الدكتور «إبراهيم نجم» مستشار مفتي الجمهورية درس في الأزهر الشريف، وابتعث فضيلته إلي جامعة «هارفارد» بالولاياتالمتحدةالأمريكية كباحث زائر في كلية القانون بقسم دراسات الفقه الإسلامي، وقام بإلقاء المحاضرات وعقد السيمنارات المتعلقة بدراسة الفقه الإسلامي، وحصل علي درجة الماجستير في الدراسات اللاهونية من جامعة «إنديانا» الأمريكية، ثم نال درجة الدكتوراه في مجال الدراسات الإسلامية والعلاقات المسيحية من ولاية «إنديانا» الأمريكية، وشغل «نجم» منصب مدير المركز الإسلامي للساحل الجنوبي بنيويورك منذ عام 1998 ومدير المؤسسة الإسلامية للتعليم والتربية بنيويورك ومستشار الشئون الدينية في مقر الأممالمتحدة بنيويورك، وأستاذاً بالجامعة الاسلامية عبر الانترنت، وأخيراً مستشاراً لفضيلة مفتي الديار المصرية منذ عام 2006 حتي الآن، واختير «نجم» من بين خمسمائة من مسلمي الولاياتالمتحدةالامريكية في احدي الموسوعات الامريكية وهو عضو بالاكاديمية الامريكية للأديان وهو مجمع أكاديمي يهتم بقضايا الحوار بين الأديان والحضارات وأسس مركز الحوار بين الأساقفة الكاثوليك ومسلمي الساحل الشرقي للولايات المتحدة، التقينا فضيلته بمكتبه بدار الافتاء، ومن ثم حاورناه فماذا قال؟!. في البداية ما أبرز التحديات والمخاطر التي تواجه الأمة الإسلامية وما السبيل للخروج منها؟ تتمثل هذه التحديات والمخاطر في ظاهرة الفرقة والشقاق والخلاف بين أصحاب المعتقد الواحد، وأيضاً غياب أدب الحوار وارتفاع وتيرة التخوين والطعن في الآخر ومصادرة آرائه وفرض الوصاية علي كل ما يصدر منه، وهذا داء خطير علي المسلمين، كما أن ظاهرة التسطيح الديني تعد من أهم التحديات التي تواجه الأمة والتي تركز علي المظهر الخارجي والقشور بعيداً عن جوهر الدين الإسلامي بما يمتاز به من قدرة علي التعامل في إيجاد الحلول الناجعة لكل ما يستعصي علي المسلم، والأخطر من كل ذلك هو الخلط في المفاهيم بين كل ما هو سياسي وديني وبين ما هو ديني وعام وبين ما هو فتوي وما هو رأي، كل هذا من شأنه أن يخلق حالة من الضجيج والفوضي في المجتمع والتي يستحيل معها التوصل إلي أية حلول للأزمات التي تواجه الأمة ولكي نتغلب علي كل هذا لابد من أن نتخلق بأخلاق النبي صلي الله عليه وسلم ونهتدي بهدي الإسلام بعيداً عن التشدد والمغالاة والالتزام بالوسطية والاعتدال ولابد من إخلاص النية لله تعالي والعمل علي خدمة الدين الإسلامي. عملت مديراً للمركز الإسلامي للساحل الجنوبي بنيويورك من واقع خبرتكم هل تري أن هذه المراكز الإسلامية تؤدي الدور المنوط بها في خدمة الدعوة الإسلامية، وما الآليات التي يتبعها في سبيل تحقيق أهدافها؟ هذه المراكز تؤدي دوراً كبيراً في خدمة المسلمين المقيمين في أمريكا وغيرها من الدول الأوروبية فهي تحاول جاهدة ربط الجاليات الإسلامية بدينهم وعقيدتهم الصحيحة، وتحاول أن تبين لهم جوهر الإسلام وأخلاقياته، خصوصاً مع السياقات المختلفة التي يعيشون وسطها في هذه المجتمعات، وبالتالي اهتمامهم بالدين الإسلامي والمحافظة عليه يواجهه تحديات وعقبات كثيرة وبدأت الجاليات بالفعل في الخارج، في إقامة المؤسسات الدينية والمراكز الإسلامية والمدارس الإسلامية أيضاً لأولادهم، ولكن يبقي أن يستمروا في هذا الأمر لأن هذه هي البداية. وهل دار الإفتاء تتواصل مع الجاليات الإسلامية هناك؟ بالفعل دار الإفتاء لها تجربة تحاول من التقنيات الحديثة التواصل مع كل الجاليات الإسلامية في شتي بقاع العالم واستطاعت أن تتعامل من خلال موقعها بأكثر من لغة، نظراً لأن معظم الجاليات في العالم لا يتحدثون بالعربية، وبالتالي كان حرصها علي التعامل بأكثر من لغة بغية الوصول إلي أكبر شريحة ممكنة للمسلمين علي مستوي العالم. بصفتك عايشت المجتمع الأمريكي كيف تنظر القاعدة الشعبية العريضة في الغرب للإسلام؟ القاعدة الشعبية في أمريكا بطبيعتها منصفة وليست لها انطباعات مسبقة عن الإسلام لكن المشكلة تكمن في الإعلام الذي يروج الكراهية لكل ما هو إسلامي بحيث يغير انطباعات هذه الشريحة، لكن الوضع مختلف علي الجانب الرسمي، فالسياسات الحكومية الأمريكية تحكمها المصلحة البحتة، وغالباً ما تكون أحادية الجانب وليست موضوعية. إذن في رأيك من المسئول عن تغيير هذه النظرة للإسلام؟ لابد أن نقول إن المسئول الأول عن تغيير هذه الانطباعات وهذه النظرة أحادية الجانب عند هذه الشرائح هم المسلمون أنفسهم، لأن هناك فجوة كبيرة علي الرغم من أن المنظمات الإسلامية تصحح كثيراً من الأمور والمفاهيم المغلوطة عن الإسلام والمسلمين لكن النظرة لم تصل إلي المستوي المرضي بعد، نحن نحتاج إلي مزيد من الجهد، مزيد من العمل من خلال الأزهر الشريف وعلماء الأزهر الذين يحملون المنهج الوسطي ولديهم من القدرة علي التواصل مع كل الأطياف لتوضيح جوهر الدين الإسلامي الصحيح. هناك العديد ممن ينادون بإصلاح الأزهر للرقي به, في رأيك - باعتبارك أزهرياً -ما الذي ينقص مؤسسة الأزهر في مصر؟ الأزهر يقوم بمجهود ضخم في خدمة الدعوة الإسلامية في الداخل والخارج وبدأ يستعيد دوره في الوقت الحاضر والمطلوب من الأزهر في هذه المرحلة الفارقة هو مزيد من التواصل مع العالم الخارجي والتفاعل مع مشكلات العالم الإسلامي بشكل كبير، وأنا علي ثقة في الله تعالي أننا أمام نهضة ثانية للأزهر ورجاله في القريب العاجل. أخيراً.. كيف تكون العلاقة الصحيحة بين علماء الدين ورئيس الجمهورية؟ العلاقة بين رجل الدين والحاكم لابد أن تحكم بإطارين أولهما استقلال رجال الدين وعدم الوصاية عليهم، وثانيهما أن يقدم رجل الدين النصح للحاكم في وسط المناخ الديمقراطي الذي تتمتع به مصر بعد الثورة، فلابد أن تعمل المؤسسات الدينية باستقلالية تامة انطلاقاً من دورها ورسالتها بعيداً عن الاملاءات والوصاية عليها من قبل السلطة بغرض تطويع الدين لخدمة أغراض سياسية.