي - الاسرائيلي، وما سبقها كانت حروباً دفاعية وبمبادرة هجومية من اسرائيل، ولأن مصر اتخذت قرارها بالحرب رغم إرادة الدول العظمى التي رفضت مبدأ اللجوء للحرب لاستعادة الاراضي المحتلة منذ 1967، ورغم الخلل القائم في الميزان العسكري لصالح اسرائيل، ناهيك عما كانت تحظى به اسرائيل من دعم سياسي واقتصادي مطلق من جانب الولايات المتحدة، هذا في حين اعتمدت مصر على نفسها وقواها الذاتية بعد المولى عز وجل، وأطلق جيشها وشعبها صيحة «الله أكبر» تلك الصيحة التي زلزلت أركان مكتب رئيسة وزراء اسرائيل «جولدا مائير» قبل أن تزلزل تحصينات خط بارليف، وكانت منطلقات هذه الحرب تتمثل في استحالة بقاء الاحتلال وفرض الأمر الواقع وضرورة تحرير سيناء، وأسقاط نظرية الأمن الاسرائيلي التي تفرض تحقيق الأمن عن طريق الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، واقامة حدود آمنة جديدة لاسرائيل على الأراضي العربية، لذلك تم هزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر على هذه الحدود الجديدة التي كانت تظنها آمنة، وخسرت عليها أكثر من 10.000 جندي، كما لم ينفعها تمسكها بشرم الشيخ بعد أن أغلقت البحرية المصرية مضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر في وجه السفن الاسرائيلية، فضلاً عن إسقاط مفهوم الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر، الى جانب أهمية استعادة ثقة الجندي المصري في نفسه وسلاحه وقادته، واستعادة ثقة الشعب المصري في قواته المسلحة.
ولقد واجهت مصر التحديات السياسية والعسكرية التي صادفت التخطيط والإعداد لهذه الحرب، على أساس مبدأ تلتزم به القوات المسلحة حتى اليوم وهو أنه لا توجد مشكلة ليس لها حل، بدءا باستيعاب دروس هزيمة 1967، وتلافي أسباب الهزيمة، وأولها إبعاد الجيش عن الانشغال بأي مهام سوى الإعداد والتحضير للحرب، والعمل كجيش محترف، ولذلك تم تغيير القيادات المسيسة، وتم بناء خط دفاعي قوي غرب القناة يكون ركيزة لعمليات الهجوم لتحرير سيناء فيما بعد، فضلاً عن سرعة استعواض الخسائر البشرية والمادية، كما تم استغلال قدرات مصر الجيوبوليتيكية خاصة في مجال القوة البشرية كما ونوعاً، فزاد عدد الفرق من 4 فرق الى 10 فرق، وتجنيد المؤهلات العليا وبناء حائط الصواريخ المضادة للطائرات لتوفير الحماية للقوات البرية عندما يبدأ الهجوم، الى جانب تكثيف التدريب على عمليات عبور القناة واقتحام خط بارليف على خط مماثل له أقيم في غرب جزيرة البلاح في القناة جنوب القنطرة.
كذلك تم ترشيد عملية صنع القرار السياسي للحرب، وذلك بمشاركة أجهزة سياسية وبحثية، وتحددت مهمة القوات المسلحة في حدود قدرات العسكرية الفعلية، وجرى إعداد الدول للحرب سياسيا باستعادة علاقاتها التي كانت منقطعة مع الدول العربية الخليجية بسبب حرب اليمن، وتم بناء تحالف استراتيجي في سوريا أجبر اسرائيل على أن تقاتل على جبهتين: سيناء في مصر، والجولان في سوريا في وقت واحد، كما وافقت اليمن علي تواجد بحري مصري في باب المندب لإغلاقه أمام السفن الاسرائيلية فضلاً عن المساعدات الاقتصادية التي قدمتها دول عربية لمصر، بل أيضاً قوات عسكرية عربية من الجزائر والسودان والمغرب والكويت قدمت الى مصر لتعزيز الاتزان الاستراتيجي في داخل مصر، وتعهدت السعودية باستخدام النفط كسلاح في الحرب بمنع تصديره الى الدول التي تدعم اسرائيل في الحرب لإجبارها على وقف هذ الدعم.
وأيضاً في اطار الإعداد السياسي للحرب قامت المؤسسات السياسية والدبلوماسية في مصر بشرح القضية المصرية في المحافل الدولية، مما ادى الى قطع علاقات دول آسيوية وافريقية باسرائيل وإبراز حق مصر في اللجوء للخيار العسكري بعد استنفاد الجهود السياسية لدفع اسرائيل للانسحاب من الاراضي العربية المحتلة.
- أما على صعيد إعداد الأرض والاقتصاد والشعب للحرب، فقد تم ترحيل سكان مدن القناة لإبعادهم عن نيران الحرب، وانشاء عشرات المطارات وأراضي الهبوط على اتساع اراضي الجمهورية وبناء حظائر حصينة للطائرات فيها، ونشر شبكة واسعة من وحدات الدفاع الجوي الصاروخية على طول الجبهة وبعمق حتى القاهرة وحولها وكذلك في المدن الرئيسية ومد شبكة من الطرق بلغت 2000 كيلومتر لتسهيل حركة القوات البرية من العمق الى الجبهة، وبناء احتياطي استراتيجي ضخم من الذخائر والوقود والمواد الغذائية والحبوب يكفي لخوض حرب لمدة 45 يوماً، كذلك انشاء عدة مراكز قيادة وسيطرة استراتيجية رئيسية وتبادلية وهيكلية لادارة دفة الحرب، هذا الى جانب الاستعداد لمواجهة الحرب النفسية للعدو والشائعات بإظهار الحقائق وتجنب البيانات الزائفة، كما يحافظ على الروح المعنوية للشعب ويرفعها دائما ويوحد الجبهة الداخلية مع الجيش.
- وفي اطار المبدأ الذي تبنته القوات المسلحة بأنه لا يوجد مشكلة بدون حل، وحددت قيادة القوات المسلحة المشاكل التي يمكن أن تواجهها في هذه الحرب، خاصة على أصعدة التفوق الاسرائيلي في عناصر المخابرات، والقوات الجوية، والقوات المدرعة، فضلاً عن مشكلة المانع المائي المتمثل في قناة السويس وتحصن الاسرائيليين في خط بارليف، والساتر الترابي بارتفاع 20 متراً ممتداً بطول القناة وبه فتحات نابلم لاشعال مياه القناة بالنيران، وعليه مئات مرابض الدبابات لاحتلالها لإعاقة عمليات العبور، فضلاً عن مشكلة كبيرة أخرى تمثلت في تواجد أنساق من احتياطات مدرعة اسرائيلية متواجدة على أعماق تتفاوت بين 3 كيلومترات الى 80 كيلومتراً على استعداد لشن هجمات مضادة لتدمير قواتنا التي تنجح في العبور وتتقدم داخل سيناء، وتم تحليل كل هذه العقبات واستكشاف نقاط القوة والضعف فيها والبدائل الممكنة لحلها، ونجحنا في ذلك الى حد كبير بفضل الله، ففي مواجهة التفوق الاستخباراتي الاسرائيلي المدعوم بالاستخبارات الامريكية الجوية والفضائية تبنينا خطة الخداع السياسي والاستراتيجي والتكتيكي لتضليل العدو عن نوايانا في الهجوم، وترسيخ الاعتقاد لديه بأننا جثة هامدة غير قابلة للحركة، وفي مواجهة الساتر الترابي المقام شرق القناة بارتفاع يصل الى 20 متراً تم استخدام مدافع المياه في فتح ثغرات في هذا المانع مكنت مدرعاتنا ومعداتنا الثقيلة من الانتقال الى داخل سيناء في أقل من 5 ساعات ليلاً، كما تم سد فتحات النابلم بالأسمنت، وتلغيم مرابض الدبابات في هذا الساتر ليلة الهجوم، أما التفوق الجوي الاسرائيلي فقد تم تحييده بواسطة شبكة الدفاع الجوي الصاروخي التي أسقطت للعدو 120 طائرة حتى يوم 9 أكتوبر، وكذلك التفوق الاسرائيلي في المدرعات فقد تم تحييده بواسطة آلاف الصواريخ المضادة للدبابات التي دمرت له 450 دبابة حتى يوم 9 أكتوبر طبقاً لاعتراف جولدا مائير عندما صرخت لكيسنجر طالبة دعماً أمريكياً سريعاً لنجدة قواتها في سيناء المهددة بالإبادة على أيدي الجيش المصري.
أما احتياطيات العدو المدرعة المتواجدة في الخلف، ومن أجل تعطيل عرقلة قيامها بهجمات مضادة، فقد تم تكليف وحدات القوات الخاصة بعمليات انزال جوي في المناطق الاستراتيجية على محاور تقدمها لعرقلة تقدمها على الأقل لمدة 8 ساعات حتى تتمكن وحدات المهندسين من إقامة الكباري وعبور الدبابات على شرق القناة، ومن أجل تشتيت جهود القوات الاسرائيلية على أكبر مواجهة ممكنة، تم التخطيط لإقامة خمسة رؤوس كباري شرق القناة وعلى امتدادها من بورسعيد وحتى ميناء الادبية جنوب السويس، كل قوة فرقة مشاة مدعمة بلواء مدرع وكتيبة صواريخ مضادة للدبابات، على أن يتواجد خلفهم غرب القناة ثلاث فرق مدرعة وميكانيكية، وفي العمق الاستراتيجي 2 فرقة ميكانيكية، كما تم اختيار التوقيت المناسب من حيث الشهر واليوم والساعة التي يبدأ فيها عبور القوات للقناة بما يحقق الخداع وتنفيذ الضربة الجوية والتمهيد النيراني وعبور المشاة واقتحام خط بارليف قبل آخر ضوء، وعبور المعدات الثقيلة ليلاً.
وفي التوقيتات المحددة في الخطة وتحت صيحات الله أكبر، تم تنفيذ الضربة الجوية ضد أهداف العدو في العمق بقوة 212 طائرة مقاتلة والتمهيد النيراني ب 2000 مدفع ولواء صواريخ أرض / أرض لمدة 55 دقيقة، وتحت ستر هذا التمهيد النيراني تم فتح 85 ممراً في الساتر الترابي، ثم اقتحام قناة السويس بواسطة 2500 قارب في موجات متتالية بلغت 12 موجة، وسبقتها مجموعات اقتناص الدبابات، وبدء اقتحام مواقع خط بارليف، وبعد ساعتين من بدء العبور بدأت الأعلام المصرية ترتفع فق حصون خط بارليف التي أخذت تتساقط في أيدي قواتنا وخلال 6 ساعات كان لنا 80.000 جندي شرق القناة، والاستيلاء على 15 موقعاً من تحصينات خط بارليف، وتدمير 60 دبابة، وإسقاط 27 طائرة للعدو، وفي الليل تم انشاء الكباري الثقيلة وعبور الدبابات والمدافع والمعدات الثقيلة، وفي صباح يوم 7 أكتوبر كانت قواتنا شرق القناة مستعدة لصد هجمات العدو المضادة، والتقدم شرقاً لتحقيق المهمة بالاستيلاء علي خط بعمق 20 كيلومتراً، والدفاع عنه، وفي يوم 8 أكتوبر أصدرت القيادة الاسرائيلية أوامرها لقواتها بالانسحاب من مواقعها شرق القناة، وكانت خسائرها حتى يوم 9 أكتوبر 450 دبابة و120 طائرة طبقاً لاعتراف جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل.
تحديات ‬اليوم ‬وحاجتنا ‬لروح ‬أكتوبر
إن التحديات الأمنية التي تواجهها مصر على الأصعدة المختلفة اليوم أخطر بكثير من تلك التي كنا نواجهها في حرب العاشر من رمضان/6 أكتوبر ففي حرب أكتوبر كان الشعب المصري كله موحداً وراء قيادته السياسية وجيشه، كما كان العدد محدداً من حيث الهوية الاسرائيلية فقط، وأيضاً من حيث مكان المواجهة الذي كان منحصراً في سيناء ومنطقة القناة، وكان جميع المصريين على قلب رجل واحد متمثلاً في قيادته السياسية لهم وجهة واحدة هى هزيمة العدو الاسرائيلي واستعادة سيناء حتى أن دفاتر أقسام الشرطة أثناء حرب أكتوبر لم تحرر جريمة واحدة، بل إن عتاة المجرمين في مدن الصعيد قدموا أنفسهم لأقسام الشرطة عارضين مساعدتهم حتى تنتهي الحرب، أما اليوم - فللأسف الشديد - وبسبب جماعة الاخوان الإرهابية وحلفائها من احزاب متأسلمة، قسموا المجتمع المصري لأول مرة في تاريخه الى قسمين أحدهما مسلمين في نظرهم وهم التابعون لهذه الجماعات، أما باقي الشعب المصري - بمن فيهم الأغلبية المسلمة - كفار لمجرد أنهم لا يتبعون هذه الجماعات، ومن ثم استحلوا حرماتهم من أرواح ودماء وأعراض وثروات وكفروا أيضاً الدولة المصرية نفسها، بل كانت جماعة الاخوان خلال السنة السوداء التي حكموا فيها مصر على استعداد للتفريط في أراض مصرية تشمل مساحة 750 كيلومتراً مربعاً في سيناء لصالح حركة حماس اخوانية الهوى، والتنازل عن حلايب وشلاتين لصالح نظام حكم البشير الاخواني في السودان، ومنطقة السلوم وحتى مطروح لصالح اخوان ليبيا، ناهيك عن التنازل لقطر لادارة محور قناة السويس، كما حالفت جماعة الاخوان الإرهابية مع عدائيات لمصر في الدائرة الإقليمية مثل ايران وتركيا وكذلك عدائيات في الدائرة الدولية في امريكا واوروبا، وصلت الى حد تحريض الولايات المتحدة على قطع مساعداتها العسكرية «1.3 مليار دولار» عن مصر، وكذلك الامر بالنسبة للدول الأوروبية، بل بلغ حد الخيانة دعوة جماعة الاخوان للولايات المتحدة لإنزال قواتها في مصر واحتلالها، وهو الأمر الذي ترتب عليه تدفق الارهابيين والسلاح والاموال والمؤامرات والتكليفات من الخارج لكوادر الاخوان في مصر لتفجير الموقف في الداخل أمام النظام الجديد الذي ولد عقب ثورة 30 يونية، واختاره الشعب المصري بارادة حرة كاملة لكي يحكمه ويكفينا في هذا الصدد شهادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قال: «لولا السيسي لواجهت مصر مصير أفغانستان والعراق وليبيا».
السيسي ‬يستلهم ‬في ‬قراراته ‬روح ‬أكتوبر
- رغم أنه لم يشارك في حرب أكتوبر حيث لم يكن قد التحق بالجيش بعد، إلا أن السيسي طوال فترة عمله بالجيش كان حريصاً على دراسة واستيعاب دروس وخبرات هذه الحرب، وكيف واجهت القيادات السياسية والعسكرية آنذاك المشاكل والصعوبات العديدة.. سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية، وكيف تغلبت عليها بروح قبول التحدي والايمان بالله وبنصره لخير أجناد الارض كما سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد الأخذ بكل أسباب التغلب على هذه المشاكل والصعوبات. وكان أول التحديات التي واجهت السيسي وهو وزير الدفاع، محاولات جماعة الاخوان الهيمنة على مفاصل الحكم في مصر، والزحف نحو الشرطة والجيش لاختراقهما، وقد واجه هذا التحدي بنفس الاسلوب الذي اتبعه السادات عندما حاول بالوسائل السياسية إقناع اسرائيل بالانسحاب من سيناء، فأظهر السيسي لقادة الاخوان خطورة سياستهم وممارساتهم في أخونة اجهزة ومؤسسات الدولة، وحمى الجيش من محاولات اختراقه وأعطاهم الفرصة تلو الفرصة للتجاوب مع مطالب الشعب الذي عبر في أكثر من موقف وبأكثر من أسلوب ووسيلة رفضه لنظام حكم الاخوان ورئيسه ولكنهم عندما تعنتوا، واستخفوا بتحذيراته السياسية وإنذاراته، أقدم على اقتحام المشكلة عنوة، كما اقتحم الجيش في 6 أكتوبر القناة وخط بارليف عنوة، واعتقل قادة الاخوان وكوادرهم الرئيسية، وأعلن مع الرموز السياسية والدينية والثورية في الدولة خريطة المستقبل لعودة مصر الي الطريق الديمقراطي الحقيقي والصحيح ونجح السيسي في تنفيذ خريطة المستقبل بوضع دستور جديد والاستفتاء عليه، ثم انتخاب رئيس جديد للدولة في ظل مناخ ديمقراطي شفاف شهد بنزاهتها جميع الهيئات والمؤسسات الدولية التي راقبت العملية الانتخابية، وكما نجح الجيش المصري في حرب اكتوبر في التصدي للهجمات المضادة التي شنتها القوات الاسرائيلية ضد الخمسة رؤوس كباري التي تم انشاؤها شرق القناة، تصدى السيسي بواسطة قوات الشرطة ومن ورائها الجيش لمحاولات الاخوان اجراء اعتصامات وتظاهرات حاشدة في جميع انحاء مصر، وأمكن لهم بفضل الله تصفيتها جميعها، وإجهاض محاولات الاخوان إعادة عقارب الساعة الى الفوضى الأمنية التي حلت بمصر عقب ثورة يناير، وأمكن لجهاز الشرطة أن يحافظ على توازنه رغم الضربات الشديدة التي وجهت له من قبل جماعة الاخوان على كل صعيد مصر، ورغم الخسائر البشرية والمادية التي لحقت به، فقد استعاد المبادأة وبدأ في توجيه ضربات استباقية أجهضت العديد من المحاولات الارهابية لجماعة الاخوان وحلفائها التي استهدفت تخريب مصر، وأن يحافظ على أمن وأمان الشعب المصري.
- وعندما حاول جماعة الاخوان تكرار ما تعودت عليه من ممارسة الخيانة مع العدو الخارجي عبر تاريخها، فقد حاولت أيضاً بعد طردها من الحكم بفعل ثورة 30 يونية أن تعتمد على القوى الأجنبية في المحيطين الاقليمي - مثل تركيا وايران وقطر وحماس - والدولي مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للقضاء على ثورة 30 يونية والنظام الجديد في مصر، وإعادة الجماعة الى حكم مصر من جديد، وذلك بالضغط من خلال ايقاف المساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر، وكما رفض السادات إبان حرب اكتوبر ضغوط الاتحاد السوفيتي وامتناعه عن تلبية احتياجات مصر التسليحية عشية هذه الحرب، واعتمد الجيش على مصادر أخرى آنذاك لتلبية احتياجاته، بل طرد المستشارين السوفييت في مصر عام 1972، واجه السيسي نفس تحدي قطع المساعدات الامريكية والاوروبية عن مصر بنفس الروح التي حركت السادات عام 1973، فقرر السيسي تنويع مصادر السلاح وعدم الاعتماد فقط على التسليح الامريكي، وقام بزيارة روسيا وعقد مباحثات مباشرة مع الرئيس بوتين لتنفيذ صفقات أسلحة حديثة تحتاجها مصر للمحافظة على كفاءة قواتها المسلحة ومواجهة حرب الارهاب، الامر الذي شكل مفاجأة كبرى لواشنطن وحلفائها في أوروبا، وأجبرهم على إعادة ترتيب سياساتهم تجاه مصر.
وكما نجح السادات عشية حرب اكتوبر في إعادة التعاون والثقة والتلاحم مع أشقاء مصر في الدائرة العربية، وكانوا سنداً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً لمصر اثناء هذه الحرب، قام السيسي حتى من قبل توليه الرئاسة بدعم اواصر التعاون والتنسيق السياسي والأمني والاقتصادي مع الدول العربية الشقيقة - خاصة الخليجية - التي ساعدت مصر جدياً في حل مشكلاتها الاقتصادية خاصة اختناقات الوقود والغاز وتآكل احتياطي العملة الحرة، حيث انشأت جسراً بحرياً لإمداد مصر بالوقود والغاز، كما قدمت لمصر مليارات الدولارات من المنح والقروض الميسرة، الامر الذي مكن مصر من إعادة بناء احتياطها من العملة الحرة مرة أخرى وتمكينها من استيراد احتياجاتها الاساسية من الخارج، فضلاً عن الوفاء بالتزامات ديونها الخارجية في مواعيدها، بل قام عاهل السعودية الملك عبدالله بدعوة العالم الى مؤتمر دولي للمانحين أعيد تسميته بعد ذلك ليكون للاستثمار والتنمية بأمل الحصول منه على 60 مليار دولار.
- وعندما واجه السيسي بعد توليه الرئاسة عجز الميزانية الجديدة، وتفاقم الدين الداخلي والخارجي، وبنفس روح اكتوبر في اقتحام المشاكل والعقبات وعدم ترحيلها، فرفض التصديق على الميزانية وواجه التحدي بإقحام الشعب بكل فئات في المشكلة، أولاً من خلال توعيته بحجم المشكلة وأبعادها وخطورتها خاصة على الأجيال القادمة بفعل تفاقم الديون وفوائدها، وتم بإشراك كل المصريين في حلها بدءاً من رجال الاعمال الاثرياء وحتى عامة الشعب، وأعلن حتمية رفع الدعم تدريجياً والذي يستنزف حجماً كبيراً من الميزانية، ثم بدأ بنفسه بالتنازل عن نصف راتبه وثروته، وأنشأ صندوقاً خاصاً للتبرعات من أجل مصر، واجتمع مع رجال الاعمال والصحافة والإعلام وطالبهم بالمشاركة في حملته لإنقاذ اقتصاد مصر، واستجاب له الكثيرون في الداخل والخارج، وشعر الجميع بأن الاقتصاد المصري بدأ يستعيد عافيته، خاصة مع عودة السياحة، وتشغيل المصانع المعطلة، واستئناف المشروعات الاستراتيجية مثل تعمير سيناء وتوشكى وغيرها، هذا بينما الحرب ضد الارهاب ومنظماته دائرة على قدم وساق في جميع انحاء مصر، والتي سعت الى عرقلة المسيرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للسيسي، فلم يسمح السيسي للحرب الدائرة ضد الارهاب أن تعرقل مسيرة الاصلاح السياسي والاقتصادي التي انطلق فيها بقوة منذ اليوم التالي لتوليه السلطة.
وعندما حاولت بعض الفئات - مثل التجار والسائقين الجشعين - رفع الاسعار، تحدي السيسي ذلك ورفض الاستجابة لابتزازهم، ولجأ الى استخدام ما ينتجه جهاز الخدمة الوطنية بالجيش من منتجات غذائية لتقديمها للشعب على نطاق واسع من خلال منافذ بيع بأسعار زهيدة، وأوتوبيسات الجيش لمواجهة إضرابات السائقين، وكلف اجهزة الدولة بالإشراف على ضبط الأسعار في الأسواق، الامر الذي أجبر التجار والسائقين على الالتزام بما وضعته الحكومة من أسعار.
- وفي اطار تنفيذ مخطط متوسط المدى للنهوض بالبنية الاساسية، وإصلاح ما تهدم منها، بدأ السيسي حتى من قبل توليه الرئاسةوأثناء توليه وزارة الدفاع بعدة مشروعات يساهم فيها الجيش، أبرزها انشاء مليون مسكن خلال 5 سنوات بالتعاون مع دولة الامارات، والقضاء على العشوائيات وبناء مدن سكنية جديدة بديلة عنها، الى جانب المساعدة على حل مشكلة ابناء الشوارع بتجميعهم وتأهيلهم مهنيا في معسكرات تحت إشراف الجيش.. وبعد توليه الرئاسة أولى السيسي أهمية لبناء مدن جديدة ومنها عاصمة جديدة للدولة على طريق مصر - السويس على مسافة 60 كيلومتراً من السويس بدءا من عام 2016 وعلى المدى القصير وبجانب مشروع المليون مسكن قرر بناء 10.000 وحدة سكنية لمتوسطي الدخل بمساحة 110 - 150م بجانب وحدات صغيرة والبدء فوراً في انشاء 14 طريقاً جديداً دفعة واحدة بطول 4000 كيلومتر، مع إعطاء اهتمام للصعيد في مشروعات التنمية، واقامة محطات طاقة جديدة مع تنوع مصادر الطاقة لتشمل محطات للطاقة الشمسية والمائية وغيرها، والى جانب مشروعات البنية الاساسية والتي شملت الصرف الصحي ومياه الشرب، اهتم السيسي بتنفيذ مشروعات تهم المواطن وتحسن من حياته، وهو ما تمثل في المشروعات الصغيرة متناهية الصغر، هذا الى جانب قرارات بالحد الأدنى للأجور والأقصى للدخول، ورفع الضرائب على الاغنياء، وأيضاً جاري إعداد قوانين لرفع الضرائب على العقارات وعلى الدخول الطفيلية والريعية، ونقل السلع الغذائية في الأسواق من المنتج للمستهلك بعيداً عن السماسرة والوسطاء.
واداركا من السيسي لأهمية تحقيق الأمن الغذائى وتحقيق الاكتفاء في الغذاء، اولى السيسي وحكومته اهتماماً باستصلاح الاراضي بدءاً باستصلاح مليون فدان من اجمالي 4 ملايين فدان مستهدف استصلاحها الى جانب مد شبكات المترو لتغطي كل أحياء العاصمة مع ربطها بالمدن الجديدة حول القاهرة بدءا من مدينة العاشر من رمضان، وقد حرص السيسي على أن يكون صريحاً في احاديثه ووعوده للشعب المصري فصارحهم ولم يخف عليهم حقيقة فهمه وهى أن المصريين لن يشعروا بتحقيق جديد وثمار كل هذه المشروعات الا بعد عامين.
- وفي خضم هذه المواجهات، أصر السيسي على إعادة هيكلة الدولة، وترميم ما خرب منها في السنوات الماضية، وأن يعيد لها هيبتها مع اعطاء اهتمام خاص للقضاء على الفساد الذي استشرى في مؤسساتها بنفس روح القضاء على الارهاب، وذلك من خلال تفعيل تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الادارية، واستبعاد العناصر الفاسدة، ومحاكمة الفاسدين وعدم التستر عليهم أيا كانت مواقعهم، هذا مع المحافظة على استقلالية القضاء وعدم التدخل في احكامه رغم الضغوط الخارجية والداخلية والحرص على سرعة الفصل في القضايا لتحقيق مبدأ العدالة الناجزة الى جانب القضاء على روح التسيب والاهمال في الجهاز الحكومي، وإعادة الانضباط اليه والى الشارع المصري مع إعطاء الاسوة والقدوة بنفسه عندما بدأ العمل من السابعة صباحاً، ومعه رئيس الحكومة والوزراء، والتواجد دائما في الشارع لحل مشاكل الجماهير، والوقوف على واقع المشاكل في كافة مرافق الدولة والعمل على حلها على الارض وليس في المكاتب، وهكذا اختار السيسي وحكومته منهج المواجهة المباشرة للمشكلات بدلاً من منهج التأجيل القاتل للأجيال المقبلة فقد اختار السيسي وحكومته اجراء الجراحة بدلاً من اعطاء المسكنات للمشاكل، خاصة للاقتصاد المصري المريض، وقد احتاج هذا الاختبار الصعب من جانب السيسي أن يضع خططاً علمية وواقعية قصيرة وطويلة الامد للاصلاح، والاستفادة من العقود والخبرات المصرية المبعثرة في الخارج وتستفيد منها الدول الاخري وليس مصر.
وفي خضم مواجهة هذه المشكلات لم يغفل السيسي عن مواجهة مشكلات أمنية وسياسية حيوية مثل مشكلة سد النهضة في إثيوبيا حيث لم يتردد في الاجتماع برئيس إثيوبيا على هامش مؤتمر الوحدة الافريقية، وبحث معه المشكلة بعمق واتفقا على ضرورة حلها من خلال المفاوضات الثلاثية مع السودان بما يحقق لمصر الحصول على حاجتها من المياه، ومصلحة اثيوبيا في الحصول على الطاقة، وكان لنجاح النظام الجديد في مصر في الحرب على الارهاب ودعم الدول العربية له الأثر في استعادة مصر دورها الرائد في افريقيا بعد أن سعت جماعة الاخوان الخائنة الى عزلها افريقيا، كما قام السيسي بزيارة الجزائر مستعيداً العلاقات الطيبة القديمة بين البلدين، مما كان له أثر في تلبية الجزائر لمطالب مصر من الغاز.
وبنفس الروح قام السيسي بزيارة السودان لتأكيد حاجة البلدين للتعاون الوثيق في المجالات الأمنية والمائية والاقتصادية، رغم إدراكه ان نظام البشير نظام اخواني، ولكن كانت زيارته للخرطوم بمثابة اعادة الوعي لنظام البشير بخطورة تحدي الارادة المصري الرافضة لجماعة الاخوان، وخطورة استخدام نظام البشير في دعم هذه الجماعة والاستجابة لمخططات تنظيمها الدولي.
رؤية تحليلية
- عندما لخص الرئيس السيسي في لقائه الأخير مع رؤساء تحرير الصحف المصرية الموقف السياسي في مصر بأننا في حرب، داعياً إياهم وكافة طوائف الشعب الى مساندته، قائلا «اعينوني بقوة» انما كان يعني التأكيد على حقيقة أن مصر تخوض أكثر من حرب وعلى أكثر من جبهة في الداخل والخارج وفي وقت واحد، وهو أمر غير مسبوق في التاريخ المصري كله، وحتى الدول المجاورة لمصر في المنطقة، فإنها تخوض حروبا محددة ضد عدو واحد ومحدد، ولكن نحن في مصر نواجه حرباً ضروس في الداخل والخارج تشكل استباحة كاملة لا يمكن تصورها، ففي الداخل تخوض مصر حروباً ضد جماعة الاخوان الارهابية والقاعدة وداعش وانصار بيت القدس وأجناد الارض والبلطجية، اما على حدود مصر الخارجية فهناك فلتان أمني وتهريب أسلحة وذخائر وأموال على الحدود مع السودان وغزة وليبيا فوق الأرض وتحت الارض ومن البحر، ناهيك عن الدعم القطري والتركي الذي يقدم بلا حدود لجماعة الاخوان وحلفائها، من أجل إعادة هذه الجماعة للحكم أو إشراكها فيه بادماجها في الحياة السياسية مجدداً، وذلك رغم كل حوادث العنف والارهاب التي تورطوا في ارتكابها - وهذا بخلاف المؤامرات الاسرائيلية - الامريكية لإنهاك مصر وإدخالها في دوامة الفوضى والازمات الاقتصادية، ناهيك عن أثيوبيا وسد النهضة، وباختصار فإن أعداء مصر الكثيرين في الداخل والخارج متحفزون، وهذا جزء من مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أعلنه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش عام 2003 لإعادة تقسيم المنطقة على أسس عرقية وطائفية وقبلية من خلال اساليب الفوضى الخلاقة، ووسيلة أمريكا في ذلك الاعتماد على جماعة الاخوان الارهابية وحلفائها من التنظيمات الدينية المتطرفة، ورغم نجاح مصر بفضل الله بعد ثورة 30 يونية في تفشيل هذا المخطط، إلا أن أصحابه ومنفذيه مستمرون فيه بهدف اولى ومباشر وهو كسر الارادة المصرية التي تعوق تحقيق هذا المشروع.
- وإذا كان السيسي اعتبر نفسه مستدعي لمهمة وطنية أشبه بالحرب، جعلته يترفع عن بعض الامور التي تعتبر من أساسيات العمل السياسي في الدولة، معلناً أنه لا يسعى الى مكسب سياسي، أو المحافظة على رصيده الشعبي خوفاً من التآكل، او تسجيل بطولات وهمية، فهذا أبعد ما يكون عن أهدافه ومبادئه التي تفرض عليه أمراً واحداً هو العمل على تحقيق مصالح الشعب وأهدافه وآماله، خاصة الطبقات الفقيرة والمعوزة منه التي لم تحصل على الحد الأدنى من حقوقها المشروعة في العيش الكريم لسنوات طويلة ماضية، مراعيا في كل سلوكه إرضاء الله ورسوله أولاً والشعب المصري ثانياً، ولذلك يحرص السيسي على مخاطبة الرأي العام من آن لآخر، ليس فقط من اجل إعلامه بأبعاد الموقف الصعب الذي تواجهه مصر، بل ليطالب الشعب بكل فئاته وطوائفه أن يتحملوا المسئولية معه، ويشاركوه ويعينوه بقوة على تحمل المسئوليات الجسام الملقاة على عاتقه، كل على قدر طاقته، لذلك عندما طالب رجال الأعمال بالتبرع بمائة مليار دولار من أجل صندوق دعم الاقتصاد المصري، لم يكن ذلك خارج طاقاتهم بعد كل ما حققوه من مكاسب مادية طوال السنوات الماضية، بفضل ما حصلوا عليه من الوطن عن أموال وأراض وتسهيلات، وأنه آن الأوان ليردوا جزءا من جميل الوطن عليهم، ولكن للأسف لم يقدم رجال الأعمال لمصر سوي خمسة مليارات جنيه فقط لا تشكل سوى نصف بالمائة من المبلغ المطلوب، هذا رغم أن السيسي طمأنهم بأن لا عودة لسياسة التأميم والقطاع العام، وأن المجال مفتوح امام القطاع الخاص واستئناف أنشطته الاستثمارية، وأن المجالات كثيرة والفرص متعددة لذلك، بل إن بيانات وزارة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات تشير الى أن كثيراً من رجال الأعمال لم يسددوا الضرائب المستحقة عليهم والتي تقدر ما بين 70 الى 100 مليار جنيه وبما يشكل خزلانا لدعوة السيسي ولآمال الشعب المصري، والسؤال اليوم على لسان كل مواطن هو: إذا لم يساهم رجال الاعمال في إنقاذ سفينة الوطن الآن فمتى يتحركون؟!
- وقد حقق السيسي هذه الإنجازات المشرفة - بفضل الله - خلال شهر ونصف من رئاسته، وبفضل ثقة وحب المصريين له، وهذا ما جعل المصريين يقبلون بتقديم تضحيات في مجال ازالة الدعم عن الطاقة ورفع أسعار السلع، لأنهم يجدون في السيسي الأسوة والقدوة الحسنة، والقدرة على اتخاذ القرارات السليمة التي تتفق ومصالحهم، ولذلك فان طموحات المصريين في السيسي لا تنتهي، ولكن يجب أن نعترف بضعف التسويق السياسي والاعلامي لما حققه السيسي وحكومته من انجازات خلال هذه الفترة القصيرة منذ تنصيبه، ولذلك فإن الأمر يلزم ضرورة اتخاذ اجراءات موسعة تحافظ على الصورة الذهنية للرئيس عند شعبه، خاصة بعد أن اقتحم السيسي «عش الدبابير» الذي يضم المفسدين ومحترفي جمع المال الحرام والمتاجرين بأقوات الشعب والغشاشين والمدلسين، ناهيك عن الارهابيين والمتاجرين بالدين والدم ومؤيديهم وداعميهم في الداخل والخارج، وتشمل هذه الاجراءات القضاء على حالة السيولة في الشارع والتي تحتاج الى حور مستمر سواء بين الرئيس أو من يمثله والناس بصفة مستمرة لدعم توجهات مؤيديه والرد على الشائعات والمتربصين، وصياغة منظومة وعي جديدة، لأن هذا هو السلاح الأهم في المرحلة الحالية لمواجهة مؤامرات الداخل والخارج، وتربص ومؤامرات الحاقدين والانهزاميين والمحبطين، وإذا كانت حرب أكتوبر 1973 قد أثبتت أن المصريين لم ولن يكونوا جثة هامدة كما كان يظن ويعتقد أعداؤها، فإن ثورة 30 يونية وما تلاها من أحداث أثبتت وأكدت أيضاً أن المصريين صاروا أكثر وعياً وإدراكاً بحقائق الأمور، بل هم خط الدفاع الأول عن الدولة، ولكنهم يحتاجون دوما لمن يروون عطشهم بالمعلومات الحقيقية والايجابيات ويعطيهم الأمل دائما في غد مشرق، وألا يتركوهم فريسة للتشويش والاكاذيب، وهذه المسئولية الاولى لوسائل الاعلام والثقافة والنخبة السياسية تجاه مصر وشعبها.
- وإذا كنا بصدد الحديث عن الرئيس السيسي وانجازاته فانه ينبغي علينا ألا نغفل دور الخلفية التي جاء منها السيسي وهى المؤسسة العسكرية، والتي كان لها دور وتأثير كبير في صياغة شخصية السيسي وثقافته السياسية والأمنية، فضلاً عما قام به الجيش المصري من دور فاعل ومشرف منذ ثورة يناير ثم عقب ثورة 30 يونية وحتى اليوم من أجل الحفاظ على مصالح المصريين وحماية حرماتهم في مواجهة الارهاب الغاشم، فضلاً عن تسهيل حياة المصريين وإزالة المعوقات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تعيق نهوض مصر من كبوتها، خاصة وأن اعداء مصر في الداخل والخارج سعوا الى تشويه صورة الجيش المصري في أذهان المصريين ولكن شعب مصر كما كان سنداً لجيشه في حرب أكتوبر 1973، فقد أثبت هذا الشعب العظيم مساندته لجيشه أيضاً بعد ثورة 30 يونية وكان التفاعل الكيماوي بينهم عظيماً ومستمراً، وكان للسيسي نفسه دور وخطة لتحسين صورة الجيش لدى الرأي العام منذ توليه وزارة الدفاع وحتى اليوم، وهو ما يفرض بالتالي على وسائل الاعلام تعظيم صورة الجيش وإبراز انجازاته في كافة مجالات العمل الأمني والاقتصادي والاجتماعي، وإن كان الجيش ليس في حاجة لرعاية أو ترويج لما يقدمه من خدمات شعبية في حين يقتصر دور جيوش الدول الأخري على النطاق العسكري والجبهة الخارجية فقط، إلا أن الجيش المصري يعتقد أن ما يقدمه من خدمات عامة للشعب هو من صميم واجباته، إلا أن متطلبات الامن القومي تفرض على المؤسسات السياسية والاعلامية والثقافية توثيق ودعم العلاقات بين المصريين وجيشهم، بل إن ذلك من صميم متطلبات الأمن القومي الشامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.