يدخل شهر رمضان على المسلمين جالبا معه الاحتفالات من صلاة تراويح، زيارة الأقارب، العزائم والفوانيس إلا أن لرمضان وجه آخر فى الصين، فيُمنع بالإكراه مسلمو منطقة "شينجيانج" من الصوم، ويجبروا على تناول الأطعمة فى نهار رمضان عن طريق السلطات الصينية بل ويتلقى الذين يفطرون علنا إشادة وترحيبا والحقيقة أن منع المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية فى "شينجيانج" ليس جديدا ولكن أصبح أكثر تشددا خلال السنوات القليلة الماضية وتعكس هذه الإجراءات تفاقم قمع السلطات الشيوعية فى هذا الإقليم الشاسع للمسلمين. فالكثير من المسلمين لا يعلمون أن ما يدعى (إقليم شينجيانج) كان فى الأصل (تركستان الشرقية), ولكن قامت الصين بتغيير اسم البلد لتنزع منه الصبغة الإسلامية من تلك المساحة الكبيرة البالغة 1,6 مليون كم, والتى يمثل المسلمون فيها أغلبية بنسبة 90%, وهو ما أزعج الحكومة الصينية التى تحاول بشتى الوسائل تقليل هذه الأغلبية من خلال سياسات الاضطهاد والتهجير. وفتحت تركستان فى عهد الخليفة الأموى "عبد الملك بن مروان" على يد قائده الباسل "قتيبة بن مسلم الباهلي" الذى تمكّن فى الفترة من (83- 94ه - 702- 712م) من السيطرة على ربوع التركستان ونشر الإسلام بين أهلها. وتوطد الإسلام فى تركستان الشرقية، سنة (322ه - 934 م)، بعد ما اعتنق الخان "ستاتول بوجرا" الإسلام، وأسلم لإسلامه معظم السكان، وبمرور الوقت أصبح شرق تركستان مركزًا رئيسيًا من مراكز الإسلام فى آسيا. ويذكر الباحثون أن اسم تركستان ينقسم إلى كلمتين: "ترك" و"ستان" ومعناها أرض الترك, وقد نالت استقلالها لفترة وجيزة عن الصين عام 1944, إلا أن قيام ثورة عام 1949 والإعلان عن قيام الشيوعية فيها أعادت تركستان الشرقية إلى الاحتلال الصينى مرة أخرى. ووفقا لوثائق أعدتها مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة فإن سكان تركستان الشرقية من أكثر الشعوب المضطهدة التى تعرضت للغزو على ظهر الأرض. وتاريخ الاضطهاد الصينى لمسلمى الإيجور طويل يعود إلى عام 1863 حيث قتل الصينيون من مسلمى الايجور أكثر من مليون شخص, واستمر الاضطهاد فى عام 1873م فى عهد أسرة كينج, ليأتى عام 1949 داميا أيضاً بعد انتهاك الجيش الصينى الشيوعى لسيادة تركستان الشرقية واستقلالها, وضمها ثانية إلى الصين. ويبدو أن أشكال الاضطهاد متعددة, ومنها توطين الصينيين بتركستان الشرقية وتهجير المسلمين الإيجور منها ليصبحوا أقلية فى الأقاليم الصينية كافة, تطبيق قانون (الولد الواحد للعائلة الواحدة) على مسلمى الايجور خاصة للتقليل من أعدادهم, تلويث البيئة فى تركستان الشرقية من خلال إجراء التجارب الذرية الصينية هناك, وهدم مساجدهم وإزالة مدارسهم ومنع الشباب والنساء من الذهاب للمساجد لأداء الصلاة والتعلم وحفظ القرآن، واعتقلت السلطات الصينية السيدات اللاتى يدرسن مبادئ الإسلام, واتهامهم الدائم والمستمر بالإرهاب رغم براءتهم منه لتبرير عمليات الاضطهاد والعنصرية الممارس عليهم. ورغم هذا الكبت والاضطهاد للمسلمين إلا أنهم ما زالوا صامدين وثوراتهم لم تتوقف ضد السلطات القمعية، ومنها ثورة (1386ه - 1966م) فى مدينة "كاشجر"، التى حاول فيها المسلمون أداء صلاة عيد الأضحى داخل أحد المساجد، فاعترضتهم القوات الصينية وارتكبت فى حقهم مذبحة بشعة، وانتشرت الثورة فى الإقليم، وقام المسلمون بحرب عصابات ضد الصينيين، واستشهد فى هذه الثورة -خلال أحد شهورها- حوالى 75 ألف شهيد، ولا تكف الأخبار عن تناقل أنباء انتفاضات للمسلمين فى تركستان الشرقية ضد الاحتلال الصينى الدموى اللا إنساني.