تتعرض صناعة الأثاث حالياً لأزمات تكاد تعصف بأصحاب هذه الصناعة والتى وصلت لدرجة تهديدها لأكبر صرح لصناعة الأثاث وهى مدينة دمياط، حيث اضطر ما يقرب من نصف الورش البالغ عددها 50 ألف ورشة إلى غلق أبوابها وذلك بعد أن وصلت أسعار خامات الأخشاب إلى معدلات فلكية بعد ارتفاعها بالأسواق الخارجية بفعل الدولار، فقد سجل «الخشب السويدى» ارتفاعا بلغ 700 جنيه فى المتر ليصل إلى 2500 جنيه للمتر، أما «الخشب الزان» حوالى ألف جنيه ليبلغ 4 آلاف جنيه فى المتر، ووصل «الخشب الأرو» إلى سعر قياسى ليبلغ 11 ألف جنيه بدلا من 8000 جنيه العام قبل الماضى، بالإضافة لمزاحمة الأثاث الصينى لصانعي الأثاث بالسوق المصرى . من جانبه أكد وائل مبشر عضو الشعبة العامة لمستوردى الأخشاب باتحاد الغرف التجارية أن سوق الأثاث يختلف وضعه عن باقي الصناعات بمصر، موضحاً أن كل خاماته يتم استيرادها من الخارج بدءا من الأخشاب ومرورا بالدهانات وحتى تنتهى مرحلة صناعته بالإكسسوارات، واشار إلى انه للأسف كان لارتفاع سعر الدولار والخامات بالخارج تداعياتها على سوق الأثاث والمنتج النهائى، الأمر الذى نجم عنه ركود حاد فى هذا المجال. ووصل الحال بهذه الصناعة إلى غلق أكثر من 20 ألف ورشة بدمياط خلال أكثر من عامين بعد الثورة. وأضاف «مبشر» أنه بسبب هذا الارتفاع الحاد فى الأسعار بدأ الأثاث الصينى فى مزاحمة الأثاث المصرى، مستغلا ضعف القدرة الشرائية للمواطن على الرغم من سوء جودتة، حيث إن مدخلاته عبارة عن أخشاب مصنعة وورق كرتون ولذلك لم يقو على منافسة المحلى الذى يتم تصنيعه من الأخشاب العالمية مثل «السويدى» و«الزان». ويطالب عضو الشعبة العامة بضرورة إيجاد حلول عاجلة، خاصة أن الأزمة مستمرة فى ظل ارتفاع الخامات وتدهور السوق المصرى اقتصاديا، ودعا إلى الاتجاه لإقامة منطقة صناعية حرة لتصنيع الأثاث بدون رسوم جمركية أو ضرائب على غرار مدينة بورسعيد، لافتاً إلى أن فكرة إقامة مدينة متكاملة سوف تسهم فى تطوير الصناعة، بالإضافة لإمكانية توفير الخامات المعفاة من الجمارك، وبالتالى القدرة على التصدير للخارج ومنافسة المنتجات الأخرى فى الأسواق العالمية، خاصة أن الموبيليا المصرية لها سمعة جيدة فى الأسواق الخليجية. وكشف محسن التاجورى رئيس شعبة تجار الأخشاب بغرفة القاهرة التجارية عن تكدس الأخشاب بمخازن التجار بسبب عدم الإقبال على شرائها من قبل مصنعى الأثاث، وأرجع ذلك الى سببين هما ارتفاع سعر الأثاث بسبب الخامات والزحف الصينى السيئ الجودة والذى يتم تصنيعه فى مصانع تحت بير السلم ولكنه يباع بأسعار متدنية ولذلك يجد قبولا لدى البعض. وشدد «التاجورى» على أهمية أن تلزم الحكومة الجانب الصينى بشهادة الجودة كشرط لدخولها السوق المصرى، وأوضح أن الشعبة تبحث كيفية خروج الصناعة من أزماتها، كاشفاً عن طرح عدة مقترحات بإنشاء مدينة حرة صناعية متكاملة أو مساعدة أصحاب الصناعة على التصدير للأسواق العربية من خلال إقامة معارض دائمة للأثاث بها، وخاصة أن الأثاث المصرى يتمتع بسمعة جيدة هناك. وأكد محمد عبدالعزيز صاحب معارض الفنون الجميلة للموبيليا أن هناك عدة أسباب لارتفاع الأسعار أبرزها وصول أسعار الخامات إلى أرقام فلكية وارتفاع أجور العمالة فى ظل غياب العمالة الماهرة من هذه الصناعة، وحول تأثيرات الموبيليا الصينى على الصناعة أوضح أن ارتفاع أسعار صناعة الأثاث المحلى وراء لجوء المستهلكين لشرائها، وأشار إلى أن الصناعة محملة بأعباء إضافية، تتمثل في أن معظم مواد التشطيب والإكسسوارات مستوردة من الخارج بجانب الأخشاب، مما يدفعنا لمحاولة الحد من الاعتماد على استيراد مكوناتها بالكامل، وذلك من خلال محاولة تصنيع مواد الدهانات والخامات الأخرى والتى نستطيع إيجاد بديل محلى لها. وأضاف أن النمط الاستهلاكى للمواطنين قد تغير فأصبح الاهتمام بالنمط البسيط فى الموبيليا بدلا من الموبيليا الضخمة، بسبب ضيق مساحات الشقق السكنية، بالإضافة لعدم القدرة على شراء الموديلات الفخمة، ولذلك فالصناعة اذا لم يتم حمايتها في ظل تبني خطط جديدة لتطويرها وفتح أسواق خارجية فسوف تنقرض خلال 10 سنوات، مطالبا بالاستغناء عن معظم المدخلات المستوردة للصناعة والتى بإمكان الصناع بمصر تصنيعها. وأشار إلى إقامة القوات المسلحة مصانع مغذية للصناعة، حيث بدأت بإنتاج دهانات للتشطيب، ورغم أنها أقل جودة من مثيلها المستورد ولكنها خطوة على الطريق. وعلى العكس لا يرى على المبشر سكرتير عام الغرفة التجارية بمحافظة دمياط أن هناك أزمة تهدد صناعة الأثاث، معتبرا ارتفاع الأسعار وضعا طبيعيا لا يتحمل مسئوليته المصنعون أو المسئولون، نظرا لأن مصر دولة غير منتجة للأخشاب، فهناك متغيرات سعرية بالخارج بالإضافة لارتفاع سعر الدولار، وشكك فى قدرة الأثاث الصينى على منافسة المنتج المحلى وخاصة فى دمياط، ويرى أن الحل الوحيد للنهوض بالصناعة هو إقامة مجمع صناعى بمدينة دمياط مع معاملة الصناعة بنفس نظام المخابز، وهى قيام الحكومة بدعم الطاقة لفترة قصيرة حتي تتمكن من العودة إلى ازدهارها مرة أخرى.