أشياء عديدة لم تعجبنى تصاحب الآن إعادة فتح ملف مشروع توشكى.. أولها هذه الزفة التى نراها فى الإعلام الرسمى، من صحافة وتليفزيون.. وكأننا لا نتعلم.. وثانيها ما تابعته من كلام الوزراء المعنيين فى لقائهم بالرئيس السيسى، وبالذات وزير الزراعة الدكتور عادل البلتاجى.. إذ من الواضح أنهم ذهبوا إلى هذا اللقاء على عجل.. ولم يستعدوا، أو لم يذاكروا الملف جيداً.. فجاءت إجاباتهم تماماً مثل إجابة التلميذ البليد، الذى يركز كل همه على... «مسح التختة» خصوصاً فى نقطة الطاقة التى سوف تستخدم فى تشغيل المشروع هناك أى معدات الرى المحورى بالبيفوتات.. وكذلك معدات الحصاد.. فقد «تلجلج» هؤلاء فى الرد على أسئلة الرئيس السيسى، هل يستخدمون الكهرباء.. أم الديزل أم السولار.. وبسبب عدم تقديمهم إجابة مقنعة للرئيس.. عاد الرئيس يقول.. «أنا مش فاهم» كهرباء.. أم ديزل.. فإذا كانت هذه هى إجابات كبار المسئولين عن نقطة واحدة هى الطاقة فماذا عندهم، عن باقى التساؤلات! وأمام عدم وجود إجابة مقنعة.. أقفلت جهاز تليفزيونى.. حتى لا أصاب بمزيد من ضغط الدم.. لأن آفة مصر تتركز فيمن لا يفهمون.. بينما هم يصرون على أنهم.. من الفاهمين!! وواضح تماماً أننا الآن مثل التاجر عندما يفلس.. فيبحث فى دفاتره القديمة عما يمكن أن يجده.. لعل وعسى.. وهذا هو نفس المنطق الذى جعل الحكومة الحالية تعيد فتح ملف توشكى من جديد.. تماماً كما تحاول فتح ملف الرمال السوداء.. طيب يا حكومة لماذا لا تفتحين من جديد ملف مشروع فوسفات أبوطرطور، الذى أنفقنا عليه عشرات المليارات ثم تركناه حتى سرق اللصوص فلنكات وقضبان خط السكة الحديد من المناجم فى الصحراء الغربية إلى ميناء التصدير على البحر الأحمر، بعد أن يعبر الصحراء الشرقية. ومن المؤكد أن الزيارة التى بدأها أمس إلى توشكى المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء، مصطحباً معه الوزراء المعنيين وكبار المسئولين جاءت بتكليف من الرئيس السيسى، ليذهب إلى هناك ليرى على الطبيعة حقيقة الموقف، ثم يعود، ليقدم تقريره لرئيس الجمهورية، شىء آخر هو أننى قرأت وسمعت من المسئولين أنهم سوف يغيرون من أسلوب رى أراضى المشروع وكذلك فى المناطق التى تعمل الحكومة على استصلاحها يغيرون من أسلوب الرى بالغمر إلى الرى المحورى باستخدام البيفوتات بالنسبة للمساحات المفتوحة.. هنا أقول «بلا خيبة».. «فالذى يقبل حتى الآن الرى بالغمر فى هذه الأراضى الجديدة إما جاهل.. وإما «ستين جاهل» لأنه حرام أن نستخدم مياه الدرجة الأولى من بحيرة السد مباشرة فى الرى بالغمر.. بينما باقى أراضى مصر فى الدلتا وشمال الصعيد تعيد استخدام المياه مرتين وثلاثة.. فمتى نتعلم. أيضاً تعلمنا ونحن أقدم دولة زراعية فى العالم أنه بجوار كل ترعة وأي ترعة لابد من حفر مصرف، لاستقبال مياه الصرف الزائدة عن عملية الرى.. فهل تتضمن هذه المشروعات فى توشكى وغيرها حفر العديد من المصارف.. أم نترك الأمور حتى تغرق الأرض هناك «وتطبل» الأرض بسبب إسرافنا فى استخدام مياه الرى.. ونفاجأ بتلف كل هذه الأراضي، بعد قليل، كما حدث فى سيوة وفى الوادى الجديد كما أننا لم نقم بعملية «ترشيح أى فلترة.. المياه فى هذه المناطق بسبب ما فيها من حديد ومعادن.. حتى تغير لون سطح الأرض هناك إلى اللون الأحمر؟.. هذا يجعلنى أتساءل: أين مشروعات الصرف الزراعى، فى توشكى.. أم نعتمد هناك على أن الأرض رملية ذات تربة مسامية عالية تمتص أى فائض من مياه الرى، وإذا كان هذا صحيحاً.. فماذا عن قيمة المياه التى سوف نفقدها، وهى من الدرجة الأولى من النقاوة والنظافة، بينما مياه ترعة السلام الى سيناء من نصفين، إذ مقابل كل متر نأخذه من مياه النيل.. نضيف عليه متراً آخر من مياه الصرف الزراعى.. وكأننا بذلك نصدر الى أرض سيناء كل أمراض الأرض الزراعية فى الدلتا. وهذه جريمة. المهم أن يعود المهندس محلب من توشكى وأن ينقل للرئيس السيسى حقيقة الموقف هناك، حتى لا نخدع الرئيس كما خدعوا الرئيس مبارك فى المرة الأولى، عندما زينوا له أهمية وعظمة مشروع توشكى.. ثم نندفع.. لننفق على المرحلة الجديدة من توشكى مثل الذى أنفقناه على المرحلة السابقة.. دون عائد يذكر، حتى الآن. والنبى بطلوا زفة توشكى.. واستمعوا لكلام العلماء.. وليس لكدابى الزفة الموجودين فى كل عصر وأوان.. وشكراً يازميلى العزيز الأستاذ طارق تهامى، فيما كتبته أمس، فى الوفد وإشادتك بما أقول.