كتابة التاريخ للدراما ليست بالأمر السهل.. فهى تحتاج إلى دراسات وقراءات متعددة للشخصيات التاريخية، وعلى مدار الأعوام الماضية اشتهرت الدراما التاريخية بأيدى كتابها من الرجال، إلى أن اقتحمت هذا المجال لكسر قاعدة هذه المقولة المبدعة «لميس جابر» لتصنع أحداثاً درامية نسجتها رؤية امرأة التف حولها المشاهد العربى فى أركان العالم، فى مسلسل الملك فاروق، فصنعت خلطة إبداعية عالية الجودة، وتحاول الكاتبة الكويتية «هبة مشارى» أن تسير على هذا النهج، واقتحمت التاريخ المصرى من أوسع أبوابه ووقع اختيارها على مرحلة مهمة فى عمر مصر وهى فترة حكم الخديو إسماعيل، لتنسج منها مسلسلاً يعد الأول من نوعه فى إنتاجه لينافس الدراما التركية بقوة، رغم أن مشارى لن تعيش فى مصر ولكنها تعتبرها وطنها الثانى، وتاريخها يهم العرب أجمع.. نحاورها لنعيش معها فى حرملك «سرايا عابدين». كيف كان اختيارك لاسم سرايا عابدين؟ - وضعت أكثر من اسم.. ووقع الاختيار على سرايا عابدين نظراً لأنها تضم جميع الشخصيات محور العمل وقصر الحكم، وله قصة مثيرة فهو يرجع إلى أحد القادة العسكريين فى عهد محمد على باشا، وكان يمتلك قصراً صغيراً فى مكان القصر الحالى، وبعد وفاته وتسلم الخديو إسماعيل لمقاليد الحكم فى مصر عام 1863، اشترى القصر من أرملة القائد، وأمر فوراً ببناء القصر، الذى يعتبر بمثابة انطلاقة لعصر «مصر الجميلة»، التى نافست أوروبا والغرب فى سحرها وجمالها ونظافتها، وبعد تشييد القصر انتقل إليه الخديو إسماعيل عام 1822 مع أسرته وحاشيته وخدمه، وترك قلعة صلاح الدين التى كانت مقراً للحكم منذ تشييدها عام 1171. يتساءل البعض كيف تكتب كاتبة كويتية تاريخ مصر؟ - التاريخ ملك الجميع، ونحن كعرب دائماً لدينا شغف لقراءة تاريخ وحضارة مصر فهو مادة ثرية تداعب خيال أى كاتب، وشخصية الخديو إسماعيل استهوتنى وقررت أن أوظفها فى عمل درامى، وساعدتنى «إم بى سى» بإنتاجها الضخم المتميز، ووظف المخرج عمروعرفة لصورة مبهرة بأبطاله والأزياء والإكسسوارات، وأحسست أننى أمام عمل عالمى. شخصية إسماعيل باشا مليئة والفضل فى تخطيط شوارع وميادين مصر وإنشاء محافظة الإسماعيلية التى حملت اسمه له، هل يرصد العمل براعته فى التخطيط العمرانى لمصر؟ - سرايا عابدين مليئ بالأحداث، وأود أن يرد المسلسل على سؤالك حتى لا أحرق أحداثه، فالخديو إسماعيل درس فعلاً علوم الهندسة بباريس، ونقل العمارة الفرنسية إلى مصر، وهذا ما نشاهده فى ميادين مصر مثل شارع الفجالة وكلوت بك ومحمد على والأوبرا وأحياء كثيرة ونسق حديقة الأزبكية وأنشأ كوبرى قصر النيل. هل تتطرقين إلى الحياة الشخصية للخديو وعلاقته بالملكة الأم؟ - يتمركز العمل على محور أساسى للخديو.. وهو حياته وكيف تدار ويتطرق العمل إلى الجوانب الشخصية داخل السرايا وعلاقته مع أمه الملكة وزوجاته الأربع وحياة كل من عاش فى القصر من كبار القوم وحياة الخدم والجوارى والصراعات التى حدثت. تميزت كتاباتك الخليجية وشاهدنا لك أعمالاً كثيرة.. فما هو اختلاف الكتابة بين الخليجى والتاريخى؟ - الأعمال الخليجية بدأت من سنوات تأخذ حيزاً كبيراً على الفضائيات، وأحسست ككاتبة كويتية أن دورى هو إظهار العادات والتقاليد فى الخليج، مع تأثير التكنولوجيا والعولمة على المجتمع، والقصص مليئة بالحكايات، أما التاريخى فيحتاج لوقت فى الكتابة من الاستعانة بالمراجع والاطلاع على الأحداث التاريخية، كما أن كتابتها تأخذ مجهوداً ذهنياً كبيراً. لماذا تتشابه أعمالك مع الدراما المصرية، ويقال إن مسلسلاتك تستلهمين فكرتها من الأعمال المصرية؟ - نحن نعيش فى مجتمع واحد، لنا نفس العادات والطباع، فالعالم العربى يتكلم لغة واحدة، فطبيعة الأسر واحدة لها نفس الخلافات الأسرية والأفكار، والتشابك بين الأجيال والأعمال المصرية عملاقة لها لدينا مردود وحب كبير، تعلمنا من مصر الإبداع والفن، واحتضنتنا حضن الأم المصرية فى أزمتنا مع العراق، فمصر فى القلب هى وفنها. هل سرايا عابدين منافس قوى لحريم السلطان أو للأعمال التركية بصفة عامة؟ - نحاول أن يكون لنا أعمالنا المستقلة، فهو مسلسل متكامل العناصر يبهر المشاهد وسيكتسح جميع الأعمال التركية لأنه يشبهنا ويتحدث لغتنا، فليس مترجماً كما أن الإكسسوارات والأزياء بطل فى العمل، والتصوير فى قصر عابدين أعطى مصداقية للمسلسل والمشاهد سيرى تحفة معمارية. تحاولين إعادة تجربة الكتابة لأعمال مصرية فى المستقبل؟ - من منا لا يحلم بأن يكتب للشعب المصرى فهو ذواق للفن وسر نجاح أى شخصية عربية، فهوليود الشرق تمنح النجومية للجميع، وآمل أن ينجح «سرايا عابدين» حتى أفكر فى الكتابة مرة أخرى لعمل مصرى.